جال وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب على المشاريع التي نفذها وينفذها نائب رئيس الحكومة عصام فارس، حيث اقام له نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس وعقيلته السيدة هلا استقبالا و مأدبة غذاء تكريمية على شرف الوزير الضيف في دارتهما في بينو لمناسبة زيارته للمنطقة بحضور النواب نضال طعمة، هادي حبيش، خضر حبيب، والنواب السابقون وجيه البعريني ، مصطفى هاشم ، محمد يحيى، مفتي عكار الشيخ الدكتور اسامة الرفاعي، راعي ابرشية عكار وتوابعها المتروبوليت باسيليوس منصور، ورؤساء اتحادات وبلديات وفعاليات امنية وروحية وسياسية.
وقد رحب مدير اعمال فارس في لبنان المهندس سجيع عطية بالوزير دياب في بيته، معتبرا ان وجوده يعطي اهتماما ورعاية لمنطقة عكار التي هي من أهم مناطق لبنان. وشكر عطية كل الحاضرين منوها بالعلاقة المميزة بين المتروبوليت باسيليوس منصور ومفتي عكار الشيخ الدكتور اسامة الرفعي التي تشكل نموذجا متطورا، يعطي كل الاطمئنان آملا ان يعم كل لبنان.
وتوجه عطية الى النواب الحاليين والسابقين منوها بالجهود التي بذلوها ويبذلونها في سبيل تنمية عكار.
واكد عطية للوزير دياب ان مشاكل عكار كبيرة وكثيرة وبحاجة لاهتمام كبير من الدولة خاصة وان هذه المنطقة تشكل 10في المئة من مساحة الوطن، وان السادة النواب يسعون الى ايصال صوتها الى الحكومات المتعاقبة والقادمة كي يكون هناك اهتمام اكبر.
كما رحب عطية بالضباط الامنيين مهنئا على ترقيتهم وشاكرا جهودهم في توفير الامن في المنطقة، كذلك شكر كل الفعاليات الروحية والاجتماعية المشاركة، معتبرا ان وجود الوزير في هذا اللقاء يشكل فرصة امل كبيرة ،آملا ان تكون عكار مجموعة دائما.
ورحب عطية بوفد جامعة البلمند الذي قدم شرحا مفصلا للوزير عن معهد عصام فارس الجامعي للتكنولوجيا، مشيرا الى ان هذا المعهد سيحمل كل عناوين النهضة العلمية والاجتماعية والتربوية.
الوزير دياب رد من جهته شاكر ا فارس وعقيلته على الاستقبال والضيافة، وعلى كل التحضيرات التي قاموا بها وان بصمات الايادي البيضاء لدولته موجودة في كل مكان مهنئا ابناء عكار ومهنئا نفسه بالانجازات العظيمة ان كان على مستوى جامعة البلمند ونوعية البرامج المميزة بالنسبة للاختصاصات التي تتلاءم ومتطلبات سوق العمل، ام بالنسبة لأكثر من اربعين الف منحة تربوية قدمها فارس على مدى سنوات، كذلك نوه دياب بالمحمية الجميلة وكل المشاريع المميزة لدولته.
واعتبر ان منطقة عكار التي يزوروها للمرة الاولى هي من اجمل مناطق لبنان والشرق الاوسط، ليس بطبيعتها فقط بل بناسها ايضا، حيث شعر بانه جزءا هذه العائلة الكبيرة.
ورأى الوزير دياب ان عكار منطقة محرومة على الصعيد التربوي والاصعدة الاخرى آملا ان يتمكن بالتعويض عن حرمانها بقدر استطاعته، معربا عن الاستعداد الكامل للتعاون مع النواب وكل المخلصين لتحقيق هذه الغاية، مذكرا بالخطة الانقاذية للتربية والتعليم العالي التثي اعلنها منذ اسابيع وان هناك مجالات واسعة للتعاون مع اللجميع لمعالجة ما امكن من المشاكل الموجودة.
وكان الوزير حسان دياب قد ترأس في مكتب نائب رئيس الحكومة السابق في حلبا لقاء تربويا موسعا مع مديري المدارس والثانويات الرسمية في عكار في مركز عصام فارس في حلبا، حيث تم التداول في الحاجات التربوية للمدارس وسبل تطوير القطاع التربوي في المنطقة، وذلك بحضور مدير أعمال عصام فارس في لبنان سجيع عطية، النائب نضال طعمة، النائب السابق وجيه البعريني، قائمقام عكار بالتكليف رلى البايع، وحشد كبير من رؤساء بلديات المنطقة ومدراء المدارس، والفعاليات التربوية.
البداية مع النشيد الوطني ثم ألقى عطية كلمة “نائب رئيس الحكومة السابق” عصام فارس مؤكدا “أن الهم التربوي وكيفية تطوير هذا القطاع يقع في طليعة إهتمام مؤسسة فارس التي تعمل على تسخير كل الطاقات لرفع الحرمان عن المنطقة، وهي عمدت دائما الى تقديم العديد من المساعدات عبر تكريم المدرس والمساهمة في بناء المدارس وتقديم المنح المدرسية والجامعية، وهي اليوم بصدد بناء معهد جامعي ولكننا نتطلع الى دور الدولة التي لا بديل عنها”. ولفت عطية الى “أن عكار تعاني منذ سنين من الغياب الرسمي عنها وهي اليوم تتفاءل بزيارة وزير التربية بهدف تطوير قطاع التربية وتحقيق الانماء المتوازن لجعل عكار في وسط الدولة”، داعيا “الحكومة الى عقد مؤتمر إنمائي في عكار لمعرفة إحتياجات المنطقة ووضع توصيات لتكون الأسس التي يجب الارتكاز عليها في عملية الانماء”.
ثم كانت مداخلة الوزير دياب وقال فيها:
تقاس فعالية الانظمة التربوية وفقاً للمنطلقات والاهداف المرسومة لها، وهي، وبغض النظر عما قد يحدده كل بلد في هذا المجال، انما وجدت لخدمة الانسان والرقي بالحياة الانسانية نحو الافضل، وبالتالي للحفاظ على القيم الانسانية وبناء الأسس التربوية عليها، كالديموقراطية، والحرية، ونبذ اي شكل من اشكال التمييز والعنصرية، واحترام الآخر في تقاليده وفكره ومعتقده، الى غير ذلك من الافكار والمعتقدات السامية.
اضاف: كما يجب أن لا يخفى علينا في لبنان أن نتبين ما للتربية والتعليم من دور حاسم في حياة الشعوب وفي تقدمها وازدهارها، وبخاصة في ميدان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي ارساء مقومات التنافس ضمن أطر ايجابيةً وبناءةً، في عصرنا هذا، عصر الانترنت والاسواق المفتوحة، وفي ظل العولمة الزاحفة علينا. ان حس التنافس هذا هو ما دفع بالأميريكيين الى الشعور بالخطر حين نجح الاتحاد السوفياتي في النصف الاول من القرن الماضي بإرسال بعثته الاستكشافية الاولى الى القمر، وكان الحل حينها عبر اصلاح قطاع التربية والتعليم في الولايات المتحدة. كما وجدت اليابان عقب خسارتها في الحرب العالمية الثانية المخرج لها بإعادة النظر في منظومتها التربوية، وهو ما فعلته أيضاً بلدان أخرى هي اليوم في مقدمة الدول المتقدمة، كالبلدان الاسكندنافية وسنغافورة وغيرها.
لذلك بات علينا في لبنان أن نقدر مدى حاجتنا لأعادة النظر في منظومتنا التربوية لنعرف أي تربية وتعليم نريد؟
ان ماضي لبنان وطبيعته وموقعه وغناه الفكري والثقافي، المتجسد بتنوع طوائفه ومذاهبه، وما يتصف به القرن الواحد والعشرين من خصائص ومميزات ومتغيرات من شأنه أن يتيح لنا ان نحدد ببساطة ما ننشده من نظامنا التربوي. علماً بأننا وللأسف لا نلمس حالياً في خريجي مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا هذا الاندماج الاجتماعي المنشود بعيداً عن التعصب الطائفي او المذهبي، فضلاً عن عدم توفر المؤهلات لديهم لمواجهة متطلبات العصر ومقتضياته، من هنا بات الواجب علينا أتخاذ موقف مخلص وصادق لأستعراض المشاكل التي يعاني منها نظامنا التربوي الحالي، ليتسنى لنا وضع الحلول المناسبة. واننا نأمل أن يفتح لقاؤنا اليوم نافذةً على هذا الحل المنشود.
مشاكل القطاع التربوي
من المؤسف حقاً أن تعلن حقائق تربوية لا بد من التصدي لها ومعالجتها ومنها:
1- أسباب تتعلق بالكوادر البشرية (تعليمية، إدارية، فنية)
أ. ضعف المؤهلات في مادة الاختصاص لدى العديد من افراد الهيئة التعليمية.
ب. ضعف المؤهلات التربوية وعدم المام الكثير من افراد الهيئة التعليمية بفنون وطرائق التدريس واساليب التقييم.
ج. عدم الزامية التعليم المستمر للقائمين بخدمات التدريس (Continued Education).
د. عدم توافر مقومات ومتطلبات التعليم مدى الحياة (Life Long Learning).
ﻫ. انحسار اخلاقيات مهنة التعليم بإعتبارها رسالة نبيلة، شريفة وسامية، ولا تخضع لاي اعتبار آخر.
و. ضعف المؤهلات لدى العديد من الموظفين الاداريين وانعدام الدوافع لديهم نظراً لغياب نظام حوافز مرتكز على تقييم للاداء.
2- أسباب تشريعية وتنظيمية
أ. قدم النصوص التشريعية والتنظيمية وعدم ملاءمتها للواقع ولمقتضيات التطور التطوير.
ب. الانكشاف الفاضح في التشريع وفي التنظيم عبر مراسيم تطبيقية، والركون بشكل اساسي الى النصوص الصادرة على مستوى الادارات المركزية والتي تتصف عادة بالنقص وعدم الاستقرار.
ج. عدم الانسجام في النصوص التي ترعى القطاع التربوي، سواء ضمن المديرية العامة الواحدة ام بين اكثر من مديرية، والذي قد يصل احياناً الى حد التناقض.
د. غياب رؤية موحدة شاملة ومترابطة تحكم التشريع والتنظيم لتأمين التناغم والتكامل المطلوبين.
ﻫ. التنازع وعدم الاتساق في المسؤوليات ومراكز وآليات القرار والتنفيذ والمتابعة والاشراف وضمان الجودة وفقاً لهيكلية الوزارة الحالية.
3- أسباب إدارية
أ. ارتكاز ادارات الدولة الى انظمة ادارية ووظيفية لا تلبي احتياجات الوزارة لكوادر بشرية مختصة في الشؤون التربوية، لا سيما في الادارة التربوية والارشاد والتوجيه والتفتيش.
ب. التأخر في ملء الشواغر الادارية، والاعتماد على وضعيات “التكليف” و “الانابة”، وعدم حصر التعيين بالضرورة بمن تتوفر لديه الدرجة الاعلى من التخصص والخبرة والكفاءة.
ج. الارتكاز الى التعاقد بالساعة والى وضعيات وظيفية متردية اجتماعياً لاداء المهام والاعمال التدريسية والفنية والادارية اللازمة لتسيير الشأن التربوي.
د. عدم توافر المعلومات والمعطيات والاحصائيات اللازمة لرسم السياسات الناجعة واتخاذ القرارات المناسبة.
ﻫ. حصر سلطة القرار على نحو مركزي، او بفئة قليلة من كبار الموظفين، واعتماد آليات ادارية من شأنها اثقال المعاملات الادارية وابطائها دون ورود تعليقات او مطالعات عملية ومهمة من العديد من الجهات المحالة عليهم.
و. رسوخ آليات عمل ادارية خاصة لتوزع المراجعات والمعالجات والاحالات والتقرير الخ…، وفقاً لخارطات ذات ابعاد سوسيولوجية وفكرية وسياسية.
4- أسباب أكاديمية أو فنية
عدم وجود الاجهزة او الهيئات المختصة (والتي يجب توافر عنصر الاستقلالية فيها)، او الاصول والآليات والادوات اللازمة لتقييم مخرجات التعليم وملاءمته لمتطلبات التنمية وسوق العمل، والافادة منها لاجراء المراجعة المناسبة.
5- أسباب أخرى
أ. التداخل القوي بين التربية والواقع السياسي، وامساك اصحاب النفوذ والرأي بمفاصل كثيرة من الشأن الاداري، كمثل: التعاقد، المناقلات، التعيينات، الايجارات الخ…
ب. التغير السريع والدائم للحكومات في ظل مسار سياسي مصحوب بالتشنج وكثرة المشادات والصراعات.
ج. استغراق مجلس الوزراء ومجلس النواب في دراسة ومناقشة ومراجعة مشاريع المراسيم والقوانين المحالة من قبل الوزارة، مما يؤخر البت بها وصدورها ضمن المهل المطلوبة.
د. عدم اعتبار التعليم مهنة تتطلب اعداداً اساسياً معرفياً وتربوياً مختصاً عند الكثيرين من اهل السياسة واهل الحل والعقد وتحويل التعليم “مهنة لكل من لا مهنة له من حملة الاجازة (وسابقاً من حملة البكالوريا)”، اضافة الى المفهوم الاجتماعي السائد حول السعي لحصد وظيفة في القطاع العام.
الحلول المطلوبة لمشاكل القطاع التربوي
اعتماد مقاربة الجودة في جميع الشؤون الخاصة بقطاع التربية والتعليم، وهذا ما يتطلب العمل على مسائل ضبط الجودة وضمان الجودة والاعتماد.
1- جودة الموارد البشرية
أ. ارساء نظام حديث للتعيين في الوظائف للقيام بالاعمال التدريسية واللاتدريسية يزاوج بين الاعداد الاساسي المتخصص والخبرة، والايفاء به.
ب. ارساء نظام للتعليم المستمر مرتبط بنظام للحوافز.
ج. تحسين الاوضاع الاجتماعية لافراد الهيئة التعليمية واعتماد التطوير المهني والتقييم سبيلاً لقياس الاداء.
د. تعديل الانظمة المتعلقة بالتعيين في الوظائف الادارية الخاصة بإدارة الشأن التربوي بما يتماشى وطبيعة هذا القطاع، وارساء نظام عصري للتقييم والمساءلة.
2- جودة الخطط والمشاريع والبرامج
أ. العمل على المستوى الحكومي لتوطيد المراجعة الخارجية للخطط والبرامج والمشاريع لقياس نجاعتها ومدى انتاجيتها، وتمييز الصعوبات والعقبات، وتحديد المسؤوليات، واجراء التغذية الراجعة.
ب. انشاء مراصد واجهزة وهيئات مختصة مستقلة للعناية بشؤون الرصد والتقييم والتوجيه وضمان الجودة والاعتماد، وذلك لضمان جودة البرامج، كمثل: الاعداد الاساسي، التدريب المستمر، المناهج، التدريب السريع، البحث العلمي، اللغات الخ…
ج. انشاء الوحدات اللازمة في اطار وزارة التربية والتعليم العالي لشؤون الخطط والمشاريع والبرامج وتوفير ما يلزم لحسن قيامها بمهامها.
3- جودة الادارة والمؤسسات
أ. تعديل هيكلية وزارة التربية والتعليم العالي لتتناسب مع المسؤوليات والمهام التي تضطلع بها في اطار رؤية تحديثية تطويرية.
ب. استكمال القاعدة التشريعية والتنظيمية للقطاع التربوي وتطويرها، مع مراعاة الانسجام والتناغم والتكامل بين مختلف النصوص التي ترعى هذا القطاع بمختلف مكوناته وقطاعاته، وذلك في اطار رؤية موحدة للاهداف والمهام والاعمال تأخذ بالاعتبار الخصوصيات العائدة لكل منها.
ج. تعديل انظمة العمل التي ترعى الشأن الاداري ومكننته.
د. توفير قواعد المعلومات والاحصائيات وطرق المعالجة والتحليل للافادة منها.
ﻫ. تحديث الادارة التربوية والادارة المدرسية، واعتماد البرامج والمشاريع اساساً للعمل الاداري المرتكز الى التخطيط.
و. انشاء وحدات للتقييم الذاتي، وتفعيل آليات الضبط والمتابعة والتطوير الداخلي.
ز. ارساء نظام مستقل للاعتماد ولضمان الجودة المؤسساتي.
ويبقى ان ندرك يقيناً، ودون ادنى ريب، ان خلاص الاوطان وبقائها وتقدمها رهن بتطور التربية والتعليم، ويكفي لذلك قراءة سير البلدان المتقدمة اليوم كالولايات المتحدة الأميركية واليابان وبلدان آسيوية اخرى، لنعرف كيف استدركت اهمية التربية عند احساسها بالخطر او بالتراجع، ولعلنا بهذه اللفتة، ومن خلال الممارسة المسؤولة، نصل الى فصل السياسة والأهواء عن التربية والتعليم، ايماناً منا بأنها السبيل الاوحد الى بناء المواطنة الحقة والى توفير الكوادر والقدرات التي يحتاجها لبنان.
ثم كانت نقاش مع الحاضرين.