خلصت ورشة العمل الرياضية “موقع طرابلس والشمال على الخارطة الرياضية اللبنانية”، التي نظمتها “مؤسسة الصفدي” في “مركز الصفدي الثقافي”، برعاية وحضور وزير الشباب والرياضة الدكتور علي العبد الله، إلى تبني توصيات اللقاء التحضيري مع إضافة بنود أخرى فيما يتعلق بالوزارة تضمنت إنشاء مدارس رياضية وتخريج كوادر فاعلة من مدربين وإداريين، والطلب إلى الوزارة المساعدة في تسهيل المعاملات المطلوبة لإنشاء نوادٍ للألعاب الفردية وخاصة الدراجات الهوائية، وتشجيه رياضة التزلج، وإلى اقتراح من الوزير عبد الله ببيع قطعة الأرض الحالية للقاعة الرياضية في المنار لعدم وجود مواقف سيارات وشراء قطعة أخرى بمساحات أكبر، وهو ما لم تؤيده الأندية المشاركة مطالبين بالإسراع في إنجاز القاعة الحالية، كما كان إجماع من الوزير والحضور على ضرورة إنصاف الشمال رياضياً. كما طُرحت فكرة دمج وزارتي الرياضة والتربية كونهما متكاملان في العملية الرياضية التربوية، ومطالبة بعدم مركزية الرياضات. إضافة إلى ضرورة التنسيق بين الوزارة والمؤسسات الأهلية في سبيل دعم الرياضة في المناطق. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة بهدف السعي مع المعنيين لتحقيق التوصيات.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي قد استقبل الوزير عبد الله وحيا المشاركين في الورشة، متمنياً لهم النجاح في الوصول إلى نتائج مُرضية تسهم في نهضة الرياضة في لبنان ككل وفي الشمال وطرابلس على وجه الخصوص.
وقد حضر الورشة، نائب رئيس “مؤسسة الصفدي” ورئيس نادي المتحد أحمد الصفدي، رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي ونائبه أحمد قمر الدين، رئيس اللجنة الاولمبية اللبنانية أنطوان شارتيه ممثلاً برئيس الاتحاد اللبناني لكرة الطاولة وعضو اللجنة الاولمبية سليم الحاج، رؤساء وأعضاء الاتحادات اللبنانية، رؤساء وأعضاء الأندية الشمالية ولجان المناطق، تجمعات الأندية الرياضية في الأقضية الشمالية، وإعلاميين.
بعد النشيد الوطني، وكلمة ترحيب من عز الدين حداد باسم مؤسسة الصفدي، التي ألقى نائب رئيسها كلمة استهلها بتوجيه الشكر للوزير عبد الله “على حضوره ومشاركته في هذه الورشة، وهو أمرٌ يعني الكثير لنا نحن الرياضيين، أندية واتحادات، ونحن نتطلع أن تنهض الرياضة اللبنانية في عهده، وأن تُنصف المناطق رياضياً، وبالأخص طرابلس والشمال، كونها الخزان البشري لكل الألعاب الرياضية، ويكفيها ما عانته من إهمال”. أضاف: “نجتمع اليوم لنبحث في موقع طرابلس والشمال على الخارطة الرياضية اللبنانية. فالعنوان يوحي بوجود إشكالية في هذا الموقع، لكن سببها ليس طرابلس والشمال، لأنهما في الرياضة كما في الاقتصاد، ضحيةُ نظام مركزي حصري جعل من العاصمة ومحيطها محور القرار والاستثمار ورأس المال؛ وهمّش في المقابل المناطق البعيدة شمالاً وجنوباً وبقاعاً”. وقال الصفدي: “نحن ندرك هذه الحقائق لكننا مصممون على تغييرها، فلن نستسلم ولن نكون سلبيّين. سنواجه الإهمال بمزيد من الإصرار على المطالبة بحقوقنا. سنظل نطالب ونرفع الصوت حتى تفتح الدولة آذانها وتدرك ان الوطن لا يستقيم ولا يتوازن إذا بقيت طرابلس محرومة والشمال مهمّشاً”. وأكد: “لا تكون معالجة الحرمان ببناء ملعب أولمبي من باب الاسترضاء ومن دون أي تخطيط. فلم يقصده أحد ما عدا الطيور التي تعشعش بين جدرانه. فمعالجة الحرمان في طرابلس والشمال تبدأ بتأمين الوصول السريع إليهما من بيروت حتى تسقط كل الأعذار التي منعت حتى الآن تشغيل المعرض والملعب الأولمبي معاً، وبأن تكون بالاستجابة إلى مطالب الاندية الشمالية وفي مقدمتها وجود قاعة رياضية مقفلة بمواصفات دولية على غرار ما هو قائم في بيروت وجبل لبنان، وبتطوير التشريعات وتحديثها لتفتح امام النوادي أبواب الحصول على الدعم المادي اللازم لبقائها. كما تكون معالجة الحرمان الرياضي بتعزيز دور البلديات ودعم الموازنات المخصصة للرياضة باعتبارها عملاً تنموياً بامتياز، يحافظ على الصحة العامة ويقلّص الإنفاق على مكافحة الأمراض”. ولفت الصفدي: “منذ إنشائها قبل عشر سنوات، تلتزم “مؤسسة الصفدي” من خلال القطاع الرياضي فيها بدعم الأندية الشمالية التي بنت معها أوثق العلاقات. وهي تجدد اليوم التزامها إلى جانبكم لتحقيق النهضة الرياضية الشمالية. وغنيٌ عن القول أن “المؤسسة” تنطلق من الثوابت الوطنية التي لا تميز فيها بين طائفة وطائفة، وبين منطقة ومنطقة. إنها تؤمن بلبنان وطناً لجميع أبنائه وتعمل من ضمن إمكاناتها في محافظة الشمال بجميع أقضيتها وقراها ومدنها. فنحن ثابتون في مبادئنا وفخورون بأننا لبنانيون من الشمال”. وختم: “أجدد الترحيب بمعالي الوزير عبد الله وأحيي فيه هذه المبادرة، وأتمنى لهذه الورشة كل التوفيق في الوصول إلى الحلول المنشودة”.
وبصفته رئيساً لنادي المتحد طرابلس، طلب أحمد الصفدي من رئيس البلدية توضيح مشكلة الملف العالق حول إقامة ملعب مقفل لكرة السلة وملاعب ملحقة للتدريب، والتي كانت قد أقرتها البلدية وفقاً لنظام BOT على أن يقوم بتمويل إنشاءاتها الوزير محمد الصفدي على نفقته الخاصة، لتعود ملكيتها إلى البلدية بعد 25 سنة، فرد جمالي، بأن هذا الملف وبعد إقراره بشبه إجماع من البلدية، وتحويله إلى وزارة الداخلية والبلديات منذ العام 2008، التي طلبت تعديلات تم إنجازها، ولكن الملف ما زال قابعاً في أدراج الوزارة رغم الحاجة الماسة له للمدينة والنادي والمجتمع”، عازياً الأمر إلى “ذهنية مختلفة في تعامل الدولة مع طرابلس بشكل خاص”.
ثم حيا رئيس البلدية “مؤسسة الصفدي على هذه المبادرة كونها تطرح قضية رياضية تهم الرياضيين والمجتمع”، ووضع أمام الحضور مجموعة من الوقائع والأرقام تثبت أهمية اختزان طرابلس للفئات العمرية الشبابية (50% من السكان)، الأمر الذي يعد ظاهرة إيجابية ولكنها تطرح في الوقت نفسه تحديات ومسؤوليات وصعوبات، لجهة الاستثمار في هذه الفئة رياضياً. وقال: عملنا مع نائب الرئيس احمد قمر الدين عملنا على تعزيز قدرات البلدية في المجال الرياضي”، معدداً المشاريع التي نفذتها البلدية رياضياً “بدءاً من مشروع ملعب البحصة بالتعاون مع مؤسسة الصفدي وما قدمه من خدمة هامة للأهالي، وصولاً إلى إنشاء العديد من الحدائق العامة لحل مشكلة الكثافة السكانية في طرابلس (12 ألف مواطن في كلم مربع واحد)، مع إنشاء ملاعب فيها كلما كان ذلك ممكناً”. وأعلن للمرة الاولى، عن بدء العمل بمشروع حديقة في القبة المنطقة الأكثر حرماناً في المدينة على هذا الصعيد. ولفت جمالي إلى أن “البلدية تشرف أيضاً على الملعب البلدي، وهو مصان بشكل ممتاز وموضوع في خدمة المواطنين”.
,توالى على الكلام، ممثلو تجمعات الأندية في أقضية عكار والكورة والمنية الضنية، الاتحاد اللبناني للتزلج، اتحاد كرة القدم، الاتحاد اللبناني للجمباز، فطرحوا مشكلاتهم الرياضية امام الوزير عبد الله، موجهين الشكر لمؤسسة الصفدي على عنايتها واهتمامها وتنظيمها هذه الورشة.
ثم اختتمت الورشة بكلمة للوزير عبد الله، شكر فيها “مؤسسة الصفدي وراعيها “الوزير الزميل محمد الصفدي على هذا المركز المميز وعلى هذا المجهود والأفكار التي لا يمكن إلا أن تكون في صلب الاستراتيجية الرياضية للوزارة وعلى مدى السنوات القادمة، وهذه القاعة التي بوسعها أن تحتضن كافة الشؤون الرياضية والاجتماعية والثقافية”، آملاً “التمكن من إيجاد الحلول للمشاكل الرياضية في طرابلس والشمال وكل لبنان. فالتوافق في الحلول هو تطور وطني لكل لبنان”. وقال: “لعل عنوان الورشة سابقة فريدة وجديدة، من ناحية ذهنية التعاطي بالشأن الرياضي، فطرح المشكلة وإيجاد الحلول وخلق لوبي رياضي ضاغط ومساند في آن واحد لوزارة الشباب والرياضة في تحقيق المطالب، والارتقاء بمستوى هذا القطاع، يشكل سابقة هامة ومنتجة وفعالة، بعيداً عن الفولكلور الإعلامي للمهرجانات الرياضية”. ولفت: إنه امر يدعو للتفاؤل، بسبب منهجية التعاطي والجدية في العمل وبما يبشر بواقع رياضي واعد ومنتج على مستوى طرابلس والشمال، وكل لبنان”. وقال عبد الله: “لا أعلن في الأمر جديداً عندما أقول أن واقع القطاع الرياضي الحالي في لبنان ليس بخير، وهذا نتيجة عوامل عديدة، متشابكة ومتفاعلة، اهمها أن الرياضية في لبنان ليست من أولويات عملنا، ليس فقط على المستوى الرسمي، بل من خلال سلوك المجتمع اللبناني الذي لا يزال بعيداً عن جوهر الرياضة وأهميتها، … وكأي شان آخر في لبنان، فإن السياسة والطائفية للأسف، متغلغلة في القطاع الرياضي، فمعظم الأندية تابعة سياسياً وطائفياً وليت هنا لأرفض وجود أندية رياضية مدعومة من الأحزاب السياسية، كون كافة الأحزاب لديها قطاعاتها الرياضية، ولكننا نتعاطى بحدية سياسية في الرياضة، وأحياناً تاخذ بعداً طائفياً، والدليل أننا كمسؤولين لم نستطع لتاريخ اليوم تحمل عواقب قرار عودة الجماهير إلى الملاعب في مباريات كرة القدم”. متسائلاً: “هل من المعقول أن مبارة في كرة القدم يمكن أن تهدد السلم الأهلي في لبنان؟”.
وقال: لا أريد أن أبدو متشائماً ولكن هذا واقعنا، من هنا علينا العمل من نقطة الصفر، بهدف إدخال الرياضة بمفهومها السلوكي والأخلاقي إلى أذهان أبنائنا منذ الصغر، لبناء جيل جديد متحلل من المفاهيم القديمة والهدامة، وذلك على غرار ما أطلقنها شعاراً في 13 نيسان الفائت أننا كلنا فريق واحد. وذلك من خلال تفعيل منتخباتنا الوطنية وليس الأندية فقط، حتى ول كانت البطولة تقام في لبنان، بهدف تقوية الحس الوطني لدى الجمهور”. وعن الاقتراحات المقدمة من قبل اللقاء التحضيري للورشة، قال الوزير عبد الله: إنها على مستوى كبير من الأهمية، وتلامس المشكلة بحقيقتها، مشدداً على أهمية التفاعل والتكامل بين سائر الوزارات لتحقيقها، لا سيما وزارتي التربية والداخلية والبلديات. فالمدارس والجامعات هي على احتكاك مباشر مع قطاع الشباب الذي يمثل شريحة منظمة يمكن تفعيلها في المجال الرياضي، كما أن البل]يات ومن خلال دورها الإنمائي، على تماس مباشر مع الأهالي في القرى والمدن، وبالإمكان تهيئة الأرضية والظروف المناسبة لتفعيل الواقع الرياضي ضمن الإمكانات المتاحة”. واكد على أهمية التكامل بين الوزارات، مبدياً استعداده للتواصل مع الوزراء المعنيين لتشكيل حلقة مترابطة “نتوزع من خلالها الأدوار ليكون العمل منتجاً وفعالاً”. ولفت الوزير عبد الله إلى أن البيان الوزاري تعهد إنشاء مدينة رياضية وقاعة مقفلة في كل محافظة لبنانية، ولكن موازنة الوزارة ضيئلة ووعدت بان تزداد من قبل رئيس الحكومة، ولكن مجلس الوزراء أقر مؤخراً وبعد إصرار وزيرة المال بدعم وزارة الشباب والرياضة بمبلغ 10 مليارات ليرة (5 منها لدعم الأندية)، بشرط أن تحتسب من ميزانية الوزارة.
ثم تولى الوزير عبد الله مناقشة بنود التوصيات مع الحضور، بنداً بنداً، مختتماً بتوجيه الشكر إلى مؤسسة الصفدي “على هذه اللفتة البناءة، التي جمعت الفعاليات الرياضية والاجتماعية، لتكون يداً بيد مع الوزارة لنغير واقع اليأس والاستسلام إلى الامل والنجاح”.