رأى النائب نضال طعمة في خلال لقاء حواري جمعه مع عدد من طلاب المرحلة الثانوية في المدرسة الوطنية الارثوذكسية في الشيخ طابا عكار “ان للدين أكثر من دور في تاريخ المجتمعات، فمن جهة هو حالة ايمانية تجيب عن هواجس الإنسان في تساؤلاته حول الخلق والوجود والمصير، والبحث عن إجابات لهذه الهواجس حق، وفي بعض الأحيان تجاهلها يعتبر هربا من الإقرار بعجز الإنسان عن فهم أسرار الكون من دون الإيمان بخالق قدير للكون العجيب. فالحالة إذن ايمانية تشبع عطش الإنسان الروحي”.
اضاف : “وثمة وجه آخر للموضوع يتجلى بحاجة الفرد إلى الإنتماء، فكل منا بطبعه يحتاج أن يكون جزءا من منظومة تتخطى حدود بيئته الضيقة، من هنا يجيء تحمسنا لفكر سياسي معين، أو لنهج فكري محدد، وحتى تشجيعنا لفرق كرة القدم في بطولة العالم في جزء منه يصب في هذه الخانة. والتطرف في هذا الموضوع خطر وارد جدا، وهو الذي يؤسس للحالات التعصبية المريضة، فالطائفية بطبيعتها هي جنوح وتطرف وتشويه للانتماء الديني، لذلك نقول أن الإنتماء الروحي العاقل والواعي هو ضرورة ملحة ليكون الإنسان منسجما مع نداءات أعماقه، والحذر من التطرف في الموضوع أكثر من مهم كي لا تجنح إلى التعصب وعدم قبول الآخر. وفي موضوع عدم قبول الآخر دينيأ، تكمن المعضلة في تفكير البعض بأن ما يملكه في يقين ديني هو الحقيقة الواحدة المجردة، وكل ما عداه خاطئ، وهذا ما يتجافى مع طبيعة الأديان السمحة والمنفتحة”.
وتابع طعمة: “قد تختلف المعايير والمعتقدات الدينية، في رؤاها الماورائية التي تصب في النهاية نحو هدف واحد، وهو علاقة الإنسان الأبدية مع خالق الكون في إطار ملكوتي فردوسي، والدين يرسم السنن والمناهج الفكرية والحياتية التي توصل إلى الإنسان إلى خلاصه. أما المعايير الأخلاقية فتكاد تكون واحدة لدى معظم الشعوب وهي مرتبطة بالمواقف السلوكية التي يمارسها الإنسان في المجتمع. ولا يمكن أن نتخيل إنسان متدين لا يتمتع بالأخلاق الحميدة، فيما يصعب من خلال الأخلاق فقط أن تحكم على انتماء الإنسان الدني، ومما لا شك فيه أن الدين مصدر أساسي للأخلاق ودافع أساسي لاقتنائها. وقد نجد إنسانا خلوقا غير متدين، مع أنه في العمق لا يوجد إنسان غير متدين، حتى ذاك الذي يقول أنه لا يؤمن بإله، هو متدين على طريقته، وعقيدته هي رؤيا خاصة للخلق، وكأننا لا يمكن أن نجد إنسانا متدينا إذا كان تدينه صحيحا غير خلوق”.
وعن سؤال : هل تعتقد أن الدول الأجنبية تعمق الخلاف بين الأديان في مجتمعنا؟
اجاب: “الدول لا تنطلق في سياساتها، وخاصة الخارجي، من قيم ومبادئ، بل تنطلق من مصالحها ورؤيتها كيف يمكن أن تحقق تلك المصالح. ومن مصلحة كل غريب أن يمتلك القدرة على التغلغل داخل مجتمعنا. وما من طريقة تسهل لكل الدول هذه المهمة، أكثر من تمييع انتمائنا الوطني. وأثبتت التجربة أن الطائفية والمذهبية تسهل ضرب الانتماء إلى الوطن، وتسهل الفرقة بين الناس، لذلك أرى، أن الدول الخارجية لا توفر فرصة لزيادة الفرقة بيننا، بدفعنا إلى التطرف والتعصب”.
واعتبر طعمة ان “تعدد الأديان مصدر غنى، لا شك بذلك، والتعايش فيما بينها يحقق هوية لبنان الرسالة. ولكن ذلك مشروط بوعينا لحقيقة القيم الجميلة التي تعطينا إياها الأديان. فلا يمكننا أن نتعصب، ونكفر بعضنا البعض، ونتمترس وراء الدين، ونأخذ الدين حجة كي نتمايز على شركائنا في الوطن، وندعي أن ذلك رسالة. يكون لبنان حقا رسالة، عندما نكرس المساواة بين الجميع، تكتمل الصورة الحضارية التي تغني الأديان فيها لبنان”.
وقال طعمة :”الدول الدينية تعطي امتيازات للمنتمين إلى دين معين على حساب الآخرين، فيما الدولة المدنية تساوي بين جميع المواطنين، ولا تنظر إليهم أو تصنفهم بناء على انتمائهم الديني. من هنا تكرر معظم القوى السياسية والدينية في لبنان قناعتها بأنه لا امكانية لقيام دولة دينية في لبنان”.