شهد مسرح “مركز الصفدي الثقافي” بطرابلس، ندوة وتوقيع كتاب “بيروت أمين باشا-مائيات ورسوم 1953 – 2009″، أدارها رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة، وتحدث فيها كل من مدير دار نلسن للنشر سليمان بختي، والدكتورة هند صوفي والدكتور الياس ديب، وذلك بحضور الكاتب أمين باشا، الدكتور مصطفى الحلوة ممثلاً “مؤسسة الصفدي”، ومهتمون.
الندوة التي افتتحها الفنان محمد غالب باسم الشركاء، رحب في خلالها بالحضور وبالفنان التشكيلي وأحد رواد الحركة التشكيلية في لبنان الفنان أمين باشا في طرابلس، مستذكراً الأيام التي “امضيناها معاً في معهد الفنون في الجامعة اللبنانية ببيروت “أيام العز”، مع كوكبة من الرواد والكبار من الأساتذة والرفاق (نقولا نمارن عارف الريس، عادل صغير، جوليانا ياروفيم، شفيق عبود، سعيد عقل، رفيق شرف، رشيد وهبه، عدنان شرارة، عدنان المصري، احمد سعيد، مفيد زيتوني، مارون لبّس)، والقافلة لا تنتهي…، كم أتمنى لو كانوا بيننا اليوم”. ودعا الجميع للغوص في أعماق فكر وإبداع أمين الباشا مع المنتدين.
ثم قدم الدكتور كبارة للندوة متحدثاً عن أعمال أمين باشا وإبداعاته، هو الذي عاش في بيت عابق بأجواء الفن، تعلم عزف الكمان فخاله وشقيقه توفيق موسيقيان، واستهوته الموسيقى الكلاسيكية العربية والرومنطيقية الغربية، كما استهواه الرسم… متوقفاً بإسهاب عند كل محطة من محطات حياته الفنية، مركزاً على عشقه لمدينته بيروت وحزنه لما آلت إليه….وقال: اللافت في رسوماته ولوحاته أنه ليس تلميذاً لمدرسة فنية بعينها، فلوحاته مزيج من التجريدية والتصويرية والتلوينينة والخيالية، وإن كان يصرح بإنه أعجب بشكل خاص بثلاثة كبار هم: سيزان، بيكاسو، وماتيس.
ثم تحدث مدير دار نلسن للنشر سليمان بختي عن تجربته مع الفنان أمين باشا من خلال ولادة هذا الكتاب، الذي أرادوه أن يكون لائءقاً بمناسبة إعلان “بيروت عاصمة عالمية للكتاب”، معتبراً أن الكتاب كان حلماً “ورحنا ندور أنا والفنان أمين باشا في أرجاء مدينة بيروت في تحضيرنا للكتاب. وهنا أود أن ألفت: إن المجتمع المدني في لبنان يزخر بطاقات جبارة ولكن لا تنسيق فيما بينها. ولولا إصرار الباشا على الوفاء لمدينته بيروت، لما أبصر هذا الكتاب النور”.
اما الدكتور الياس ديب الحائز على دكتوراه في الفنون وعلوم الفن من الجامعة اللبنانية والمتعمق في الفنون التشكيلية، فقد تناول في مداخلته طفولته الفنية وتتلمذه الجامعي على يد الفنان أمين باشا حتى تخرجه من الجامعة اللبنانية في العام 1973، حيث سافر إلى الخارج؛ فتناول من كتاب “بيروت أمين باشا” الحقبة الممتدة من العام 1953 حتى العام 1973، حصيلة 20 عاماً من البهجة والفرح عاشها في بيروت قبل مغادرته لبنان، حيث قال: اخترت الاماكن المرسومة بريشة امين باشا ومائياته، عارضاً ومستعرضاً الاماكن والشوارع والساحات كما عاشت في عيون أمين باشا، وتأجرحت بين أنامله في معالمها الأقرب إلى القلب. لكنني أريد أن ألفت النظر أن لا حزن في خطوط أمين باشا ورسومه، بل شجن كبير وهي حالة فنية بامتياز”.
ثم تولت الدكتورة الصوفي الحائزة على الدكتوراه في علوم الفن ورئيسة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، التحدث عن الفنان أمين باشا في زمن العولمة، فتناولت نص الكتاب وتشكيل أولانه، وتمجيده للعاصمة بيروت، معتبرة أن الفنان يضعنا بين أمس بيروت وحاضرها، دائماً الأمكنة لها الأثر الأول،… ولفتت إلى محبة أمين باشا لطرابلس التي عرض فيها للمرة الاولى في العام 1991 في برج السباع، … ثم توغلت في مضمون أعماله وحضور المرأة فيها من خلال المكان… لتنتقل إلى الرموز والتأويل متسائلة عن سر علاقة إمرأة الباشا مع العصفور البسيط؟ لتكتشف بأن العصفور هو الفنان ذاته ضمن العمل الفني… ثم الألوان كوسيلة تأثير مباشر على النفس، وتقنيات الباشا الذي يعيد العمل على غرار الإنطباعيين ويسجل تطور النظر ليرصد التغيرات والتحولات التي لا تتوقف وقد تستمر إلى ما لا نهاية. وختمت الصوفي بالقول: الباشا يمثل حالة منفردة في تاريخ الفن اللبناني الحديث والمعاصر، مشاهده يراها أولاً لنراها نحن بعينه لاحقاً…