دعى شباب التحرر العربي الخميس الفائت إلى المشاركة في ندوة حول الديمقراطية والعلمانية من أجل حوار بناء، مع الشيخ محمد خضر “رئيس المنتدى الإسلامي للدعوة والحوار” والأب د. ابرهيم سرّوج كاهن رعية طرابلس للمسيحيين الأورثوذكس ود. عبدو قاعي “رئيس مركز البحوث المجتمعية” في جامعة سيدة اللويزة، وأ. فايز فارس المستشار الثقافي الذي افتتح الندوة بالنشيد الوطني اللبناني وبالوقوف دقيقة صمت عن روح دولة الرئيس الشهيد رشيد كرامي ومرحباً بالحضور يتقدمهم الأستاذ عبدالله ضناوي ممثلاً دولة الرئيس عمر كرامي.
ثم قال فارس : الحديث عن الديمقراطية والعلمانية يطول ليس لأنهما مسألتان معقّدتان، بل لأن أغلبية حكّام هذا العالم وقادة الشعوب قد أخفقوا خلال القرنين الماضيين في تحقيق مضامينهما الهادفة إلى تأمين العدالة والمساواة بين الناس والإحترام المتبادل بين الشعوب… ما أدّى ببعض المؤمنين بالديمقراطية والعلمانية إلى التخلي عن قناعاتهم بسبب تلك التطبيقات الفاشلة. مع العلم أن الديمقراطية لا تعترف بالأكثريات وإستئثارها بالسلطة، بل تدعو إلى التناغم والتضامن بين أقليات من أجل تحقيق المصلحة العامة بعيداً عن الغايات الخاصة والمصالح الفئوية. كما أن العلماني حسب قاموس الثورة الفرنسية وملحقاتها هو ذلك المؤمن الذي يتوجب عليه إحترام إيمان ومعتقدات الآخرين، وبالتالي إن إتهام العلماني بالإلحاد هو إجحاف وظلم ليس بعده ظلم. كما أنه لا يجوز إصدار الأحكام النهائية على مبادئ ومعتقدات جرى تطبيقها بشكل سيء وبأساليب ملتويّة.
ومما جاء في كلمة الشيخ محمّد خضر “في ظل صراع الحضارات ، والمناهج ، والمصالح … أعتقد أننا لسنا بحاجة لندوة أو محاضرة أو لقاء فحسب ، بل إننا بحاجة لندوات ولقاءات متواصلة، في إطار حراك فكري وثقافي مستمر يهدف إلى حماية وأمتنا ومجتمعاتنا من محاولات التعرية التي نتعرض لها ..! و في بلد كلبنان المتعدّد دينياً وسياسيّاً إلى حدّ التعقيد، عندما نعمد إلى مقاربة أية قضية، لا بدّ أن نبحث عن نقطة توافقية تشكّل قاسماً مشتركاً بيننا، وذلك حرصاً على إستقرار بلدنا، وسلامة مجتمعنا . وفي هذا الاطار، أعتقد أن الحرية، والعدالة، وصَوْن الكرامة الإنسانية، وتحقيق الأمن والإستقرار في المجتمع، وغير ذلك من المعاني التي تدعو إليها “الديمقراطية” و “العلمانية” هي من الأمور التي يتفق عليها كل العقلاء خصوصاً وأنها من صلب معتقاداتنا ومبادئنا وقيمنا الأخلاقية على اختلاف انتماءاتنا الدينية، والسياسية، والحزبية، والعمل على تكريسها بعيداً عن التوظيف الرخيص، والاستغلال السيء، وبما لا يتعارض مع إنتماءاتنا الدينية، وتراثنا الحضاري المشترك.
تلاه الأب أبرهيم سروج الذي ما عادت تطربه تلك “الكلمات الرنّانة الطنانة مثل الثورة والحرية والديمقراطية والعلمانية” مركزاً على أصولها الأوروبية وتطبيقاتها السيئة على يد حكّام هذا العالم الذين مارسوا بإسمها كل أنواع الظلم والقهر والفساد حيثما حلّوا. ثم استشهد بالمفكر المغربي محمد حامد الجابري الذي يعتقد أن العلمانية صالحة فقط لفصل الكنيسة عن الدولة، ود. مراد وهبه أستاذ الفلسفة المصري و زميله المفكر السوري هاشم صالح اللذان يدعوان إلى العلمانية الشاملة، و د. حسن حنفي المتأرجح بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، والذي يعتبر الإسلام ديناً علمانياً، وأخيراً المفكر السوداني الخاتم عدلان الذي يعتبر أن العلمانية هي “إدارة شؤون الناس بعيداً عن كل كهنوت”.
د. عبدو قاعي دعى اللبنانيين إلى التصالح مع ذواتهم وأديانهم وماضيهم وإنتماءاتهم، و تحمل المسؤولية، و تنمية الحس العام، و التخلّي عن أنانياتهم وفئوياتهم و”التمرس بالفكر النقدي ليس للقضاء على التقليد بل من أجل تطويره”. ومن أجل تحقيق ذلك، علينا بتنمية ثقافة الأديان، و ثقافة العائلة، و ثقافة المدينة والحي والجار، وثقافة المجتمع والمؤسسات، و ثقافة المواطنة والحق الإنساني، و ثقافة الأحزاب والمشاركة السياسية، و ثقافة الجمعيات والنقابات، و ثقافة المدرسة والجامعة، و الثقافة البيئية والصحية، و ثقافة النقل والإنتقال والتواصل، وثقافة الإستهلاك.