بدعوة من مجمع العزم التربوي وبالتعاون مع لجنة امهات طرابلس وجمعية اجيالنا اقيمت لندوة التربية الاولى تحت عنوان “المدرسة في قلب المجتمع”، في قاعة فندق الكواليتي ان بطرابلس، بحضور المشرف العام على جمعية العزم والسعادة الدكتور عبد الاله ميقاتي، وحشد من الفعاليات الاجتماعية والهيئات النسائية ومهتمين حاضر فيها الاستاذ في الجامعة اللبنية الاميركية الدكتور رائد محسن ورئيسة قسم الابحاث والتقييم في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتورة كرمة الحسن.
بداية القى الدكتور عبد الاله ميقاتي كلمة قال فيها: في هذا اللقاء التربوي الأول من نوعه من ضمن سلسلة لقاءات نسعى إلى إقامتها في هذه المدينة المعطاءة، ذات التاريخ الحافل بالتربية والتعليم، والتي عُرفت في الماضي بأنها مدينة العلم والعلماء.
هذا اللقاء المميز بحضوركم ومشاركتكم معنا وبتعاون كامل مع مؤسستين كريمتين ذات حضور واسع في المدينة، أعني بهما “أجيالنا” ولجنة الأمهات”، واللتين نكن لهما كل شكر وتقدير واحترام.
إننا اليوم إذ نطلق سلسلة ندوات حول “المدرسة في قلب المجتمع” يحدونا أمل كبير أن نتعاون جميعاً فيما بيننا لنقدم لمدينتنا أحسن ما نستطيع في هذا المجال مستعينين بالخبرات الواسعة، والطاقات المفيدة لأمهر الأخصائيين في مجالات التربية والتعليم.
ذلك أننا ننظر إلى المدرسة عموماً، الخاصة منها والرسمية، نظرة إعلاء وتقدير، واهتمام كبير بدورها في بناء شخصية الإنسان، المواطن الصالح ذي القيم والأخلاق الحميدة، والعلم النافع، والمعرفة الواسعة، والثقافة الرصينة، والإنسان المتمسك بأرضه ووطنه والعامل على تنميته وازدهاره، والمشارك والفاعل في مسيرة الحضارة الإنسانية.
تلك هي الأهداف التي وضعناها نصب أعيننا في ولوجنا باب التربية والتعليم من خلال مجمع العزم التربوي، ومدرسة العزم التي ينطلق التعليم فيها في شهر أيلول القادم، إن شاء الله.
وبالإضافة إلى هذه القيم التي ذكرتها، فإننا نسعى إلى تقديم أفضل العلوم وأوسعها إلى أبنائنا الطلاب من خلال اعتماد الحداثة في البرامج والمناهج التعليمية، التي وضعتها الجامعة الأميركية في بيروت، إيماناً منا بأن عالم المعرفة قد اتسع اليوم بفضل ثورة المعلوماتية والإتصالات ليشمل جميع جوانب الحياة، ولايجوز بعد اليوم أن تبقى وسائل التعليم كما كانت عليه في العقود الماضية.
وأضاف لا يكفي بعد اليوم أن يدخل الحاسوب إلى المدرسة، أو أن تملك المدرسة مركزاً للمعلوماتية، لتعليم الطلاب مادة المعلوماتية، يجب علينا أن ندخل استعمالات الحاسوب وما توصلت إليه المعلوماتية من برامج وانجازات، أن ندخلهما في صلب عملية التعليم للمواد العلمية وغيرها، ذلك أن إدخال الحاسوب في صلب عملية التعليم يسمح للطالب بالإستفادة من وقته كله فيساهم الكومبيوتر في رفع مستوى الطالب الضعيف من خلال التعلم الإلكتروني E-learninالمستمر، ويسمح له أيضاً بإجراء التقييم الذاتي لمستواه العلمي والمثابرة على ذلك، حتى يتقدم ويتغلب على ضعفه وتأخره. كما يسمح ذلك للطالب القوي بالتقدم وتطوير مهاراته ويفتح أمامه فرص الإبداع والتفوق المستمر.
وقال:آن الأوان أن ننتقل من التعليم التقليدي الذي يرتكز على مبدأ إعطاء المعلم لتلاميذه المعلومات والإستنتاجات للحفظ، إلى التعليم الحديث الذي يرتكز على مبدأ تعليم الطالب كيف يحصل على المعلومات ويستنتج منها القواعد والعلوم والفوائد. وبكلمة أخرى آن لنا أن ننتقل من حفظ المعلومات وتنمية الذاكرة، عند أبنائنا، إلى استخراج المعلومات واستنباط القواعد، وتنمية العقل عندهم. أي أنه آن لنا أن ننتقل من التعليم التلقيني إلى التعليم التفاعلي، هذا النوع من التعليم يقتضي أن يزرع المعلم في قلوب طلابه حب طلب العلم، والاكتشاف والسعي للوصول إلى الحقائق العلمية، وهذا ما ينمي عندهم السعي الذاتي للحصول على المعرفة في شتى المجالات، فلا يكون تحضيرهم محصوراً في جانب علمي واحد، وفي ذلك تقدم نحو مجتمع المعرفة وهذا ما يندرج في إطار السعي لتحقيق شعار “من أجل طرابلس – مدينة للمعرفة” الذي رفعه الرئيس نجيب ميقاتي في احتفال إطلاق مركز العزم لأبحاث البيوتكنولوجيا، وهو أول مركز بحثي في الشمال لدراسة الماجيستير، والذي ساهمت جمعية العزم والسعادة بشراء التجهيزات اللازمة له ، وأنهى قائلا: يقول الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: علموا أولادكم غير ما تعلمتم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم. وفي هذه الحكمة البالغة مغزىً كبيراً، خصوصاً في أيامنا الحاضرة، حيث يقفزالعلم قفزات نوعية كبيرة جداً. ذلك أن أولادنا يتعلمون اليوم ليعملوا بهذا العلم غداً. ولذلك أيضاً نقول بأن التعليم هو مرآة المستقبل والمرآة تعكس ما فيها، لذلك كان لزاماً أن يكون اختيار الجهاز التعليمي وفق أفضل المعايير، وأن تقوم الجامعة الأميركية في بيروت بتأهيل من سيتم اختيارهم للتعليم. ذلك أننا نؤمن بأن المعلم الجيد قادر على أن يتخطى جميع الثغرات في البرامج والمناهج، والمعلم السيئ غير قادر على إيصال أفضل البرامج والمناهج إلى طلابه مهما كانت هذه البرامج متقدمة ومتطورة، وإذا كان الطلاب يمضون معظم وقت نهارهم بين جدران المدرسة، فقد أردنا لبنائنا أن يكون نموذجياً، مجهزاً بأرقى أنواع المختبرات والملاعب، وقاعات الرسم والموسيقى والفن وغيرها، بالإضافة إلى اهتمام كبير بالنشاطات اللاصفية التي تؤمن تواصل الطلاب مع مجتمع المدينة بكل فئاته وقطاعاته، حتى تكون المدرسة في قلب المجتمع وجزءاً فاعلاً في تركيبته. فالعلاقة بين المدرسة والمجتمع يجب أن تكون إيجابية، تفاعلية بامتياز.
إننا نتطلع إلى علاقات تكاملية بين مؤسسات التعليم في المدينة ومختلف قطاعاتها حتى يتسنى لنا النهوض بمجتمعنا إلى مصاف المجتمعات المتقدمة. لذلك لامجال للتنافس مع المؤسسات الأخرى إلا لتقديم الأفضل، ذلك أن التنافس يصنع الجودة، كما يقول المثل الإنكليزي.
لذلك كانت دعوتنا إلى أستاذين كبيرين في عالم التربية ليشاركوننا في هذه الندوة لنرتقي بالمدرسة من مصنع للشهادات إلى مصنع لبناء شخصية الإنسان،عنيت بهما الأستاذ الدكتور رائد محسن والأستاذة الدكتوره كرمة الحسن.
ثم تحدثت الدكتورة كرمة الحسن فشرحت والرؤية والرسالة اللتين اسس من اجلهما مجمع العزم التربوي، وقالت: ان المدرسة تساعد على تمكين وتطوير وبناء الاجيال لذلك يجب التواصل بين المجتمع والمدرسة على كافة الاصعدة ولا ينجح هذا الامر الا باشراك الاهل والاسرة التعليمية والطالب في عملية تربوية مسؤولة توصلنا الى الاهداف المرجوة وهي النجاح في البيت والاسرة ومن ثم المجتمع .
ورأت ان مبادئ الرؤية والرسالة التي تسعى مؤسسة العزم لتحقيقها هي تحقيق التميز والجودة في التعليم بجميع مراحله مع الحرص على ان يكون طلابها مميزين عبر تامين بيئة سليمة تؤمن للطالب تحقيق ذاته عبر تقوية قدراته النفسية والفكرية والانفعالية وشددت على ان المنهاج التربوي الذي ستعتمده المدرسة هو تنمية روح القيم واحترام الاخر وتقبله وتعليم المواطنية الصحيحة. وان النجاح في المدرسة يتوقف على نمو القيم لدى الطالب وقدرته على التفاعل مع مجتمعه بقدر ما عليه ان يتلقى علومه في المدرسة.
من جهته الدكتور رائد محسن تحدث عن مواكبة العصر وحماية الهوية للطالب وركز على اهمية الدور المثلث لتربية الطالب الذي يعتمد على الاهل والمجتمع والمدرسة معتبرا ان المدرسة هي الاسرة الثانية يجب ان يكون فيها المدرس مفكرا يحاول ان يقوي مدارك الطالب دون اي ضغوطات حتى تحقيق الذات عبر اشراكه في عملية التفاعل الاجتماعي
وحذر من خطورة قمع الطالب وعدم وجود ان آلية تقييمية لادائه حتى المرحلة الاساسية من سنينه التعليمية كما ركز على انه يجب أن يكون للطالب قضية عبر تفعيل دور الاحزاب وعدم تركه للفراغ الذي يتخبط به عدد كبير من طلابنا ما يدفعهم الى الانحراف سيما انه لا توجد مدرسة في لبنان تخلو من طالب او اكثر يتعاطون المخدرات مع رواج التدخين.
وشدد على اهمية النشاط الرياضي و أن لا تكون معاقبته بحرمانه من هذا النشاط وركز ايضا على ضرورة التفاعل الاجتماعي النابع من الذات والانخرط في المجتمع والتعاطي مع كافة افراد المجتمع حتى تحقيق التواصل الفعال والعمل المتقن وفق الية تربوية خاصة ولفت الى اهمية عملية التقييم وعدم فرض اختصاص ما على الطالب بل اختيار ما يلائمه وما يستطيع ان يقوم به حتى لو كان الامر بترك المدرسة وتعلم مهنة او غير ذلك.