نظم “مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية” في قاعة محاضراته في سن الفيل ندوة بعنوان “بين تركيا وإيران: أين العرب؟”، حضرها عدد من المهتمين تقدمهم الوزير السابق بهيج طبارة، والمستشار في السفارة المصرية وائل عزب وممثل للامين العام ل”منتدى الامام الحكيم” في لبنان السيد علي الحكيم.
نوفل
ورأى الخبير في الشؤون الإيرانية والتركية والكاتب الصحافي في صحيفة “المستقبل” ميشال نوفل أن “العلاقات الإيرانية – التركية يحكمها تنافس في إطار نوع من التفاهم الإستراتيجي والتعاون والتشاور”، لافتا إلى أن “أي خروج للصراع التنافسي عن التفاهم الإستراتيجي، يمكن أن يتحول إلى صدع سني – شيعي يحرص الجانبان على تجنبه والإبتعاد عنه نظرا الى مضاعفاته الخطيرة”.
وأضاف: “لهذا السبب لا يقود التنافس بينهما اطلاقا إلى التدهور السياسي أو المواجهة والصراع المفتوح”، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أن “من الصعب التصور أن تتجاوز تركيا وإيران التنافس إلى التعاون الوثيق بالنظر إلى اختلافات سياسية وإيديولوجية أساسية، على الرغم من الرغبة المشتركة في تقليص التدخلات السياسية للقوى الخارجية في الشرق الأوسط واحتواء النفوذ الروسي والأميركي والصيني في آسيا الوسطى”.
وأوضح ان “هناك علاقات متوازنة في إطار من الإحترام والحذر المتبادلين، والحنين إلى المجد الامبراطوري، والتداخل على المستوى الثقافي والإثني والحضاري”، معتبرا أنه “لا يمكن لإيران الخروج من لباسها الشيعي ولا تركيا الخروج من لباسها السني، على رغم عدم إعلان الدولتين نفسيهما دولة شيعية ودولة سنية، وان الدولة المركزية القوية في البلدين تصالحت مع الإسلام”. وقال: “إن هذه المصالحة انتهت موقتا في إيران إلى إقامة دولة دينية، في حين أن الدولة العلمانية في تركيا التي لا تسمح بإقامة حكم ديني أعادت الإعتبار إلى الدين كعامل استقرار وتوازن للمجتمع”.
وشدد على أن “تركيا وإيران تطمحان إلى زعامة العالم الإسلامي ولهما نقاط قوة وموارد استثنائية تخدم هذا الطموح، وأن الثورات السياسية والتحولات التي هزت العالم العربي كشفت بوضوح الإختلافات في مقاربة القطبين للأوضاع الإقليمية”، مؤكدا أن “البلدين فوجئا وارتبكا أمام تحديات “الربيع العربي” لكن تركيا أظهرت مرونة أكبر في التعامل مع المعطيات الجديدة”.
نورالدين
واعتبر الخبير في الشؤون التركية والكاتب الصحافي في صحيفة “السفير” الدكتور محمد نورالدين ان “العلاقات التركية – الايرانية تحكمها جدلية التعاون والتنافس”، لافتا إلى ان “التعاون حكم ولا يزال العلاقات الثنائية، فيما التنافس ساد العلاقات غير المباشرة، وأن حتمية التعاون بين تركيا وايران فرضتها تقاليد ثبات مزمنة تشير الى استحالة الصدام المباشر، ما نقل التنافس بينهما الى ساحات ثالثة مشتركة يمتلكان فيها عناصر التأثير ويتواجهان فيها كلما اقتضت الضرورة، وهي حصرا القوقاز وآسيا الوسطى والمشرق العربي”.
ولاحظ ان “الثورات العربية في مصر وليبيا وتونس واليمن والبحرين كانت داخل مجتمعات بعيدة، الى حد كبير، عن الدائرة المشتركة بين ايران وتركيا، فيما ساحة بلاد الشام تختلف جدا لجهة التوازنات الداخلية السياسية والمذهبية، وأي اختلال في المعادلة الراهنة في هذه الساحة سيهدم توازنات تاريخية قديمة وربما جغرافية تفتح المجال امام اضطراب قد يمتد لعقود بل أكثر”، مشيرا الى ان “الصراع اليوم في سوريا وعليها ليس صراعا محصورا بالجغرافيا السورية، وهو يتعدى مطلب الاصلاح المحق الى محاولة إحداث اختلال في التوازنات الاقليمية والاجتماعية من جانب القوى والدول المطالبة بإسقاط النظام هناك”.
ورأى ان “أخطر ما في المواجهة الحالية بين تركيا وايران انها تستحضر كل مفردات التاريخ وحساسيته وتؤسس لهدم ما تبقى من آخر لحمة بين العرب، وهي رابطة العروبة ونقل جوهر الصراع بين العرب والمشروع الصهيوني الى صراع بين السنة بشقيهما التركي والعربي والشيعة بشقيهما الايراني والعربي”، مبديا اقتناعه بان “تخلي تركيا عن انخراطها المباشر في سياسة المحاور فوتا فرصة تاريخية في إطفاء الفتنة السنية الشيعية، وفوتا على تركيا نفسها مضاعفة تأثيرها الاقليمي”.
وأضاف: “المنطقة تتسع للجميع وتخطئ تركيا ان راهنت على امكان العودة الى ما قبل معاهدة قصر شيرين عام 1639 مع ايران والى ما قبل الحرب العالمية الاولى مع العرب، لان النتائج الكارثية لمثل هذا الرهان لن يوفر احدا وفي مقدمهم تركيا”.
وختم: “اذا كانت تركيا وايران تهربان الى التصارع في الساحة العربية، فسينعكس ذلك سلبا على الجميع”، مستدركا أنه “مع ان التنافس بينهما بلغ أوجه في الفترة الاخيرة، فإن التفاهم بينهما على تحصين الساحة العربية هو المدخل للوصول الى حلول تحفظ الاستقرار للمنطقة ولهما”.
اللباد
واعتبر رئيس “مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية” في القاهرة
أن “الصراع السني – الشيعي سيكون في الواجهة في المرحلة المقبلة وليس الصراع العربي – الإسرائيلي، وأن تركيا تتأهب لقطف ثمار الإنتفاضات العربية لأنها سنية بالمنطق الطائفي السائد في المنطقة وتعمل بالوكالة عن الولايات المتحدة وتحتفظ بعلاقات ممتازة مع “الإخوان المسلمين” المنتصرين في البرلمانات العربية الجديدة”.
وأضاف: “ستخرج إيران خاسرة لانها نافست إسرائيل بضراوة وهددت السعودية ودول الخليج في العمق وطالبت بأثمان كبيرة من واشنطن لقاء التفاهم الإقليمي في الأعوام العشرة الأخيرة”.
وأكد ان “الولايات المتحدة لا يمكنها أن تدع المنطقة تشكل نظامها الإقليمي الخاص، لذا ستعمل على تشكيل نظام إقليمي جديد يحفظ مصالحها ومصالح إسرائيل”.