كتبت أليسار نافع
بدعوة من المستشارية الثقافية للسفارة الإيرانية وقناة “المنار” وبالتنسيق مع مركز بيروت الدولي للإنتاج والتوزيع الفني والجمعية اللبنانية للفنون”رسالات” أطلق أمس الأول المهرجان الثالث للسينما الإيرانية في بيروت.
المهرجان الذي حضره القائم بأعمال السفارة الإيرانية في لبنان مير مسعود حسينيان والمستشار الثقافي للسفارة محمد حسين رئيس زاده والمخرج السينمائي ابراهيم حاتمي كيا، بالإضافة إلى حشد من الوسط الثقافي والفني.
بعد تلاوة من القرآن الكريم كانت كلمة للمستشار الثقافي للسفارة محمد حسين رئيس زاده الذي عبّر عن سروره بهذا التواصل الخلاق بين لبنان وإيران فنياً وقال:” الفن ليس مجرد سلوى بل قيمة للشعب خاصة وأن السينما الإيرانية بلغت مرتبة عالمية على مدى 30 عاماً”.
وأضاف:” هذا التطور هو الطريق الفعال لترسيخ نهضة الأمة على اسس فعالة و مهمة وهو نقلة نوعية تعيشها السينما الإيرانية بعد انتصارنا في الثورة الإيرانية و ختم أملاً بأن يكون هذا الاسبوع محطة لتفعيل التواصل و التقدم لمواجهة رياح التغيير التي تعصف “بأمتنا”.
وكانت كلمة للجهات المنظمة ألقاها علي ضاهر الذي شكر القيمين على المهرجان والمخرجين المشاركين وعلى رأسهم المخرج العالمي ابراهيم حاتمي كيا الذي حضر خصيصاً إلى لبنان للمشاركة . هذا و أعلن ضاهر بأنه أنشأ للمهرجان أمانة عامة و سكرتيرية خاصة وستلتزم بتنظيم المهرجان سنوياً بين شهري 11 و12.
وقبل البدء بالعرض كانت كلمة ضيف الحفل المخرج العالمي ابراهيم حاتمي كيا الذي تكلم عن وحهة نظر الغرب للعرب وخاصة إيران وقال:” كان الجمهور الأوروبي يتعجب من الصورة الإيرانية المتطورة التي تبرزها أفلامي وكان يشكل هذا الأمر لي بحرقة فهم ينظرون لنا بطريقة نمطية غريبة”.
ثم تكلم عن فيلم الإفتتاح “بإسم الأب” قائلاً: الفيلم هو عن الحرب و عن العلاقة التي تجمع الجيل الأول بالثاني بسببه.
بعدها تم عرض فيلم الإفتتاح.
بإسم الأب
هي فتاة في ريعان الشباب، حلمت بأن تصبح أهمّ منقبة آثار إلاّ أن سهام الغدر أصابتها فحطمت كل أمل لها بغد جديد مشرق.
لا ندري إن كان مخرج عمل “بإسم الأب” إبراهيم حاتمي كيا، يعلم أنه قبض على الوتر الحساس في قلب كل مواطن لبناني عاش الحرب وتداعياته، فما صوًره لنا في فيلمه هو ليس فقط من الواقع الإيراني بل هو ايضاً حقيقة حيّه يعيشها أغلب اللبنانيين وخاصة عند المناطق الحدودية التي شهدت معارك ضارية مع العدو الصهيوني.
تدور القصة حول “حبيبة”، فتاة جامعية تدرس علم الآثار وهي وحيدة والديها، والدها مهندس شارك في شبابه بالحرب ضد العراق، يعاني من مشاكل في العمل خاصة بعد كشف الشركة التي يعمل فيها محاولته تسجيل 6 مناجم بإسمه كان قد ساعد في كشفها عن طريق الشركة ووالدتها تعمل في إحدى الجمعيات الخيرية.
“من قال أن الحرب انتهت يا بابا،لقد شاركت في حربكم ايضاً”. هكذا استقبلت حبيبة والدها ناصر في المشفى بعدما انفجر فيها لغم كانت قد داست عليه خلال تنقيبها على الآثار وأدى إلى طلب الطبيبة من والدها توقيع ورقة تسمح ببتر رجلها. لحظات من الغضب واليأس سيطرت على الوالد المفجوع فهو لا يريد أن يخسرحبيبة إبنته إن لم يوقع الطلب وفي الوقت عينه تصر “حبيبة” على إبقاء رجلها فيصور لنا “كيا” حوار “حبيبة” عن رجلها وكأنها الروح التي لا تريد الإنفصال عن الجسد رغم الالم الذي يدمرها تدريجياً.
يحاول “ناصر” إخفاء الحقيقة عن زوجته “راحلة” إلا أن حبيب “حبيبة” “ميثم” ولرغبته بالتودد الى أهلها يتصل ويخبرها بأنها تعرضت لحادث طفيف.
في المقابل يحاول “ناصر” معرفة مكان اللغم من رفقاء “حبيبة” و صديقه “مرتضى” الذي يعمل بتفجير الالغام. يخبره الجميع بأن المكان قد زرع من قبل العراقيين ابان الحرب إلا انه يصر على الذهاب إلى الموقع ليصدم هناك بأن الحادث وقع في “تلة شاهد” وهي الجهة التي كانوا يسيطرون عليها وبأنه هو من زرع تلك الألغام التي انفجر أحدها بإبنته.
عقدة الذنب لم تفارق “ناصر”، يحاول جاهداً منع بتر ساق ابنته إلا أن القدر يتغلب عليه ايضاً فخلال نقلها إلى طهران للعلاج يلقي الجيش القبض عليه بتهمة سرقة ملف المنجم و تصاب زوجته “راحلة” بنوبة قلبية فتعود الرحلة ادراجها لتبتر رجل “حبيبة” .
رسالة واضحة وجهها “كيا” إلى صناع الحرب في العالم، قال لهم بالصورة:”انظروا ماذا اقترفت أيديكم” فحبيبة هي نموذج لآلاف الشباب في مختلف بقاع الأرض جنوا ما زرعه آباؤهم وأجدادهم خلال حروب لم تكن إلا بهدف الطمع والأنانية.
رغم تأثر المُشاهد في أكثر المَشاهد و خاصة عند اكتشاف “ناصر” مكان الإنفجار وبأنه هو من زرعه إلاً أن “كيا” زرع البسمة على شفاه الحاضرين من خلال الحوارات الراقية والبسيطة بين الشخصيات وخاصة في مشاهد الحبيب “ميثم” الذي جهد خلال الفيلم بأن يظهر مدى محبته “لحبيبة” من خلال بعض الحركات “الصبيانية”.
يعرض اليوم فيلم “دموع البرد” لعزيز الله حميد زهد. الساعة 18:00.
و”الإختيار” لنادر مقدس. الساعة 20:00.
ابراهيم حاتمي كيا
أحد أشهر المخرجين السينمائيين الإيرانيين. بدء العمل كهاوٍ عام 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية وانتسب إلى العديد من المعاهد الفنية لدراسة أصول التصوير والإخراج. في العام 1987 قام بكتابة واخراج فيلمه السينمائي الطويل الأول “الهوية” ومنذ ذلك الحين قام باخراج حوالي 16 فيلم سينمائي طويل من اشهرها :الراصد، رائحة قميص يوسف، الموج الميت وبإسم الأب…