أفادت “مؤسسة الصفدي” في بيان، أنها مستمرة من خلال مركزها الزراعي في دير دلوم عكار، في تنفيذ أنشطة “مشروع دائم” الذي التزمت تطبيقه في المنطقة، بهدف مساعدة مزارعي المناطق الريفية على تحسين ظروفهم المعيشية عبر إدخالهم عالم التقنيات الزراعية الجديدة والمتطورة الذي يستطيع أن يلبي حاجات السوق المتزايدة من حيث الجودة، وذلك بالشراكة مع ACDI-VOCA.
وعن أقسام المشروع، تحدث مدير قطاع التنمية الزراعية في المؤسسة الدكتور غسان سرور فقال: “ينقسم الى ثلاثة اقسام: الأول، يعتمد على إنشاء خيمة بلاستيكية نموذجية تصلح لتعريف المزارعين على الزراعات خارج التربة وتصبح مثال لإعتماد التقنيات الحديثة، تؤدي بالتالي الى زيادة كمية وجودة المنتجات، والثاني يركز على مساعدة مزارعي الخضار على تحسين بعض من بيوتهم البلاستيكية من اجل مساعدتهم على تخفيف كلفة إنتاجهم وبالتالي تحسين ظروفهم المعيشية. اما القسم الثالث، فهو يتعلق بتوعية المزارعين حول تقنيات الزراعة خارج التربة، بحيث تألف هذا القسم من سلسلة ورش عمل منها نظرية ومنها تطبيقية ساعدت المزارعين على تطوير معلوماتهم الزراعية وإدخال طرق حديثة ضمن زراعاتهم الخاصة”.
ولفت إلى أنه تم إنجاز نشاطات عدة ضمن المشروع، استهلت بإنشاء خيمة نموذجية لزراعة الفليفلة الملونة في مركز دير دلوم الزراعي، بالتوازي مع تدريب الفريق التقني المختص ضمن سلسلة من ورش العمل النظرية والتطبيقية بهدف التعرف على هذه التقنية الجديدة وإكتساب الخبرة اللازمة لإرشاد ومساعدة المزارعين في منطقة عكار.
وإضافة إلى الخيمة النموذجية، تم بناء خيمتين نموذجيتين للزراعة خارج التربة لدى مزارعين من منطقة عكار، حيث تلقى هذان المزارعان خلال فترة المشروع سلسلة من ورش العمل تساعدهما على إعتماد الزراعة خارج التربة بشكل سليم.
وأكد المشرف على المشروع من “مؤسسة الصفدي” الدكتور الياس وهبه، انه “تم تزويدهما التعليمات والإرشادات اللازمة من خلال الزيارات اليومية التي كان يقوم بها الفريق التقني في مؤسسة الصفدي”.
وقال: “تم ضمن نشاطات المشروع، دعم ستة مزارعين معتمدين الزراعة في البيوت البلاستيكية، وذلك عبر تقديم مساعدات عينية تساعدهم على تحسين إنتاجهم عبر تعديل هيكل الخيمة الموجودة سابقا، والتي تعتمد الزراعة في التربة”.
وبرر الغاية من ذلك، بتحسين الإنتاج عبر خفض الرطوبة داخل الخيمة، وزيادة التهوئة، وبالتالي تخفيف الأمراض الفطرية، إضافة الى تخفيف الحشرات من خلال وضع الشبك العازل للحشرات على مداخل الخيمة وجوانبها.
وأوضح الفريق التقني المؤلف من المهندسين الزراعيين باسم الخوري واميل الأسمر، أنه تم اعتماد شبكة ري متطورة لضمان انتظام الري واعتماد شتول مطعمة من البندورة العنقودية والفليفلة الحلوة لمقاومتها أمراض التربة. كما استفاد المزارعون من خلال الحصول على مصائد فرمونية لمكافحة أمراض حشرة التوتا أبسلوتا Tutta absoluta لتخفيف استعمال المبيدات الحشرية، وعلى غطاء بلاستيكي لمكافحة الأعشاب الضارة الغير مرغوب فيها، وغطاء آخر لزيادة الظل وتخفيف الحرارة في الموسم الصيفي لتفادي الحروق على الثمار.
اما وهبه، فقد شدد على أهمية ورش العمل التي خضع لها المزارعون، والتي تنوعت بين نظرية وتطبيقية، بهدف نشر الوعي حول التقنيات الزراعية الحديثة واهميتها في الوقت الراهن في ظل التزايد المستمر على المنتجات ذات الجودة العالية في الأسواق الداخلية والخارجية.
وبهدف تعميم التجربة وإفادة اكبر قدر ممكن من المزارعين في قضاء عكار، فقد لفت إلى أن “كل مزارع منضو تحت مظلة هذا المشروع يتعاون مع أكثر من عشرة مزارعين عاملين في جواره بحيث يتم نقل المعلومات والخبرات المكتسبة من خلال تطبيق هذه التقنيات والتكنولوجيا الجديدة، بحيث يمكننا اعتبار أن عدد المستفيدين المباشرين من المشروع وصل إلى 88 مزارعا من عدة مناطق عكارية”.
وختم وهبه: “إن اكثر ما يهم المزارع هو تصريف إنتاجه، لذلك فقد استطعنا من خلال مشروع “دائم” أن نساهم في خلق حلقة وصل بين المزارعين وتجار الخضار عبر تأمين الأسواق المناسبة لمنتجاتهم، حيث أصبحت تباع بأسعار أعلى من الأسواق المحلية المجاورة التي إعتاد المزارعون على استخدامها لتصريف إنتاجهم”.
الأثر البيئي للمشروع
إضافة إلى الشق الإرشادي والاقتصادي، لفت سرور إلى مراعاة المشروع للعامل البيئي، حيث يتميز “دائم” بكونه اقل تأثيرا على البيئة مقارنة مع المشاريع الزراعية المعتمدة من قبل المزارعين في المنطقة، إذ أن الطريقة المعتمدة في الزراعة خارج التربة تقلص من استعمال المبيدات المضرة بالبيئة والإنسان معاً، وتخفض بالتالي من كلفة الإنتاج على المزارعين. كما أن اعتماد الشبك الواقي والتعديل في هيكل الخيمة له أثر ايجابي أيضا في خفض استعمال المبيدات”.
وقال: “لقد اثبتت التجارب ان الزراعات خارج التربة توفر في استعمال المياه وتزيد كمية الإنتاج في المتر المربع الواحد، وهذا امر مهم في بلد كلبنان حيث تكثر فيه مساحات البناء على حساب الأراضي الزراعية”.
وختم منوها بالمشروع الذي اعتبره “الخطوة الاولى في معالجة مفاهيم أساسية في سلاسل الإنتاج. وهو مفهوم تقوم بدعمه بشكل كبير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، البنك الدولي، وغيرها من المنظمات الدولية”.