بعد نجاح المبادرة في السنة الماضية، نظمت “مؤسسة الصفدي” بالتعاون مع المجمع الثقافي الفني وللسنة الثانية على التوالي، المسابقة الفنية التي حملت عنوان “قصتي” للمرحلة الابتدائية، حيث شارك تلامذة صفي الخامس والسادس أساسي في ابتداع قصص من مخيلتهم واستنباط أفكارهم، لوضعها في قالب قصصي مرئي بالرسوم ومقرؤ بالكلمات، جُمعت في كتيب صغير ضمن أقصوصات، اختيرت لتميز فكرتها، ولتضمنها معايير فن القصة: موضوعاً، وحبكةً وأسلوباً وإخراجاً فنياً… وسوف يوضع هذا الكتاب في متناول إدارات مدارس طرابلس والشمال للاستفادة من هذه التجربة. وقد فازت لهذه السنة بالمرتبة الأولى قصة: وجهة النملة، للطالبة سعاد الناغي – الصف الخامس – الليسيه اللبنانية.
وجرى توزيع الجوائز على المدارس(10 مدارس بين رسمية وخاصة) والقصص الفائزة في احتفال أقيم في “مركز الصفدي الثقافي” حضره إلى ممثل “مؤسسة الصفدي” الدكتور مصطفى الحلوة، ورئيسة المجمع السيدة هدى صباغ، والمدارس المشاركة والأهالي، ممثل وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي الأستاذ محمد طرابلسي، رئيس بلدية الميناء السفير محمد عيسى، رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، ومهتمون.
بعد الافتتاح، استهل السفير عيسى الكلام معبراً عن فرحته الكبيرة “بأن أقف على هذا المنبر للاحتفال بتكرار هذه التجربة الجميلة، التي أثرت بي كثيراً. أضاف: إن مبادرة السيدة هدى صباغ بالتعاون مع “مؤسسة الصفدي” لتنظيم هذا الحفل وتوزيع الجوائز على طلابنا المبدعين كبادرة قيمة، وهي تحمل أملاً بأن نرى في المستقبل القريب إن شاء الله، نتاج أعمال هؤلاء الطلاب وهم يحصدون الجوائز عالمياً في القصة ومختلف الفنون. وقال: إن التربية الحديثة تستطيع أن تجعل من فلذات أكبادنا أدوات جادة في الثقافة والفن والعلوم. ونوه بجهود مؤسسات المجتمع المدني وكل العاملين في هذا الشأن لأنهم يزودون المجتمع بالعناصر التي ترفع من شأنه وتدفعه إلى الأمام. ولفت إلى أنه في البلاد المستقرة تجد الإنسان يصبو إلى الإبداع وإعطاء كل ما هو خلاق، لأنه يركز اهتمامه على ما يعمل به. أما في مجتمعنا اللبناني وبالأخص طرابلس، فإننا نعيش أياماً عصيبة وصعبة منذ ردح من الزمن، آخرها كانت المعركة التي سميت “14” من بين المعارك التي شهدتها طرابلس. ومع هذا الواقع الغير مستقر والقلق، لا شك أن التركيز على الفن والثقافة والقصة وكل رقي وتقدم يكون صعباً، فلا يمكن أبداً الفصل بين الاستقرار والإنتاج.
ثم ألقى الحلوة كلمة “مؤسسة الصفدي”، فاعتبر “أن أدب الأطفال يُشكِّل مجالاً واسعاً تستطيع الطفولة من خلاله أن تعبِّر عن مكنونات أفكارها وما يعتملُ في دواخلها من مشاعر وأحاسيس، إضافةً إلى تطلعاتها والانتظارات. من هُنا كان لأدب الأطفال أن يغدُوَ حقيقةً تربوية وأداة تثقيفية لها أثرٌ بالغٌ في بناء شخصية الطفل. ولقد كان لفن القصة أن يحتلَّ موقع الصدارة في إطار أدب الأطفال، ذلك أن الطفل، عبر هذا اللون الأدبي، يحكي نفسه قبل أن يحكي الآخرين ويُجسِّد ماضيه وحاضره ومُستقبله. أضاف: وإدراكاً من “مؤسسة الصفدي” للدور الذي يؤديه أدب الأطفال على صعيد الطفولة- وهي المرحلة التأسيسية بل الأكثر أهميةً وخطراً في التشكيل الفكري والنفسي والاجتماعي والقيمي للإنسان- فقد كان لها أن تتعاون مع وزارة الثقافة من خلال “احتفالية بيروت عاصمة عالمية للكتاب” في العام 2010؛ وكان إصدارٌ لكتاب بعُنوان “قصتي”. وقد شكّل هذا الكتاب الحلقة الأولى في سلسلة “قصتي”، وليليهِ كُتيب آخر بنفس العنوان، وذلك عبر تعاون “المؤسسة” مع “المجمع” حيث أجريت مسابقة في فن الأقصوصة شارك فيها العديد من مدارس طرابلس والشمال لصفي الخامس والسادس من مرحلة التعليم الأساسي. وإذْ نستكملُ هذه التجربة الواعدة مع “المجمع”، فإننا، في “مؤسسة الصفدي” نتطلع إلى استمرار هذا التعاون والارتقاء به مستقبلاً. وختم: إننا، إذْ نهنئ الفائزات والفائزين في المسابقة، كما جميع الطلبة المشاركين، نتقدم بالشكر من شريكنا في هذه الفعالية “المجمع الثقافي الفني” ممثلاً برئيستِهِ الناشطة الاجتماعية وفي مجال الثقافة السيدة هُدى صباغ. كما نتقدم من إدارات المدارس المشاركة والمربيات والمربين الذين واكبوا تلامذتهم، شاكرين لهم جميعاً جهودَهم وتعاونهم. وليكن معلوماً أن التعليم، ولا سيما في المراحل الابتدائية، لا يُقتصر على ما يحصِّلُهُ الطلبة من الكتب والمقررات المدرسية، بل هو فضاءٌ ثقافيٌ مُتسع وشامل، يُشكل أدب الأطفال أحد عناوينه ومكوِّناته الأساسية.
بدورها، نوهت صباغ في كلمتها باسم المجمع الثقافي الفني بالتعاون المستمر والمثمر مع “مؤسسة الصفدي” للعام الثاني، لنحتفل معاً ببراعم يانعة تبشر بالأمل، شاركت معنا بأنامل رسمت وأفكار أبدعت رغم كل الإضطرابات التي مرت على المنطقة في العام الماضي. أضافت: إننا نسعى لأن نبني حجراً في مدماك المستقبل، نزرع وروداً في طريق أجيالنا علّنا نرهف بالمشاعر وندعوهم إلى لذة العطاء من خلال التعبير بالوسائل الحضارية بالفكرة بالكلمة بالريشة لا بالبغض والتناحر. وقالت: يهدف المجمع الثقافي الفني باكتشافه مواهب براعم مدارس وثانويات المدينة إلى وضعهم على طريق الإبداع وتشجيعهم على المطالعة والرسم والخلق… ودخولنا إلى عالم الطفولة من بوابة التربية وتعاوننا مع مدارس وثانويات المدينة الرسمية والخاصة بمسابقات هادفة فنية وأدبية، جاء ليكمل خطة شخصية، رسمية، تربوية، إجتماعية، رياضية وأهلية، وضعت بصمة بحضورها لإنجاح هذا العمل. وختمت موجهة الشكر إلى المدارس والطلاب والأهالي، والشكر الكبير لمؤسسة الصفدي على التعاون.
كلمة المنطقة التربوية ألقتها رئيستها الجديدة نهلا حاماتي، التي عبرت عن فخرها واعتزازها “بطلابنا المكرمين، الذين وبرغم صغر سنهم، قد أظهروا إبداعهم وموهبتهم واهتمامهم الواعد بالثقافة والادب والفن. ونوهت بالدور الكبير الذي يقوم به المجمع الثقافي الفني لجهة تكريم الطلاب وتشجيعهم على التحصيل العلمي، وتحفيزهم على المزيد من العمل والاجتهاد للوصول إلى ما يصبون إليه وما يعول عليه أهلهم ومعلموهم ومجتمعهم. أضافت: إن هذا المجمع ينال الدعم والتأييد والثقة من جميع المؤسسات والمراكز المشهود لها، وهي مشكورة بتشجيع نشاطات واهتمامات مماثلة، ومن بينها مؤسسة الصفدي التي عاونت المجمع في إنجاح هذا النشاط التربوي والثقافي. وقالت: ليس غريباً أن تلتقي المنطقة التربوية مع المجمع والمؤسسة وجميع المهتمين في هذا النشاط، على الوقوف بجانب الطلاب، مقدمين لهم كل الدعم والتشجيع، إيماناً منا بقدرتهم وثقة بموهبتهم وبأهليتهم في بناء مستقبل مشرق ومضيء. وكلنا يعلم أن هذا النشاط ليس الأول ولن يكون الأخير، ونحن في المنطقة التربوية في الشمال على استعداد دائم لتقديم الدعم والتشجيع لكل من يقوم بمبادرات ونشاطات، تهتم بالثقافة، وتعلي من شأن الآداب والفنون، إيماناً منا بأهميتها في بناء شخصية النشء، جيل الغد، الذي نعول عليه في تقدم الوطن وازدهاره ونهضته، ليبقى وطننا لبنان، منارة الحضارة والإبداع.
قبل أن يتسلم الطلاب الفائزون جوائزهم، قدم المنظمون شهادات تقدير للثانويات الفائزة بالمراتب الأولى والمشاركة في المسابقة، فتسلمت الليسيه اللبنانية شهادة تقدير لفوزها بالمرتبة الأولى(خامس)، والثانية(سادس)، كما نالت ثانوية رأفت الحسيني رسمية صبيان(خامس) وثانوية الإصلاح المرتبة الثانية(سادس). وتسلمت 8 ثانويات أخرى شهادات تقدير على المشاركة(النهضة الرسمية بنات، ثانوية الجنان، مدارس البيان، طرابلس الإنجيلية، الأرثوذكسية مارالياس، راهبات القلبين الأقدسين، وثانوية روضة الفيحاء).
وختم الحفل بلفتة تكريم لأمينة سر المجمع المربية وجيهة عكاري التي أنهت مسيرتها التربوية وتفرغت للعمل التطوعي، ثم قدمت صباغ درعاً تقديرياً من المجمّع الثقافي الفني لمؤسسة الصفدي على تعاونها ودعمها، تسلمه الدكتور مصطفى الحلوة.