نظمت “مؤسسة الصفدي-مكتبة المنى” بالتعاون مع جمعية “السبيل” لقاءً في “مركز الصفدي الثقافي” تناول “حياة وأعمال المؤلف الموسيقي الراحل توفيق الباشا”، من خلال شهادة خاصة لشقيقه الفنان التشكيلي الدكتور أمين الباشا، وأخرى نقدية من الناقد الموسيقي الياس سحاب، مسلطين الضوء على مختلف الميادين التي أبدع فيها الباشا: تأليفاً موسيقياً، مشاركات في أطر فنية متعددة، ووضعاً لكتب ومؤلفات موسيقية… وصولاً إلى آخر المحطات المضيئة في مسيرته التي ترقى إلى أكثر من خمسين عاماً قضاها مترهباً في هيكل الموسيقى، رافعاً من شأنها ومعلناً حرباً لا تراجع فيها على الفن الهابط الذي راح في الآونة الاخيرة يغزونا من كلّ حدب وصوب. كما تضمن اللقاء الاستماع إلى مقطوعات موسيقية من أعمال الفنان الراحل (“العاصفة والربيع”، “فاصل موشحات”، “إسقِ العطاشى”). وقد حضر الحفل إضافة إلى الدكتور أمين الباشا والناقد الياس سحاب وعقيلاتهما، مديرة مكتبة المنى ريم دادا الحسيني، علي الصباغ ممثلاً جمعية السبيل، حشد ثقافي وموسيقي من محبي أعمال توفيق الباشا، وإعلاميون.
بعد النشيد الوطني وكلمة الافتتاح من سمر جمول لبابيدي باسم “مكتبة المنى”، ألقت السيدة ريم دادا الحسيني كلمة “مؤسسة الصفدي” مرحبة بالحضور “في رحاب مركز الصفدي الثقافي الذي يتحول في هذا اللقاء المميز الى صرح للفن الأصيل، ونحن نستعيد أعمال أحد عمالقة الموسيقى اللبنانية بل العربية والعالمية، عنيت به الموسيقار المبدع الراحل توفيق الباشا. فالمؤسسة، من خلال حرصها على تكريم عمالقة الفن الأصيل في بلدنا، وهم كـُثـُر، تفخر بأن يشكل “مركز الصفدي الثقافي”، وفي إطاره “مكتبة المنى”، مساحة للإبداع والمبدعين في مختلف الحقول المعرفية والثقافية والفنية”. وختمت موجهة التحية إلى جمعية السبيل التي “تلاقينا معها في “مكتبة المنى” على أهداف مشتركة أبرزها التشجيع على القراءة”.
الدكتور أمين الباشا والناقد الياس سحاب
ثم تناول الدكتور أمين الباشا حياة شقيقه الراحل وأعماله الفنية في قراءة وجدانية مطلعاً الحضور على مختلف مراحل ومحطات حياة الموسيقار توفيق الباشا: طفولته، شبابه دراسته الفنية وأعماله، حلمه وحبه للفن الرسم والادب واخيراً التاريخ الذي أوصل شعره الى الاندلس، فصورها بألحانه من خلال قوله الدائم بأن الموسيقى الغربية تتأثر بالموسيقى الاندلسية كيف لا، ووجود زرياب في قلب اسبانيا تمد يداً الى افريقيا من جهة ويداً ثانية الى اوروبا منيرة بالفن والعلم والاختراع”. تلتها شهادة نقدية من الناقد الموسيقي والكاتب السياسي الياس سحاب الذي تولى تشريح أعمال الفنان الراحل في توفي قالباشا وتفسيرها مع الاستماع الى عدة مقطوعات من تأليفه خلال الحفل. فقد وصف سحاب الراحل بالموسيقي المظلوم لانه كان جدياً اكثر من اللزوم، معلناً إحترامه لهذه الجدية وعدم مناهضتها، لكنه وجد انه دفع الثمن لانه عمل وفق طموحاته الكبيرة وليس وفق ما يتطلبه الجمهور، وتوقع ان تكون للباشا مكانته مع انتهاء موجة الهبوط الفني، لكنه عاد ليعلن عدم تفاؤله بزوال هذه الموجة في المدى المنظور لأنها مرتبطة بالواقع السايسي والاجتماعي الذي لا أفق لتبديله، إلا أنه لا بد أن تزول ويأتي بعدها النهوض. وبعد الاستماع الى مقطوعة “العاصفة والربيع” من مسرحية حكاية لبنان، قدم سحاب تفسيراً بأن الباشا كان متاثراً ببيتهوفن المتأثر بدوره بموضوعات اجتماعية. وذكر سحاب بأن الراحل عمل على موشحات من التراث العربي، بالاضافة الى انه كان يتكل على صوتين اذاعيين هما “محمد غازي” الذي يعتبر اهم صوت مر على الاذاعة اللبنانية، والفنانة “سعاد محمد” وهي من اكتشافات توفيق الباشا. واختتم اللقاء مع الموسيقار الراحل توفيق الباشا من خلال الاستماع إلى مقطوعة “إسقي العطاشى”، وهي عبارة عن صلاة استسقاء، وهي تراث موجود في حلب، حيث رأى سحاب أن التاريخ سيخلد الموسيقار الراحل توفيق الباشا من خلال هذه القطعة الموسيقية وغيرها من المقطوعات الأخرى. وكان حفل كوكتيل بالمناسبة.