رأى الرئيس عمر كرامي ان الأزمة السياسية تتمثل في عجز الدولة ومؤسساتها عن اتخاذ القرارات وتحديداً تعيين موظفي الفئة الأولى، كما حصل خلال جلسة مجلس الوزراء مؤخراً، داعياً إلى اتخاذ قرار جماعي لتغيير هذا النظام وفقاً لما تنص عليه المادة 95 لالغاء علة العلل، الطائفية السياسية التي هي العقبة الأساس لبناء دولة المؤسسات.
ولفت إلى انه “في الانتخابات تنهمر الخطابات والوعود دون تنفيذ وبعد أربع سنوات تعود حليمة لعادتها القديمة والوطن يذوب بين أيدينا”. وأكد “اننا قررنا خوض المعركة تحت شعار استعادة قرار طرابلس إلى طرابلس التي لا يمكن أن نسمح أن تكون ارادتها مرهونة إلى الخارج أياً كان هذا الخارج”. مشيراً الى أن الشعب يعرف وجرب كل شيء ولا بد أن يعود الى اصالته وكرامته والبدء بتصحيح جميع الأخطاء وبناء كل ما تخرب وليس مقبولاً أن تبقى طرابلس مهملة ومهمشة بهذا الشكل”.
كلام الرئيس كرامي جاء خلال رعايته احتفالاً تربوياً على مسرح مدرسة الليسيه اللبنانية في زيتون أبي سمراء بحضور أفراد الهيئتين الادارية والتعليمية وأهالي الطلاب.
بعد النشيد الوطني قدم طلاب المدرسة وصلة من الرقص الفلكلوري، ثم رحبت الاستاذة رولا الدهيبي بالحضور، تلتها مديرة المدرسة المربية جمانة هاجر بيروتي التي عددت انجازات ومشاريع الرئيس عمر كرامي في طرابلس والشمال، وقالت: “عرفناك دولة الرئيس كرامي وعرفك لبنان وكنت موضع تقدير واحترام ولولا المرتبصون ومحترفو الشر لبلغنا القمة منذ زمن لأننا نعلم أنك غني عن المناصب لأنها أصبحت وراء ظهرك ودخولك المعركة من أجل قرار طرابلس”.
بعد ذلك تحدث المدير العام للمدرسة المربي مروان بيروتي الذي رأى “ان ارادة الرئيس كرامي بما لديه من جذور وطنية راسخة هي أقوى من أن تنكسر وأعمق من أن تقتلع، فهو مدرسة للنقاء والطهارة في وقت عز فيه النقاء وندرت فيه الطهارة”.
ثم كانت كلمة الرئيس كرامي فقال: “انه لشرف كبير أن نأتي إلى هذه المؤسسة العلمية لنلتقي بهذه الشريحة الكريمة من المواطنين في ظرق انتخابي نعتبره مفصلاً في حياتنا الوطنية والسياسية، وكلنا يعرف ان هناك انقسام في الرأي العام اللبناني تجاه كثير من الأمور الأساسية في حياتنا وهذا الانقسام لا يمكن أن نتفادى مخاطره إلا من خلال الديمقراطية الصحيحة التي هي صدى لشعبنا الكريم. وانني بهذه المناسبة اريد أن أكون صريحاً معكم الى أبعد حدود الصراحة لأن الانتخابات هي محطة يقف أمامها المواطن ليحاسب ممثليه وليحاسب الطامحين الى تمثيله. وأنا أقول دائماً أن علة العلل في نظامنا هي أن شعبنا عندما يحين وقت الحساب ينسى كل الأمور ولا يحاسب ولو كان المواطن عندما يلقي بورقته في صندوقة الاقتراع يستعيد الماضي القريب والبعيد وأداء كل المرشحين للانتخابات من أجل أن يكون حكمه صالحاً وصادقاً أوكد لكم اننا لم نكن قد وصلنا الى ما وصلنا اليه من حالة مزرية سواء كان على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو على الصعيد السياسي، وانني أقول لكم ان الحياة السياسية في لبنان التي تخضع لنظام طائفي ومذهبي أثبت فشله لأننا لم نستطع أن نبني دولة القانون والمؤسسات بل بقيت الأمور كلها تحل على أساس العشائرية والعشائرية لا يمكن أن تبني وطناً وأن تحصنه أمام كل المخاطر، فالأزمة السياسية التي تتمثل في عجز مؤسسات الدولة الأساسية من أن تأخذ القرارات التي تعين من خلالها الموظفين وخاصة في الفئة الأولى، شاهدنا بالأمس ماذا حصل في مجلس الوزراء وكيف كانت هذه الحكومة عاجزة عن التعيينات وبأدق الظروف التي نمر بها، لذلك قلنا أنه حان الآوان لأن نأخذ القرار الوطني الاجماعي بتغيير هذا النظام، خاصة وان اتفاق الطائف ومن بعده الدستور اللبناني قد نص في المادة 95 على الغاء الطائفية السياسية من نظامنا وهي علة العلل وهي العقبة الكبرى في بناء دولتنا ومؤسساتنا وطبعاً نحن اليوم تأخذنا الأوضاع السياسية وننسى أو نتناسى أزمتنا المالية والاقتصادية والاجتماعية. وهي نتيجة سياسة خاطئة أودت بنا إلى أن أصبح الدين العام يلامس الخمسين مليار دولار والحبل على الجرار. أمام هذه المخاطر جميعاً لا بد لشعبنا من أن يتبصر بكل الأمور وأن لا يصدق كل الوعود ففي كل انتخابات تنهمر الخطابات والوعود من هنا وهناك وتنتهي الأربع سنوات وتعود “حليمة لعادتها القديمة” والوطن يذوب بين أيدينا. نحن عندما قررنا خوض هذه المعركة الانتخابية قلنا ان برنامجنا هو مواقفنا التي أعلناها في كل الأزمات وفي كل المناسبات قولنا اننا نخوض هذه المعركة تحت شعار استعادة قرار طرابلس الى طرابلس واستعادة كرامة هذه المدينة، فطرابلس لم تتعود إلا ان تتلقى أوامرها من شعبها، وممثلي طرابلس لم يتعودوا إلا أن يأخذوا قرارهم بناء على ارادة أبناء طرابلس ولا يمكن أن نسمح أو أن نقبل بأن تكون ارادة طرابلس مرهونة الى الخارج أياً كان هذا الخارج، ونحن عندما نرى كيف أُلفت اللوائح وكيف أنزل مرشحون من خارج نسيج طرابلس في هذه اللوائح شعرنا ان هناك مساس بكرامة كل طرابلسي، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى نشعر بغياب الثقل السياسي في بيروت كما تعودنا أن يكون لطرابلس دائماً هذا الثقل السياسي، وكما نشعر أن مشاريع طرابلس وخاصة المشاريع الاستثمارية غائبة كلياً وكل المتطلبات لم تجدي نفعاً مع أهل الحكم، المعرض والمرفأ والمطار، هي بحاجة الى التفعيل وهذه المشاريع تخفف من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية فمن خلال المعرض والمرفأ والمطار يمكن تأمين 15 إلى 20 ألف فرصة عمل وهذا يحرك اقتصاد هذه المدينة ويشجع القطاع الخاص على أن يستثمر في هذه المدينة وفي الشمال، ولكن لا حياة لمن تنادي، اضافة الى ان طرابلس تحتاج الى توحيد جميع صفوف ابنائها من أجل تأمين هذه المشاريع وهذه الخدمات لهذه المدينة، ولقد ناديت الجميع بأنني وبعد الانتخابات، وأياً تكن النتائج أمد يدي للجميع من أجل ان نتعاون لتحقيق مشاريع طرابلس وازدهارها، وأنا صادق فيما أقول، ولا أعتقد أن أي أحد أهم من طرابلس ومن ازدهارها ومن ازدهار شعبها. على هذا الأساس وبعد أن استخرنا الله سبحانه وتعالى اتخذنا القرار بالترشح ونحن ندرك قساوة هذه المعركة لأننا نعرف حجم المال السياسي الذي يصرف في هذه المدينة ومع ذلك فإن ثقتنا كبيرة بشعبنا الذي جرب كل شيء وعرف كل شيء ولا بد أن يعود إلى اصالته والى كرامته وأن تبدأ المسيرة من أجل تصحيح جميع الأخطاء حتى نتعاون جميعاً على اعادة بناء كل ما تخرب، ليس مقبولاً ان تبقى طرابلس مهملة بهذا الشكل، ومهمشة بهذا الشكل، حتى اننا بتنا نتندر ان طرابلس قد حفرت طرقاتها جميعاً منذ سنة تقريباً وحتى الآن لم تسد “جورة” واحدة ولا أحد يسأل والمواطنون يعانون ويشتكون”.
أضاف: “حرام أن تبقى العاصمة الثانية، عاصمة الشمال بهذا التهميش والاهمال، ثقتنا كبيرة بهذا الشعب وأمالنا أكبر بالمستقبل باذن الله، وبتعاوننا جميعاً سنحقق لهذا العشب ولطرابلس ما تبتغيه.
شكراً لكم على هذا اللقاء والشكر للاستاذ مروان بيروتي وحرمه المصون”.
بعد ذلك طرح أفراد الهيئة التعليمية بعض الأسئلة على الرئيس كرامي الذي قال رداً على سؤال حول التعاون مع النائب السابق عبد المجيد الرافعي: “أنا اعتبر الدكتور عبد المجيد الرافعي ركن من اركان الحياة السياسية في لبنان وله الأيادي البيضاء في طرابلس، لذلك أنا أسفت جداً لأنه لم يترشح للنيابة، وبالفعل زرته واستشرته بكثير من الأمور ونحن نتعاون ونستشير ونقبل كل النصائح من كل المخلصين والشرفاء في هذه المدينة وعلى رأسهم الدكتور عبد المجيد الرافعي”.
ورداً على سؤال حول دور المكتب التربوي في حزب التحرر العربي في خصوص مطالب الأساتذة المتعاقدين الذين يعانون من ضائقة مادية كبيرة، قال كرامي: “نحن منذ القدم أنشأنا مدارس الكرامة وهي مدارس مجانية ولدينا كلية التربية والتعليم ودار الأيتام، “المؤسسة الاجتماعية” وما يتبعها من مؤسسات وخاصة المهنيات، ولدينا مؤخراً جامعة المنار التي نفتخر ونعتز بأنها أصبحت من كبريات الجامعات في لبنان، فكل مؤسساتنا بخدمة أبناء شعبنا، وطبعاً موضوع المتعاقدين نحن مع كل مظلوم بهذا الوطن، لذلك سنبذل كل جهدنا من أجل ان جبر الدولة والحكومة على انصاف هذه الفئة من اخواننا المتعاقدين”.