صدر عن كتلة الوفاق الوطني التي تضم الوزير محمد الصفدي والنائب قاسم عبد العزيز البيان الآتي:
أمام مشهد الانقسام السياسي الحاد وتصاعد الخطاب المتوتّر وعودة الشحن الطائفي والمذهبي، يصبح قلق اللبنانيين مبرراً من أن يؤدي كل ذلك إلى انزلاق البلاد نحو المخاطر التي تقوّض الامن وتهدد الاستقرار وتضعف الأمل بمستقبل الوطن.
لقد استفزّت لغة التهديد وممارسة التحدّي في وجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان شريحة واسعة من اللبنانيين، ما أتاح الفرصة لمحاولة استدراجهم إلى مواجهة سياسية شرسة حول عنوان محق هو “الحقيقة والعدالة” والذي تحول للأسف إلى وجهات نظر متصادمة بدل أن يكون جامعاً وأن يبقى النقاش فيه محصوراً ضمن الأطر الدستورية وداخل مؤسسات الدولة.
إننا إذ نتمسك بالمحكمة كوسيلة لتحقيق العدالة وليس للانتقام أو للفتنة، نرى بكل أسف، أن السجالات خرجت عن حدود المعقول وعادت محاولات توظيف الشارع واستغلاله من خلال استثمار الشحن الطائفي والمذهبي لحماية بعض المواقع السياسية ليعود معها اللعب بأسلحة المذهبية الخطرة، مما يهدد بانهيار السلم الأهلي وبالتالي إدخال البلاد في نفق مظلم لا تضيئه إلا حرائق الاقتتال بين الأخوة.
إن ارتفاع أصوات الشحن الطائفي والمذهبي وتّر الأجواء في جميع المناطق اللبنانية وفرض مناخاً عاماً يوحي بأن الاقتتال حاصلٌ حتماً. وفي هذا الإطار ترفض كتلة الوفاق الوطني أي محاولة من أي جهة أتت لاستخدام طرابلس والشمال ساحة لتصفية الحسابات وممارسة الضغوط وتوجيه الرسائل الساخنة من أجل تحقيق مكاسب رخيصة على حساب أمن هذه المدينة واستقرارها واقتصادها.
إننا بصراحة، نخشى وجودَ نوايا مبيتة تجعل من طرابلس والشمال مجدداً ساحةً للفتنة بعدما دفعت في السابق ما يكفي من الأثمان الباهظة، على كل المستويات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
إن الحرص على طرابلس والشمال وكل لبنان يدفعنا لرفع الصوت عالياً ورفض كل المحاولات لجرّ اللبنانيين إلى الصدامات المدمّرة. إن طرابلس بالتحديد ترفض أي توريط لأبنائها في الفتنة، ولا ترضى أن يختصرها أحد أو أن يضفي عليها صفة التطرف أو التهويل بهذا التطرف.
إن حماية طرابلس تكون بوقف كل الممارسات التي تشوّه صورتها. فطرابلس لا مشروع لها سوى مشروع الدولة الواحدة الموحدة، وهي كانت ولا تزال حاضنةً للوحدة الوطنية وصمام أمان للشرعية وللنظام الديمقراطي، وأبناؤها حريصون على مدينتهم بتنوعها وانفتاحها.
لذلك، نطلب من الدولة بجميع سلطاتها أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتولى القوى الأمنية الشرعية وحدها دون سواها، مسؤولية الأمن في المدينة، والتصدي لأي محاولة لضرب الاستقرار فيها.