أصدر مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني بيانا حدد فيه صدقة الفطر لشهر رمضان المبارك للعام 1431 هجرية/2010 ميلادية.
وجاء في البيان: “الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد، فإن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم عنده فضل وزيادة عن قوته وقوت من تلزمه نفقتهم ليلة العيد ويومه، فيخرجها عن نفسه وعنهم كزوجة وأولاد وخدم وغيرهم ممن هم في نفقته، يدفعها إلى الفقراء والمساكين، لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم” أي يوم العيد، لما في ذلك من الرفق بالفقراء وإغنائهم عن السؤال يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدومه عليهم، وهو ما ذهب إليه الأئمة الأربعة الشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ومالك بن أنس، رضي الله عنهم أجمعين”.
وقال: “وذهب جمهور الفقهاء إلى جواز إخراجها من أول شهر رمضان، وتصبح واجبة ليلة العيد بغروب شمس آخر يوم من أيام رمضان على من لم يخرجها قبل ذلك، شرط عدم تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، لما رواه أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” المجموع للنووي 6/162″.
وأضاف: “ومقدار الواجب فيها صاع من قمح أو تمر أو زبيب، لحديث الصحيحين البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب”، وفي الصحيحين أيضا: عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر على كل ذكر وأنثى من المسلمين”، والصاع مكيال متوارث من عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقدر بكيلوغرامين وأربعمائة غرام (2400 غرام)، ويجوز دفع قيمة هذه الأشياء من النقود، وهو أيسر على الناس، وأنفع للفقراء، ومقدار قيمتها يتفاوت بحسب الأجناس المنصوص عليها، وما هو غالب قوت أهل البلد سعرا وقدرة واستطاعة ما بين ثلاثة الاف و13 الف ليرة لبنانية، وهي على التفصيل ثلاثة آلاف ليرة باعتبار القمح، وعشرة الاف ليرة باعتبار التمر، وثلاثة عشر ألف ليرة باعتبار الزبيب، يصرفها كل واحد عن نفسه وعن كل واحد ممن تلزمه نفقتهم بحسب حاله قدرة واستطاعة، وفقا للتفاوت المذكور، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين”.
فدية العجز عن الصيام كما أصدر مفتي الجمهورية بيانا آخر حدد فيه فدية العجز عن الصيام.
وجاء في البيان: “الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: “العجز عن الصيام في شهر رمضان قد يكون مؤقتا، وقد يكون دائما:
1- فالعجز المؤقت عن الصوم: هو العجز الذي يزول بزوال سببه، كالمريض مرضا يرجى برؤه وشفاؤه، وكالحامل أو المرضع التي يضعفها الصوم وتخاف على نفسها لا على حملها أو رضيعها، فهذه الحالات لا فدية فيها على العاجز عن الصوم، بل عليه إعادة الصوم فقط بعد زوال السبب وبعد رمضان، أما إذا أفطرت الحامل أو المرضع لخوفها على حملها أو رضيعها من صومها فعليها الإعادة مع الفدية لكون سبب الفطر هو غيرها.
2- وأما العجز الدائم عن الصوم: فهو العجز الذي يدوم إلى الموت غالبا، كالمريض مرضا لا يرجى برؤه ولا شفاؤه، ولا يطيق المريض معه الصوم أو يشكل له ضررا أو زيادة في مرضه، أو خطرا على صحته أو حياته، أو الكبير في السن (الهرم) الذي لا يطيق الصوم، فهذان وأمثالهما يفطران ولا يعيدان الأيام التي أفطراها، بل عليهما فدية الصوم فقط، وهي على النحو الآتي:
مقدار فدية العجز عن الصيام عند فقهاء الشافعية رحمهم الله تعالى: “عن كل يوم يعجز أحد المذكورين عن صيامه من رمضان مد من طعام، من قمح أو تمر أو زبيب، والمد مكيال متوارث من عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقدر بستمائة غرام تقريبا (600 غرام)، ويعتبر نوع المد من غالب قوت البلد على الأصح، ومصرف الفدية الفقراء والمساكين، ويجوز صرف عدد منها إلى مسكين واحد “روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي 2/380،381.
ومقدار فدية العجز عن الصيام عند فقهاء الحنفية: إطعام مسكين وجبتين مشبعتين عن كل يوم أفطره من أيام رمضان، قال الكمال بن الهمام رحمه الله تعالى: “المعتبر أكلتان مشبعتان” (تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيعلي3/129)، وهذا القول أنفع وأصلح للفقير إذا كان مخرج الفدية موسرا وقادرا. ويجوز دفع قيمة هذه الفدية من النقود، وهو أيسر على الناس وأنفع للفقراء، ومقدار قيمتها يتفاوت بحسب الأكلتين المشبعتين وبحسب حال المعذور قدرة واستطاعة، وهي ما بين ثلاثة آلاف ليرة لبنانية في حدها الأدنى، وخمسة آلاف ليرة لبنانية في حدها الوسط، وسبعة آلاف ليرة لبنانية وما فوق أو عشرة الاف ليرة لبنانية وما فوق، بحسب حال المعذور قدرة واستطاعة، ومن عجز عنها بقيت في ذمته حتى يقدر عليها.
مصرف فدية العجز عن الصيام في شهر رمضان
وتصرف فدية العجز عن الصيام (أي الكفارة) للفقراء والمساكين من غير الأصول والفروع، فلا يجوز صرفها للأصول وهم الأبوان والجدان، ولا للفروع وهم الأولاد والأحفاد الذين تلزم المفطر نفقتهم، فإن كانوا ممن لا تلزمه نفقتهم فيجوز صرفها إليهم، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى بعد أن سئل: “لو كان من لزمته الكفارة فقيرا، فهل يصرفها على أهله وأولاده؟ فأجاب: “لا يجوز كالزكاة وسائر الكفارات” روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي 2/380. ويندب صرفها إلى الأقارب الفقراء والمساكين من غير الأصول والفروع الذين تلزمه نفقتهم، ويكون له بذلك أجران: أجر الصدقة والفدية من جهة، وأجر صلة الرحم من جهة أخرى، لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القربى اثنتان: “صدقة وصلة” رواه ابن ماجه.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين”.