البطون الجائعة تنادي البطون المتخمة، أما آن الأوان أن تشعري بنا”؟ “لا للاختلاس نعم لدفع الحقوق” و”أين العشرة ملايين دولار”؟ بهذه العبارت بدأ مدرسو ومدرسات التربية الدينية في مدارس طرابلس والشمال الرسمية اعتصامهم المفتوح أمام مقر دائرة الاوقاف الاسلامية بطرابلس معلنين التوقف عن التدريس حتى تحقيق مطالبهم وحملوا مسؤولية اضرابهم وكافة النتائج المترتبة عليه قانونيا ودينيا وأدبيا الى دار الفتوى ودائرة الاوقاف لعدم تلبية مطالبهم المحقة من رفع أجرة حصة التعليم الديني في المدارس الرسمية للحصة الواحدة من خمسة آلاف ل.ل. الى 15 ألف ل.ل.، الى تثبيت المدرسين المتعاقدين منذ أكثر من ثلاث سنوات، اضافة الى اصدار بطاقات صحية وبطاقات تعريف موثقة لكل المشايخ من الدائرة تشير الى مقامهم ودرجتهم الوظيفية.
فقد إحتشد عدد كبير من مدرسي ومدرسات التربية الدينية صباح أمس امام مبنى دار الفتوى في طرابلس وهم في حالة استنكار وشجب للتعامل السلبي معهم إثر مراجعات أجروها مع مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار والمسؤولين في دائرة الاوقاف ورفض هؤلاء تلبية المطالب الملحة التي تتيح لهم العيش الكريم أسوة بغيرهم في مناطق بيروت سيما وأن معظم المدرسين والمدرسات لديهم عائلات ويعيشون في ظل ظروف معيشية سيئة للغاية ولا مورد رزق لهم سوى هذا الراتب المتدني الذي لا يتعدى المئتي ألف ليرة لبنانية في أحسن الاحوال.
والقيت كلمات للمعتصمين تضمنت شرحا للمعاناة وتساؤلات عن اموال وهبات مخصصة للمدرسين والمدرسات وصلت لدار الفتوى ولم يصل منها شيئا لهم ، مستهجنين تجاهل الواقع المأساوي الذي يعيشونه منذ عدة سنوات في ظل اللامبالاة التي يتلقونها من المراجع المختصة موجهين النداء الى رئيس الحكومة والى كافة المراجع والى المملكة العربية السعودية مصدر هذه الهبات والمساعدات المقررة لدار الفتوى.
وخلال الاعتصام تلا الشيخ احمد المير بياناً باسم المعتصمين قال فيه:
نحن العلماء مدرسي مادة التربية الاسلامية في طرابلس والشمال، واقعنا مرير، نكاد نموت من جوع ويكاد القيمون علينا في دار الفتوى يموتون من التخمة، علماً بأننا الركيزة الأساس التي يعول عليها في تنشئة الأجيال. نحن دعاة الوسطية ومن غيرنا. وضعنا مأساوي ومفجع، نتقاضى خمسة آلاف ليرة لبنانية بدل أجرة ساعة التعليم الديني. بحيث يبلغ الراتب الشهري 200 ألف ل.ل. كحد أقصى.
وتساءل المير: نريد أن نعرف ماذا حل بالوقف الاسلامي، لماذا هذا التعتيم؟ نريد معرفة مصير الاموال التي وهبت لدار الفتوى من المملكة العربية السعودية؟ نريد التطبيق لقانون: من أين لك هذا؟ على كل من يعمل في دار الفتوى؟ ونريد لجنة محاسبة تكون من الشرفاء؟ طفح الكيل ولم نعد نحتمل. أين أنتم يا زعماء السنّة، أرضيتم بالمذلة لعلمائكم. وطالب المير بتمحيص العلماء من غيرهم. سئمنا من تزييف هذا الزي. وتابع: لن نسكت عن الحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس. ولن نرضى أن نكون بمنزلة الشياطين.
واضاف المير: ناشدنا مفتي الجمهورية اللبنانية، ومفتي طرابلس والشمال، ورئيس الحكومة سعد الحريري، والنائب بهية الحريري والمملكة العربية السعودية وأهل الحل والعقد ولم نجد الجواب الشافي من جميع المسؤولين.
وقال المير: نحن لبنانيون أولاً ووسطيون ثانياً ودعاة سلام ثالثاً، ولن نرضى إلا أن نكون أعزاء في وطننا وأعزاء في ديننا. متسائلا: وهل الهدف سلخ الدين عن المجتمعات؟
وختم المير البيان مؤكدا الاضراب المفتوح حتى تتحقق الغاية المنشودة ودعا كل من له قلب وكل غيور على الدين أن يساند حسيا ومعنويا في هذه القضية من أجل بناء جيل المستقبل”
شعارات ولافتات
وحمل مدرسو مادة التربية الدينية خلال اعتصامهم لافتات كتب عليها: “نحو تصحيح الوضع المعيشي للسادة العلماء” “أين مرجعياتنا الدينية والسياسية” “كرة الثلج بدأت تتدحرج” “حقوق العلماء خط أحمر دونه كل الخطوط” واعتبرت احدى المعتصمات أن هذه الشعارات رفعت رداً على لقاء المفتي مالك الشعار الذي عقد في الامس في دار الفتوى، حيث دعا بداية جميع المعلمين والمعلمات والائمة الى عدم تنفيذ الاعتصام والاضراب على اعتبار أن هذا التحرك سيكون ورقة رابحة بيد العلمانيين الذين لطالما طالبوا بالغاء هذه المادة من المدارس وعندما رفض المجتمعون تلبية نداءات المفتي انفعل كثيرا واعتبر: أننا جميعا لا نعي خطورة تحركنا ثم شتم الجميع وطلب منهم الانصراف.
الشيخ سامي ملك في حديثه الى “صدى عكار” أكد أن المطلوب منه تحمل دفع ايجار المنزل وفواتير المياه والكهرباء وتعليم اولاده بمبلغ يتقاضاه من دائرة الاوقاف قيمته مئتي الف ليرة، وقال: آن الأوان أن يشعر المعنيين في دار الفتوى بهذه المأساة، ونحن نحذرهم، اليوم نمارس لغة القول وغدا لغة الفعل، فغدا لن نخطب في المساجد ولن نعلم في المدارس، وسأل: لماذا لا يحضرون اساتذة دين من سريلنكا ويعطوهم 100 الف ل. ل. . وتساءل: هل يعقل أن تتقاضى عاملة المنزل راتبا يتجاوز أضعاف رواتبنا؟ أين هي اموال الاوقاف؟ اوقاف طرابلس اغنى اوقاف في العالم؟ لماذا ترسل الاموال الى دار الفتوى في بيروت؟ لماذا أئمة بيروت ومدرسيها ومشايخها يعيشون في نعمة ونحن نعيش في ذل؟ واذا كانوا غير قادرين على تحمل المسؤولية فليستقيلوا؟ ونسأل رئيس الحكومة: “لماذا لا تعطينا اهمية كما اعطيت الرياضيين في لبنان. وأضاف: تعلمنا، وسهرنا الليالي، حتى نحقق ما نصبو اليه والنتيجة ليس معنا ثمن الطعام..
وقال احد المشايخ: “لقد قلنا ما عندنا بشكل واضح، اذا لم تستطع أن تفعل شيئا عليك ان تقدم استقالتك وتجلس في بيتك فنحن عندنا قدرات وكفاءات يمكنها الاستمرار والعمل واعطاء كل ذي حق حقه، فنحن لن نسكت بعد اليوم، هذه بداية الطريق، من أين لك يا سماحة المفتي ملايين الدولارات من أين اتيت وجئت بها، يا مالك يا شعار 30 سنة بـ 33 مليون دولار، من اين جئت بها.فاليوم صبر وغدا أمر ولن نرضى الا أن تستقيل.
المدرسة آمنة كنج قالت أن أرخص عاملة منزل تتقاضى 400 الف ل.ل. مما دفعها الطلب من احدى العاملات في البيوت ان تجد لها عمل خادمة بعد ان كانت معلمة دين. لان ما تتقاضاه من دائرة الاوقاف لا يكفيها أيجار بدل نقل، وقالت: هل يجوز ان نلقى هذه المعاملة من الدائرة بعدما أمضينا عمرنا في خدمة هذه المؤسسة الدينية.
ايمان العسل طالبت بتوفير الحد الادنى من العيش الكريم، رضيت بـ 12 ألف ل.ل. و 8 آلاف ل. ل. لكن أن يصل قيمة المبلغ عن الساعة الواحدة الى 4 او 5 آلاف فهذا منتهى الظلم والمهانة علما ان اقل خادمة تتقاضى عن الساعة الواحدة 20 الف ل.ل. وقالت العسل: نحن نتحمل أكثر من طاقتنا، فالجميع يعرف ان ساعة الدين غير ملزمة في الجدول العام للدراسة مما يعني ان معظم الطلاب لا يعطونها اهمية لذلك نقوم بشراء الهدايا والكتب والقصص على حسابنا الخاص ليرغب بها الطلاب ويعتبرونها مادة مهمة.
وتساءلت العسل عن الاموال التي ارسلت الى مدرسي مادة التربية والائمة من المملكة العربية السعودية وقيمتها آلاف الدولارات هذه المبالغ التي رفض المفتي الشعار اعطائها لاصحابها بحجة انها تصيبنا بالتخمة وحتى لا ننعم بخير هذه الهبة قرر صرفها على ثلاثة دفعات قيمة كل دفعة 500 الف ل.ل. ونسأل لماذا توقفت يا مفتي عن دفع الحقوق لاصحاب الحق واين هي الاموال المتبقية؟؟…اضافت: يوميا نفكر في حال مرضنا ماذا نفعل؟ ونحن حتى لا نملك ثمن الدواء؟ أعرف معلمات يعشن في منازل لا يوجد فيها تدفئة تعمل ومعلمات يعشن في منازل لا يستطعن دفع ايجارها ويعشن قلق التشرد في الشارع .
ويقول الشيخ رشاد انه صدر قرار بحقه يمنعه من الخطابة في المسجد والسبب انه عرض مشكلته على المنبر مع المصلين، وتساءل: هل تناول موضوع الظلم والمطالبة بالحق اصبح ظلما؟؟… وكشف ان لجنة المتابعة لمدرسي التربية الدينية تتعرض لضغوطات يومية وهددوا مرات عدة بتوقيفهم عن العمل. وقال ان تحركهم ليس ضد المفتي الشعار شخصيا وليس ضد الدائرة الى درجة باتوا يعتقدون اننا بتنا اعداء لهم.
الشيخ محمود الاسمر قال أن عدد ساعات التعليم التي حصل عليها العام الفائت تدنت كثيرا حتى وصلت الى 6 ساعات ويصل قيمة راتبه الى 130 الف ل.ل. وتساءل هل هناك انسان يقبل ان يتقاضى هذه القيمة في العالم؟؟.. وتساءل: اين اوقاف المسلمين التي تركها اجدادنا وآباؤنا؟ لماذا كل الطوائف الاخرى تحترم رجالات الدين عندها وتعززها وتراهم يعيشون في ارقى المنازل ويملكون السيارات الحديثة والبيوت الفخمة؟ لماذا يحق للمفتي ان يمتلك اغلى البيوت وعشرات الخدم والمرافقين وملايين الدولارات في الوقت الذي نموت فيه من الجوع؟؟.. اين هي قدوتهم من النبي وعمر بن الخطاب، هل هي شعارات ام كلام لدغدغة العواطف.. وقال: لم يعد هناك من أحد يختبئ وراء عمامته فليأخذ كل واحد حقه، اليوم تجاوزت الـ 50 سنة من عمري وامارس التدريس منذ 30سنة واليوم لا املك ثمن الخبز لاولادي.
شهرزاد الذهب البابا تقول: ضحيت عمري كله في خدمة التعليم والعطاء بلا حدود واليوم الذي طالبت فيه بحقي طردت من المؤسسة التي انتسب اليها منذ العام 1975، علما انني اول معلمة تعطي دروسا دينية في السجون وفي قسم النساء 7 سنوات مضت من عمري وانا امضيها بين جدران الزنزانة اعلم واثقف وامنح وقتي كله دون مقابل ودون اي تعويض واتى اليوم الذي طالبت فيه بدفع هذه الحقوق طردت واصبحت في الشارع.
حسنة مهنا اعتبرت ان توزيع الساعات غير عادل واعتبرت ان المسؤول عن توزيع الساعات في الدائرة يتعامل مع المدرسين والمدرسات بقسوة كبيرة كأنهم “حرف ناقص”، وعندما تساءلنا كيف يمكن لدائرة الاوقاف ان تقوم بتغيير ديكورات المكاتب والمعروف انها مكلفة جدا فرد علينا ان السبب هو انتم معلمو مادة الدين لاننا نخشى على انفسنا منكم بعدما اكتشفنا انكم تراقبوننا وتتجسسوا علينا.. وتساءلت عن السبب الذي دفع المفتي الى التعامل معهم بهذه القسوة وبطريقة مهينة حيث اعتبرهم حروف ساقطة في المجتمع رغم الشهادات التي يحملونها وقالت: هل يجوز له لانه مفتي ان يصفنا بالاغبياء ولا نعي شيئا واننا نحن صحاب عقول ضعيفة.