يحق لرئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر علم الدين ان يحتفل بالنجاح الذي حققه في خرق “لائحة وحدة الميناء”، اللائحة التي اجتمعت فيها كل القوى السياسية في لبنان، ويحق لعلم الدين أن يهنئ ناخبيه في الميناء لانهم تحدوا كل التجييش الذي عصف بمنطقتهم طوال فترة المعركة الانتخابية..
قبل الاستحقاق البلدي بأسبوع استنفرت ماكينات القوى السياسية مجتمعة لمواجهة لائحة علم الدين التي تحدت الاعراف والتقاليد اللبنانية، فسجلت سابقة ديمقراطية تجلت في تشكيل لائحة لم تلق اي دعم سياسي او حزبي او تيار محلي، اضافة الى افتقادها العنصر الاساسي وهو المال السياسي، حيث ان الحث على الاقتراع في بلادنا ـ برأي زعمائنا ـ يحتاج الى (التزييت والتشحيم) بدفع الاموال وشراء الاصوات، ليس هذا وحسب، بل واستغلال الفقراء والمساكين بعد غياب الدولة عن تأمين حاجاتهم الصحية والاجتماعية، فبات لكل معروف يقدم لهؤلاء، الثمن شراء صوته وصوت عائلته، حتى لو كان غير مقتنع بمن صوت له، لكن المقولة في لبنان تقول “قدمت لك الكثير.. حان الوقت لتدفع الفاتورة”..
تداعيات الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس لم تأخذ حقها في التعبير عن الفرح بالانتصار بعد صدور النتائج، فانشغلوا بأخبار المجزرة التي سمعوا وقرأوا عنها في محطات التلفزة والجرائد، فانطفأت بهجة الانتصارات وعلقت الاحتفالات الى موعد غير محدد، هذا بالنسبة الى الفائزين أما بالنسبة للخاسرين في هذه المعركة فقد اختلف المشهد عندهم حيث بدأوا باعادة حساباتهم والاسباب التي ادت الى خسارتهم محملين المسؤولية الاكبر الى التوافق السياسيالذي تسبب بتدني نسبة الاقتراع..
حتى المشهد المأساوي الذي طغى على شاشاتنا منذ يوم أمس (المجزرة الاسرائيلية) لم يمنع الافرقاء من محاسبة بعضهم بعضا، فهناك من عاتب زميله وحمله سبب خسارته مؤكدا انه اعطاه اصواتا في المقابل لم يلتزم رفيقه، هذه الصورة يوم امس أدت في بعض الاحياء من المدينة الى استنفار المناصرين والى اشكالات فتحولت الاحتفالات الى معارك متبادلة بين الطرفين.
ففي مقهى موسى الشهير في منطقة باب الرمل وخلال احتفال احد المخاتير بفوزه وقع اشكال بين مناصري احد الخاسرين (عبد الناصر المبيض) ومناصري المختار الفائز (فواز الغلاييني) على خلفية ان الاخير حجب عن زميله اصوات شعبيته فتعارك الانصار بالعصي والآلات الحادة حيث سمعت بعض اطلاق الاعيرة النارية فتدخلت قوى من الجيش اللبناني وقامت على تهدئة الاجواء وفض الاشكال.. لكن المشكلة لم تنته هنا، فأنصار المرشح الخاسر اعتبروا انهم لم يأخذوا بالثأر..
اما في ما يتعلق بفوز لائحة “وحدة طرابلس” فالسؤال المطروح اليوم من الطرابلسيين هل يستمر التوافق بين اعضاء المجلس البلدي لتحسين وضع المدينة انمائيا، أم انهم سيفترقون عند اول خلاف بين القيادات التي انجزت التوافق فتدفع المدينة وحدها الثمن؟..
مصادر طرابلسية أكدت ان مجلس البلدية الجديد جمع الاضداد تحت سقف واحد، وتعتبر سابقة في العمل البلدي حيث ان البلدية تاريخيا كانت تفوز لصالح فريق واحد ومع هذا كله، فالمدينة تعاني من اهمال مزمن على كافة الصعد، متسائلين “كيف سيكون وضعها بعد هذا اليوم”..
من ناحية اخرى وبعدما اعلن منسق اللجنة الخماسية لتيار المستقبل احمد الحريري من فندق الكواليتي ان الفوز الكاسح لتيار المستقبل في بلديتي طرابلس والميناء، مما دفع باعضاء الماكينات الانتخابية للرئيسين كرامي وميقاتي والوزيرالصفدي الى الانسحاب
من المؤتمر الصحافي احتجاجا على تبني تيار المستقبل لللائحتين مما استدعى الامر الى لملمة التصريح والعمل على طيه بأسرع وقت.
وذكرت مصادر قريبة من بلدية طرابلس ان الرئيس المنتخب الدكتور نادر غزال قبل اجراءات الانتخابات بأسبوع عمل يوميا على زيارة مقر البلدية والاجتماع بالمدراء والموظفين في غرفة رئيس البلدية، هذا الامر فسره البعض انه خرق للقوانين والاعراف بان يبدأ المرشح بممارسة صلاحياته قبل حفل التسلم والتسليم المتعارف عليه، واكدت المصادر نفسها ان غزال قام على تشكيل مجموعته الخاصة به وان هذه المجموعة نفسها التي كانت في عهد سمير الشعراني وانتقلت الى دفة رشيد جمالي وهي نفسها اليوم باتت من انصار غزال، اما بالنسبة للموظفين العاديين فلا حول ولا قوة لهم، ما يهمهم هو الحصول على رواتبهم نهاية الشهر..
ورغم ذلك فإن كان لهذا التوافق حسنة،حسب رأي قيادي طرابلسي، هي منع الاحتقان ونزع فتيل الفتنة بسبب الصراعات الحادة فان له سلبيات ابرزها جمع فرقاء قد لايطول جمعهم وبالتالي اندفع بعض من عناصر المجتمع المدني الى اعتبار ما جرى مصادرة للديموقراطية وتوافق القوى المتسلطة على المدينة حسب رأيه في حين يعتبر آخرون ان التوافق اشاع اجواء الانفتاح بين الفرقاء وارسى قواعد الهدوء باستثناء اعتراضات الطائفة العلوية والارمن
اما في الميناء فقد اوحى فوز علم الدين ومعه الدكتور ميشال فلاح بان شريحة من الميناويين لا زالوا متمسكون بعلم الدين ومتعطشون الى الديموقراطية لا يستسيغون اللوائح المعلبة حسب القيادي الطرابلسي.
دموع الاسمر