إن سألت اي مرشح في عكار عن الاجواء الانتخابية وعن التحضيرات فانك ستلقى جوابا واحدا هو السعي نحو التوافق في حين ان ما يجري تحت الطاولة عكس ذلك تماما. واذا سالت رئيس بلدية ما فانك تجد ان معظم الرؤساء هم مرشحون وبالتالي واثقون من الفوز.
جولة واحدة حيث الاجتماعات تتوالى والتحضيرات جارية على قدم وساق تلحظ ان بلدات وقرى عكارية ذاهبة الى معارك انتخابية من الوزن الثقيل وان التوافق ليس إلا همروجة فارغة المضمون فكل مرشح يريد التوافق عليه وما عدا ذلك سراب.
ويبدو ان بلدات كبرى متجهة الى التنافس الحاد منذ الآن حيث يغيب حديث التوافق كليا عنها بعد ان حسمت الخيارات في تشكيل لوائح لاطراف على نقيض تاريخي سواء تناقض في السياسة او تنافس عائلي متجذر.
فالمتوقع ان حلبا مركز المحافظة – القضاء ستشهد ولادة ثلاث لوائح : لائحتان منها يترأس كل واحدة منها حلبي( ابناء عم).والثالثة هي تجمع عائلات كبرى في الطليعة آل حمود والزعبي اضافة الى العائلات المسيحية في البلدة التي ستكون الى جانب اللائحة المعتدلة والتي لا تنتمي الى اطراف سياسية وبعيدا عن المحسوبيات،ورشحت معلومات ان تيار المستقبل سيكون له مرشحه في حلبا بينما المرشحون الآخرون ليسوا على مسافة بعيدة من التيار وإن كان هناك تداخلا في الولاءات بين المستقبل ونواب سابقين منهم من يعتبر ركنا في قوى 8آذار السابقة ومنهم من هو اقرب الى 8آذار او في الوسط .
وحلبا هي نموذج للمعارك الانتخابية في البلدات والقرى الاخرى سواء في ببنين او برقايل او فنيدق وعكار العتيقة ورحبه مرورا بالبلدات الوسطى والصغرى مثل بلديات سهل عكار او القيطع او الدريب وصولا الى مشتى حسن ووادي خالد وجبل اكروم .
الواضح ان لنواب عكار الحاليين والسابقين حسابات انتخابية وليس بمقدورهم ان يكونوا على مسافة واحدة من جميع المرشحين رغم ان عددا لا يستهان به من المرشحين في البلدات والقرى ينتمون الى نفس التيار مما يوقع النواب في ازمة خيارات قد تنعكس على قواعدهم الشعبية ولذلك ترى جهودهم منصبة للتوافق بين ابناء التيار الواحد بلغة توحيد الصفوف منعا للخسارة امام الفريق الاخر.
والبارز في هذا الاستحقاق ان اللغة التي سادت الانتخابات النيابية تتكرر ايضا في الاستحقاق البلدي وهي لغة المال .
مصدر سياسي رأى أن المال بات سيد الموقف في اي استحقاق انتخابي ولم يعد المرشح – أي مرشح كان – يعتمد على كفاءاته وقدراته وحضوره الخدماتي والانمائي فاحد الرؤساء الحاليين وهو مرشح لهذه الدورة يفاخر باستعداده تخصيص ميزانية تصل الى ثلاثة ملايين دولار لخوض المعركة لا بل نقل عن لسانه انه لن يخسر المعركة حتما لانه لو استدعى صرف كل رصيده المالي للفوز فلن يتأخر وان الناخبين اعتادوا على التصويت للدولا ولمن يدفع أكثر ولذلك فهو مطمئن الى معركته الانتخابية .
رئيس بلدية آخر اكد انه سيفوز ايضا ولن يقبل الفوز بفارق عادي بل لن يرضاه إلا بفارق ساحق كاسح وان الميزانية المخصصة كفيلة بذلك لانها سبق أن اوصلته الى رئاسة البلدية وهذا الرئيس نجح في جمع رصيد مالي ضخم في الانتخابات النيابية التي قبض فيها رشاوى من كل الاطراف التي اعتقدت ان له مونة على اصوات في بلدته التي تعتبر ثقلا انتخابيا في المنطقة.
تغيب البرامج الانتخابية عن الاستحقاق ويغيب من يمتلك الكفاءات عن المعركة فتجد ان عددا من الطامحين الى الرئاسة والذين استطاعوا الوصول اليها هم شبه أميين لان وصولهم قد حصل بفعل الدعم العائلي او السياسي دون الالتفات الى الاهلية الفكرية والعلمية او الادارية ، ولذلك فان معاناة معظم البلدات مع رؤساء بلدياتهم مزمنة لكن التغيير فيها يحتاج الى جملة عوامل ابرزها ان تحسن العائلات الكبرى اختيار ممثليها كما يقع على عاتق النواب اختيار الانسب لان بلدات عكار تحتاج بالفعل الى ادارة محلية فاعلة يكون رئيس البلدية فيها منفتحا وذو ذهنية متطورة علمية قادرة على الاستيعاب وعلى ابتكار افكار انمائية ومتابعة دؤوبة للمشاريع وملاحقتها وبالتالي أن يكون متفرغا للعمل البلدي وليس رئيسا للبلدية يديرها بالريموت كونترول عن بعد من حيث يقيم خارج البلدة .
كما ان السنوات الست التي مضت كانت كافية لسبر غور الرؤساء من منهم الفاعل والعامل والناهض ببلدته ومن منهم تفانى في سبيل الانماء فكانت البلدة شاهدة على ذلك ومن منهم من كان همه جمع الثروات وعقد الصفقات وتحقيق احلام العمر، والاستفادة من البلدية لدعم مشاريعه واعماله.
جهاد نافع