لا تزال عكار محافظة “بكر” بيئياً نظراً لبعدها عن مراكز التلوث الرئيسية في المدن اللبنانية وتشكل أحراجها أكبر منطقة حرجية في لبنان. وفيها أنواع فريدة من الاشجار منها شجرة” الشوح الكيليكي” وهي نادرة في العالم وهي الشجرة الوحيدة المتبقية من العصر الجليدي الاول الذي قضى على معظم انواع نباتاتها، وهذه الشجرة أقدم من شجرة الارز بتكوينها.
وفي عكار أيضاً مناطق شاسعة غنية بشجر الارز خاصة في غابات كرم شباط والقموعة وعكار العتيقة. وفيها شجرة اللزاب التي تنتشر في كل مرتفعات لبنان وهي الوحيدة التي تعيش على ارتفاع يزيد عن 2000 متر، وهذه الشجرة لا تتكاثر بزراعة البذور بل تتخمر قبل زراعتها في بطن العصفور” الكاخن “.
وتوجد أيضاً أشجار القطلب والسنديان والغار والكوكلان وغيرها من الاشجار الاخرى.
قانون حماية الاحراج
ولحماية الاحراج صدر عام 1991 قانون رقم 85 لحماية الثروة الحرجية، ويمنع بموجبه قطع واستثمار جميع الاشجار الصمغية والصنوبرية وسائر الاشجار الموجودة ضمن الاحراج العامة أو التي تملكها البلديات والقرى والافراد بإستثناء مشاريع الاشغال العامة ومشاريع البناء المرخص لها، ويحدد القانون عقوبات بالسجن والغرامة على كل مخالف.
ويفرض أيضاً غرس الاشجار البديلة عن اليابسة او التي تحمل أمراضاً وحشرات بعد السماح بقطعها.
وتعطى رخصة “التشحيل” في حال اصابة الاراضي الزراعية بالاضرار او شكلت خطراً على الاشجار المثمرة شريطة ترك جزء رئيسي من “الشجرة الام” في حال الموافقة على الرخصة.
اما عن تصنيع الفحم فهو ممنوع منعاً باتاً حسب القانون المذكور وذلك للمحافظة على البيئة وعلى البساط الاخضر حتى أن رخصة قطع الاشجار لا تعطي الحق لصاحبها لتصنيع الفحم اطلاقاً.
الدكتور انطوان ضاهر: الطبيعة تشجر افضل من الانسان
الدكتور انطوان ضاهر أحد أبرز مؤسسي مجلس البيئة القبيات ـ عكار أوضح “لصدى عكار” ان “مشاكل البيئة في عكار عديدة منها: حرائق الغابات، الاستيلاء على الغابات وتحويلها الى اراضٍ زراعية وأملاك خاصة، الرعي غير المنظم الذي يقضي على النباتات الصغيرة، قطع الاغصان والاشجار، المقالع والكسارات والحفريات، رمي النفايات في الغابات وتحويلها الى مكبات، صناعة الفحم.
وأكد د. ضاهر أن عكار “لا تحتاج الى حملات تشجير لان الطبيعة تشجر أفضل منا بكثير، نحن بحاجة الى حماية ما تزرعه الطبيعة”.
واستغرب د. ضاهر”عدم تحرك السلطات المعنية لوضع حدٍ لقضم الاحراج المستمر في عكار، وما تقوم به معظم البلديات من رمي نفايات وعدم المحافظة على الثروة الحرجية”.
القموعة: مركز بيئي سياحي مميز
وتعتبر القموعة أهم مركز للسياحة البيئية في عكار وقد اتخذت وزارة السياحة قراراً بإعتماد القموعة مركزاً سياحياً هاماً في عكار لما تتميز به من أشجار وغابات وأراض منبسطة نادرة في العالم العربي، كما تتميز بثلوجها الناصعة البياض التي تعتبر موقعاً طبيعياً للتزلج. ويزور عكار مئات الزائرين اللبنانيين والعرب والاجانب للتمتع بمناخها وجمالها.
وتشتهر القموعة بغاباتها المتعددة الانواع وخاصة غابات الارز والشوح واللزاب وفيها غابة تسمى”العزر” الفريدة من نوعها في الشرق الاوسط وفيها أيضاً بعض الآثار والمنحوتات والمدافن الرومانية.
التزلج في عكار
أما بالنسبة للتزلج في عكار قد أوضح الدكتور انطوان ضاهر أن”نوع التزلج الذي نعمل من أجله يختلف عن التزلج التقليدي في فاريا والارز، والذي يتطلب كمية كبيرة من الثلوج والتجهيزات المكلفة ضمن حلبة معينة.
اما التزلج الذي تميزنا به في جبال عكار فهو “التزلج الحر” الذي يسمح بالتنزه داخل الغابة على الثلج بواسطة زلاجات ومشياً على الاقدام. وهذا النوع لا يتطلب انشاءات بل يكفي ان يبدأ ارتفاع الثلج من ثلاثة سنتمترات وما فوق”.
وأكد د. ضاهر ان “طبيعة عكار وجبالها ومنحدراتها تساعد في تسهيل التزلج الحر وهو ينقسم الى نوعين:
_ التزلج في العمق ((ski de fond
_التزلج الدائري ((ski randonnée
وهذا التزلج البيئي يسمح للمتزلج أن يكتشف أسرار الطبيعة ويذهب الى حيث يريد وهو غير مكلف (خمسة آلاف ليرة)، في وقت يعتبر التزلج التقليدي حكراً على الاشخاص الميسورين نظراً لكلفته الباهظة”.
وأشار د. ضاهر الى ان “للتزلج فوائد صحية فهو يحرك ثلاثة أرباع عضلات الجسم”.
وتبدأ رحلات التزلج في مرتفعات عكار التي تعلو من 1500 متر عن سطح البحر انطلاقاً من الشنبوق حتى جرود القبيات الى كرم شباط والقموعة وصولاًالى جرود بزبينا وعكار العتيقة وتصل أحياناً الى الضنية ومنها الى جبل المكمل (الارز).
ويؤكد د. ضاهر أن اهم انجاز بعد نجاح مشروع التزلج البيئي هو “انشاء مجلس البيئة القبيات ـ عكار ونادٍ للتزلج الحر مما ساهما في تنشيط السياحة في عكار وتنظيم العديد من الرحلات التي تتصاعد نسبة الاقبال عليها من سنة الى أخرى، علماً اننا لم نتلق أي دعم من أي جهة سياسية كانت أو معنية كالبلديات، ولو توفر هذا الدعم لكنا عملنا على استقطاب أكبر عدد ممكن من طلاب المدارس العكارية وغيرها”.
وأشار د. ضاهر الى “أننا لا نحلم أن تصبح مراكز التزلج في عكار صورة عن فاريا والارز لاسباب عديدة منها انه ليست لدينا المنحدرات الصلبة والقمم العالية، ونحن البيئيين لا نرغب بالمعدات والتجهيزات لانها تلوث البيئة”.