لأن التاريخ يعيد نفسه في وطننا، ولأن ابطالنا التاريخيين تحولوا الى ملائكة يحيطون بنا في لحظات الإبداع، ولأن منصور وقبله عاصي ولدا ليرفعا مجد الوطن وليساهما في نهضة لبنان وإعماره، وتحية من أبناء عرفوا معنى الحرب والحب، معنى الانعزال والانفتاح، معنى الثورة التي بدونها يمحى الوطن، استحضر الرحابنة “صيف 840” واستحضروا فيها مشاهد القهر والحرمان، كما استحضروا عامية إنطلياس وقَسَم السابع من حزيران في ذياك العام على مذبح القديس مار الياس في انطلياس.
رؤية إخراجية وتقنية جديدة خرج بها مروان الرحباني، حافظ فيها على نص والده الراحل منصور ضمن ديكور صمم في الهواء الطلق مستغلاً قلعة جبيل وأعمدتها ليدمجها في سينوغرافيا المسرح لتظهر واقعية الحدث في زمانه ومكانه.
لا إضافات ولا حتى تعديلات على الموسيقى والأغاني التي أعاد أسامة وغدي ومروان تسجيلها في استديو “عمهم” الفنان الياس الرحباني، فجديدهم هو خروج ممثلين كانوا ودخول آخرين كان للرحابنة فضل في انطلاقهم.
هدى استبدلت بـ”هبه طوجي” التي أبدعت بصوتها العذب وإطلالتها المميزة وبتأدية دور سجلته هدى ملكة الإحساس في ذاكرتنا.
وبصوته الجهوري خرق “كرباج” الصمت متألقاً كعادته في دور “اليوزباشي عساف الضاهر” ليأسر الجمهور بحضوره.
أما “سيف البحر” فأعادنا الى مجد الأبطال وثورة الشباب وعنفوان المقاوم فأبحرنا معه في “يا حيا الله” و”لمعت أبواق الثورة” و”زينو الساحة” و ….
في تنفيذ الديكور أضاف هنري وليليان كيروز على الديكور السابق بعض التعديلات، فتوسع المكان وأضيفت ابواب وادراج فيما غابت شاشة “خيال الظل” التي اعتمد عليها فيما سبق في مشهد خطف سيف البحر لميرا وفي مشهد تدريب الجيش والحروب، استغلوا المحيط بشكل رائع فجعلوا من الخلفية الطبيعية مصدر الحدث فأضيء الجبل والقلعة، واستخدم الجبل في هرب “سيف البحر وريما” فيما كانت القلعة وكأنها المكان المقصود.
البحر الذي أحاط المسرح والجمهور لوّن بالإضاءة، فرمى بسحره على الحضور الحاضر.
أما الكوريغرافيا التي صممها في السابق “عبد الحليم كركلا” أعاد صياغتها “فلكس هاروتيونيان”، فحافظ على الجودة وعلى الحركات التي كانت المحرك الاول لمشاعر الجمهور وحماسته.
أما الأزياء فجدد بمعظمها غابي أبي راشد مع المحافظة على الحقبة وعلى النمط الذي أسسته بابو لحود سعاده.
طيف منصور الرحباني لم يغادر المسرح حتى روح عاصي عادت لتشهد مع أخيه من جديد على ابداع ميز آل الرحباني، فحفظنا على مر السنين نحفظ مرددين الحوارات والأغاني، نحلم بمشاهدة إبداعهم وننتظر بشغف اعمالهم.
عظيمة تلك الأعمال تاريخاً وحاضراً، ومبدعون هم الرحابنة أينما وجدوا، فهم دائماً يلمسون الوتر الحساس الصحيح ويعزفون عليه سيمفونيتهم التي تدخل في حياة كل مواطن، لانها الواقع المرير الذي عاشه وما زال.
فالرحابنة جسدوا في “صيف 840″ وقبله ضمير الشعب الصامت والخائف، فكانوا للمواطن صوته وضميره، و”فشة خلق”.
كادر وسط
من العمل:
1 ـ عباس الضاهر: منين طالع هل الهوى، منين جايي شتي القواص، يا بحر بيروت بدك ردم، انت اللي عم تجيبلنا القلق، انت اللي عم تأدف هل الدول لعنا، وبيضحكوا على الرجال تيموتو باسم الحرية.
2 ـ ابو الياس الفالوغي: يا سيدنا إذا سبيناكون بتحبسونا وإذا سيبنالهن بقوصونا، قليلي بلد طويل عريض ما بقا فيك تسب فيه حدا.
3 ـ ميرا لسيف البحر: أنا اسمي ميرا بنت اليوزباشي عساف يلي هدملك بيتك.
سيف البحر: بنت اليوزباشي عساف علي عم نحارب ضد.
ميرا: يمكن هلق لازم روح وأنت لازم تنسى.
4 ـ ميرا: قديشك حلو يا بيي وأنت مكسور.
عساف الضاهر: رجعتيني لطفولتي.
ميرا: يمكن لو نلتقي وأنت ربحان كنت قتلتني، الانكسار برجع الطيبة.
عساف الضاهر: بالنهاية كل الناس مكسورين.
ميرا: بالنهاية كل الناس طيبين.
5 ـ سيف البحر: مع هيك زعما بهدو فجر الوطن بعيد، الظاهر لازملنا شي ميية عامييه لنوصل للخلاص.
6 ـ سيف البحر: أنا بدي قاتل تيفلوا كل المحتلين.
7 ـ سيف البحر: رفعت الراية وبدي قاتل، وحدي، مش رح تنزل من إيدي الا ما نتحرر.
ميرا: فإذن قاتل وحدك.
أليسار نافع