“طلعة الرفاعية ” في طرابلس، هي احدى الممرات القديمة التي تصل مابين المدينة ومحلة أبي سمراء عبر الاحياء القديمة وعلى جانبيها الابنية الاثرية التي تبوح بعراقة المدينة وبتاريخها الطويل.
هذه الطلعة اخذت اسمها من مدرسة تولى ادارتها شيخ من آل الرفاعي، ثم سكن قرب المدرسة عدد من آل الرفاعي فنسبت اليهم وباتت الطلعة الشهيرة بالرفاعية.
هذه الطلعة يمكن اعتبارها بحد ذاتها محلة ومعبرا الى أحياء عدة: الى ابي سمراء والى الاسواق الداخلية وهو ايضا الشارع الأكثر ازدحاما بين الشوارع سواء بكثافة وتنوع المحلات على جانبيه او بسبب ضغط السير باتجاه ابي سمراء ولأن المتسوقين من الاسواق الداخلية يصلون الى هذا الشارع ليستقلون سيارات الأجرة مفضلين السيارة المارة على سيارات مكتب الأجرة الأمر الذي يؤدي الى إزدحام خانق يجعل المسافة من الطلعة الى ابي سمراء توازي المسافة ما بين طرابلس وبيروت في بعض الأحيان والمناسبات.
فطلعة الرفاعية تعاني يوميا من زحمة سير خانقة بسبب اهمال المسؤولين والمعنيين لها على اعتبار أن حلها سيكون له تداعيات سلبية على قواعدهم الشعبية، رغم انهم اليوم باتوا اكثر المتذمرين من الحالة التي وصلت لها منطقة الرفاعية والسبب أنهم امنوا الحماية لمجموعة من السائقين الذين لم يلتزموا بقرار نقابة السائقين في طرابلس في الانتساب الى النقابة أو الاشتراك بالمواقف العمومية الشرعية المنتشرة بكثافة في شوارع المدينة، بحسب رأي بلدية طرابلس.
طلعة الرفاعية، تقع في نصف المدينة، الوصول اليها من ساحة التل أو ساحة الكورة وساحة النجمة للوصول الى اسواق طرابلس القديمة وتعتبر أهم معبر الى منطقة أبي سمراء، هذه الطريق (الرفاعية) تحولت على مدى امتدادها الى موقف للسيارات، فكل سائق سيارة لا يملك “نمرة عمومية” أو “اشارة موقف” يحول طلعة الرفاعية الى موقف خاص له وكأنه ورثه عن أجداده أو رست عليه مناقصة اعتبرها مشروع العمر، مشروع لم يتطلب منه أية ميزانية مكلفة باستثناء ما يسمى هيكل سيارة من الخارج..
هؤلاء السائقين يسلكون يومياً طريقهم مروراً من ساحة الكورة وصولا الى طريق الرفاعية وعند وصولهم الى مدخل سوق الخضار يصطفون صفاً واحداً في انتظار رحمة الله بتدفق الركاب عليهم من كل حدب وصوب، بنتيجتها يطلق سراح باقي السيارات من الاسر التي طال انتظارها.
وازدحام السير في طلعة الرفاعية لا يقتصر على شارع واحد وانما يتوسع ليصل الى المناطق الاخرى كساحة عبد الحميد كرامي (مدخل طرابلس) حيث يبدأ الناس بتساؤلاتهم عن سبب هذا الازدحام الذي يستدعي المكوث ساعات من الانتظار..
ابن البلد، استطاع بحنكته حسب ادعائه التغلب على هؤلاء السائقين، حيث يقول: “طرق طرابلس كثيرة، وكل الدروب توصل الى الطاحون”،.. أي أن هناك مفارق عديدة يمكن الانتقال عبرها الى باقي الاحياء، في المقابل تكون النتيجة تطويب طلعة الرفاعية موقفا خاصا للسائقين “الدوارين” حسب اللهجة الشعبية. لكن، المشكلة هنا، عند السواح والقادمين من خارج مناطق الشمال الذين يقعون ضحيتهم..
مرات عدة، حاولت بلدية طرابلس وضع حد لهذه المهزلة فأرسلت شرطي سير يعمل على تنظيم حركة السير ومنع السائقين من الوقوف في منتصف الطلعة، لكن ما من شرطي استطاع ضبط هذه الفوضى، وفي حال منع احدهم من الوقوف عمدا في منتصف الطريق وجد نفسه عرضة للاستهزاء والتضارب والتلاسن مع اشخاص لمس ان لا طاقة له عليهم خاصة وان مدة تواجده في الشارع لا تمضي أكثر من ساعة بعد ان تنهال الاتصالات على رئيس البلدية من المسؤولين والنواب يطالبونه برفع يده عن هذه الطريق بالقول: “الناس بدها تاكل”…
نواب المدينة ووزارؤها لم يفكروا يوما في مساعدة البلدية على ضبط المخالفات وعدم تطبيق القانون، خوفاً على وضعهم الشعبي نظرا لحساسية الشارع، فهم في الوقت نفسه يخافون أن يخسروا من شعبيتهم المتأسسة على شيء من الفساد في ظل غياب الدولة وغياب فرص العمل والمؤسسات التي تعنى بالاجيال الصاعدة، ومع غياب كل هذه المقومات لجأوا الى حماية البعض في اتباع أساليب غير قانونية وغير مشروعة، لذلك تمادى السائقون في اساليبهم الفوضوية غير المقبولة حتى ممن يحميهم من خلف ظهرهم.
اصحاب المحلات في طلعة الرفاعية ضاقوا ذرعاً من هذه التصرفات غير المسؤولة واعتبروا أنه لا يجوز أن تتحول طريق عام ورئيسية الى موقف سيارات وأن مثل هذا التصرف ليس له مثيل حتى في البلدان المتخلفة، وان على الدولة حماية اصحاب المصالح والمؤسسات خاصة، معتبرين ان هذه الفوضى ساهمت في اضعاف حركة السوق لان معظم المواطنين يرفضون التسوق في سوق لا يجدون فيه مكانا يركنون فيه سيارتهم فيضطرون الى التسوق من التعاونيات المجهزة بمواصفات عالمية ومريحة، في حين أن الوصول الى السوق يتطلب ساعات من الوقوف في طابور الزحمة اضافة الى عدم تأمين مواقف عمومية. واعتبر احد أصحاب المحلات محمد حوا أن معظم زائري السوق يأتون مشيا على الاقدام لشراء حاجاتهم، وبعد التسوق يركبون سيارات الاجرة للانتقال الى بيوتهم. واعتبر أن وقوف العشرات من السيارات في منتصف الطريق يؤثر بشكل سلبي على حركة السوق لانها تمنع القادمين بسياراتهم من الوصول أو حتى عبور الشارع وقال: واذا كان نواب المدينة الذين يحمون هذه الشريحة يعتقدون أنهم كسبوا اصواتهم فانهم في المقابل يخسرون الكثير الكثير والدليل على ذلك الانتخابات الماضية حيث سعى جميعهم الى عقد تحالفات مع من اقوى منهم من خارج المدينة لحفظ مياه وجوههم، لذلك المطلوب تحرك حثيث من المعنيين وانهاء هذه المهزلة، خاصة وان لدى السوق موقف عمومي يقع على جانب الرصيف تصطف فيه بضع سيارات وهو لم يضايق يوما لا اصحاب المحلات ولا حتى العابرين بسياراتهم الخاصة. لكن ارتفاع عدد سائقي السيارات المتجولة انعكس سلبا على حال الموقف العمومي حيث بالكاد تقلع سيارة واحدة من مكانها بعد انتظار نهار بكامله