التعرف على الرأي والرأي الآخر أمر مهم، والأهم ان تلتقي الاطراف ـ الاضداد حول طاولة مستديرة وفي قاعة تحت سقف واحد بتواصل لساعات وعلى مدى ستة أشهر، حيث تتحقق الطموحات بتكريس سلم اهلي مبني على تقبل الآخر من جهة ومن جهة ثانية خلق كفاءات شابة تؤسس لبناء لبنان جديد، لبنان الشباب المؤهل القادر لأخذ البلاد الى سلم ينهي عهود الاقتتال وحتى احتمال الاقتتال من جديد.
ما حققته جمعية “عطاؤنا” في طرابلس كان لافتا وربما للمرة الاولى تحصل مثل هذه الدورة التي استقطبت الشباب المتحمس ذكورا واناثا من كل الاطراف والاطياف ومن كل الطوائف، خلعوا قفازاتهم وجلسوا يتدربون على كيفية الانخراط في العمل البلدي والاعمال الانتخابية بالتعرف على الاليات والقوانين وعلى الواجبات والحقوق كل ذلك في الدورة التدريبية التي قطعت شوطا هاما في مقر ثانوية الشمال الذي تحول الى خلية نحل مليئة بالحيوية والنشاط الشبابي اللافت للمجتمع الاهلي في المدينة.
حول هذه الدورة تحدث رئيس جمعية “عطاؤنا” عبد الرزاق اسماعيل اعتبر أن المشروع نجح في استقطاب شباب وفتيات من كافة الاحزاب والتيارات اللبنانية. معتمدا خطة التوازن السياسي والطائفي والمناصفة بين الذكور والاناث، فبلغ عدد المشاركين 118 شابا وفتاة، 50 منهم من قوى 8 آذار و50 من قوى 14 آذار و18 مستقلين.
ويشرح اسماعيل أهداف المشروع فيقول: انه يهدف الى اخضاع 118 شاب وفتاة لدورات تدريبية مدتها 6 أشهر بالتعاون مع ثانويات طرابلس والمركز الثقافي البلدي(قصر نوفل سابقا). بغية تدريب المشاركين على آلية الانتخابات وكيفية تشكيل اللوائح واللجان واهميتها وتطبيق القوانين وصلاحيات مجلس البلدي وكيفية تمويل المشاريع والحملات الانتخابية اضافة الى اخضاع الطلاب الى دورات تكنولوجية وتنموية.وسيصار بعد ذلك الى عملية انتخابية يختار الـ 118 شابا وشابة من بينهم 24 عضوا يشكلون “مجلس الظل لبلدية طرابلس”.
ويتابع: بعد هذه الدورة سيعود الشباب الى مواقعهم الحزبية حاملين معهم ما تدربوا عليه من مهارات تنموية بشكل يفعل الحياة الديمقراطية الى درجة ان الاحزاب والقوى تصبح غنية بشباب وشابات خضعوا لدورات وباتوا مهيئين للعمل عدا عن امكانيات التواصل والتنسيق بين مجموعة شباب وصبايا اعمارهم تتراوح ما بين 18 و 24 سنة، وبعد عشر سنوات ستكون اعمارهم ما بين 24 و 35 سنة منهم من يتهيأ للترشح للانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية والمشاركة في الحياة السياسية خاصة اذا كانوا ينتمون الى احزاب ديمقراطية تساهم في عملية دمجهم في الحياة السياسية. ونصل الى نتيجة ان الاشخاص الذين يترشحون يعرفون ما معنى العمل البلدي والتنموي ويدركون ما هي مسؤوليات البلدية ومجلس الانماء والاعمار ووزارة الاشغال.
واضاف: تعمل الوكالة الاميركية منذ سنوات في منطقتنا ولم يكن للشمال حصة من هذه المشاريع فسارعنا الى عقد لقاءات مع المسؤولين وعرضنا عليهم عدد من المشاريع التي تترك أثرا ولمسنا تجاوبا وحماسا وهذا المشروع الاول للوكالة في طرابلس الذي يهدف الى خلق روح التعاون بين كافة الاحزاب العلمانية والطائفية، فنحن انطلقنا من فكرة كلما التقى اثنان من طوائف مختلفة واحزاب مختلفة وعرض الافكار سوية وتقبل افكار الاخر، وها نحن استطعنا تحقيق خطوة رائدة في هذا المجال حيث اجتمع عدد من الشباب والصبايا من مختلف التيارات والاحزاب في غرفة واحدة تحاوروا وعملوا سوية على خلق افكار جديدة وصياغتها تنتظر ترجمتها على ارض الواقع. كما تحدثت كل مجموعة عن مفاهيم الديمقراطية والسلام والعمل التعاوني وما هو الفرق بين السلام والحرب وبالتالي الفارق بينهما وبين حالة اللاسلام واللاحرب.
وتابع: استطاع المتدربون ان يعقدوا جلسات عن مفاهيم الديمقراطية وقدموا آراء متعددة وطرحوا مواضيع الخصخصة والتنمية الليبرالية اضافة الى قواعد الاشتباك واحترام الاخر.
المتدربة ماريا الضاحي من منطقة الزاهرية قالت: اعتقدت ان العمل البلدي واقامة المشاريع والتنسيق عمل سهل جدا، لكن الحقيقة غير ذلك فالعمل يحتاج الى ساعات من الجهد والتعب وتعلمنا ان اقامة المشاريع تحتاج الى تكاليف وآلية عمل وتوزيع المهام. كذلك تعرفنا من خلال هذه الدورة على اشخاص جدد من مختلف الاحزاب وتعرفنا على الطرف الاخر والرأي الاخر وكيفية التواصل. فنحن الان نعمل مع زملاء كانوا غرباء بالنسبة الينا.
تغريد المرعبي من منطقة الضم والفرز قالت: كل يوم نتعلم شيئا جديدا خاصة انني اتدرب مع اشخاص اكبر مني سنا، وهذا يساعدني على الانفتاح،مما يشعرنا اننا اشخاص لسنا مهمشين خاصة بعد حرماننا من المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية لاحقا. وهذا يعني منعنا من المشاركة في الحياة السياسية.
عبد الله كجك قال: تعرفنا على العمل البلدي وكيفية الاختيار بين ما يساهم في تطوير العمل البلدي وغيره، وايضا تعلمنا انه من حقنا ان نحاسب المسؤولين على اخطائهم. كان لدينا فكرة في السابق انه من المستحيل التعاطي مع الطرف الاخر لكن تبين لنا اننا كنا مخطئين، حيث صار بالامكان التعاطي معهم وتقبل وجهة نظرهم وليس هناك من داع للخلاف المضخم، فهذه الدورة ساهمت في شد المجتمع الطرابلسي على بعضه اكثر من السابق. كذلك تعلمنا كيفية التعاون والتواصل مع الاخرين حتى تحقيق الاهداف المطلوبة وخاصة ما يتعلق بالمشاريع التي تحتاج الى التواصل مع الاخرين لغاية الاقناع وليس خطأ اذا نحن اقتنعنا منه.