بقلم فايز فارس
يعطيكم العافية يا أصحاب المعالي والسعادة والسيادة والسماحة ومن دار في فلككم من مسؤولين حزبيين ومنسقي أنشطة، لأنكم سعيتم ما استطعتم، من أجل جمع شمل ما فرّقته سياساتكم السابقة وتجنيب أهلنا إنقسامات مؤذية وصراعات مؤلمة. لا شك أنكم خلال هذه السنوات الماضية أدركتم أن كل المناصب والمقامات قد فقدت بريقها وهيبتها… وأن الناس قد تعبت من الخطابات الجاهزة والكلمات المرتجلة، وشبعت كلاماً معسّلاً ووعوداً جوفاء. في هذا اليوم الأول من حزيران 2010 وما سيليه من أيام وأشهر وسنوات قادمة، على كل مسؤول منتخب أو “معيّن” أن يشمّر عن ساعديه ويضع يده بيد زميله وشريكه في المسؤولية، وينزل إلى أرض الواقع، ويستمع إلى الناس ويعاين أوضاعهم، ويبحث عن حلول جذرية إذا أمكن، لكل تلك المسائل والقضايا العالقة منذ عقود، رافعاً صوته عالياً في وجه الإدارة المركزية ومطالباً بإلحاح بحقوق شرعية ودستورية وسلطات لا بد منها من أجل النجاح في تنمية المجتمع المحلي…! وفي المقابل على كل مسؤول وموظف أن ينفض الغبار عن تلك الملفات المكدّسة المهملة المنسية عن سابق تصور وتصميم في أقبية الوزارات والبلديات، ومراجعتها ووضعها على طاولة العمل البلدي وبتصرف جميع الساعين الخييرين إلى تطوير متحداتهم وبيئتهم . ولا تتسرعوا، أيها الفائزون المنتصرون في هذه الإنتخابات الأخيرة، في توجيه النقد والتجريح لمن سبقكم قبل التأكد من الحقائق والوقائع، وتمهّلوا حتى يتسنى لكم الإطلاع على معانات ذاقوا طعمها المرّ في هذا المنصب أو تلك المسؤولية. وتحلّوا بالتواضع والصبر وقدرة كافية على إستيعاب كل المسائل العالقة والمشاكل المطروحة، وبخاصة القديم منها. وإعلموا أن فوزكم في هذه الإنتخابات كما في غيرها يستند في أحسن الحالات، إلى ثلث اًصوات الناخبين، في ما هناك ثلث ثان عارضكم وثلث ثالث غاب عن السمع والنظر. فإذا حكمتم بإسم الثلث الذي صوّت لكم فأنتم فاشلون ومن الدرجة الأولى. أما إذا فتحتم آذانكم وعقولكم وقلوبكم ومكاتبكم البلدية للذين صوّتوا ضدكم، فأنتم بدون أدنى شك أقرب إلى النجاح منه إلى الفشل. وحتى يستحق المجلس البلدي تسمية “الحكومة المحلية” عليكم بمد الأيادي لجميع فعاليات البلدة التي تتمتع بطاقات وكفاءات ورغبات صادقة ونيات سليمة، وإفتحوا أبواب البلدية لكل الجمعيات المدنية الناشطة والنوادي الرياضية والتعاونيات الزراعية التي من دونها لن تعرفوا طعم النجاح الحقيقي. وإرفعوا شعار “قليل من السياسة وكثير من التنمية”. تعاونوا بكل صدق وإحترام مع السياسيين من نواب ووزراء ورؤوساء أحزاب… من دون أن “تتزلموا” لهم. تمسّكوا بالحد الأعلى الممكن من الإستقلالية في قراركم مع إعتمادكم على إدارة ذاتية في حدها المعقول. واعلموا إن فلس الأرملة لا يقل أهمية عن تلك المساعدات التي ستتدفق على المجالس البلدية والتي ستكون مشروطة مهما صرّح المانحون أو أعلنوا على الملاء. تواصلوا مع أهاليكم المغتربين المهاجرين المقيمين في بلاد الله الواسعة بواسطة وسائل الإتصالات المتاحة وما أكثرها، واطلبوا منهم المساعدة في تنمية بلدتهم إستناداً إلى رؤية واضحة ودراسات علمية وأبحاث ميدانية، واستقبلوهم الإستقبال اللائق عندما يعودون إلى ربوع الوطن الحبيب وسهّلوا عليهم إقامتهم في بلدتهم. وإن نسيتم فلا تنسوا أن هناك ثلاث فئات إجتماعية-إقتصادية تحتاج بإلحاح إلى الإهتمام والعناية: فئة المزارعين والحرفيين، فئة المسنين، وفئة الأطفال رجال ونساء الغد الذي يتمنى الجميع أن يكون غدأ أفضل. *باحث في تنمية المجتمع المحلي