فجأة تنبه النائب سمير الجسر الى ضرورة الاجتماع بأعضاء مجلس بلدية طرابلس، وفجأة تنبه الى مشروع الارث الثقافي والى ضرورة ايقافه، ومعه النائب محمد عبد اللطيف كبارة. ليس صدفة، أن تأتي حركة الجسر وكبارة متزامنة مع الاجتماع لنواب تيار المستقبل المقرر مساء الامس لمناقشة هيكلية التيار التي استبعد عن لجنتها الخماسية الجسر وكبارة والتي أيضا يأتي في سياقها استبعاد شقيق النائب كبارة عن منسقية الشمال متزامنة أيضا مع استبعاد هذا الشقيق عن غرفة التجارة والصناعة في طرابلس مما يوحي بأن انقلابا يحصل في طرابلس بتهميش لا يرقى اليه الشك لكل من سمير الجسر ومحمد كبارة وتعويم للنائب السابق مصطفى علوش الذي لم تنسجم كيمياؤه مع الثنائي الجسر وكبارة.
هذا الحراك السياسي الذي تشهده طرابلس هذه الأيام بدأ مع ارتفاع وتيرة النقاش حول مواعيد الانتخابات البلدية وعن تسابق للامساك بزمام هذه الانتخابات، هذا التسابق في الوقت الراهن ليس بين تيار المستقبل وقوى المعارضة انما هو بين أبناء البيت الواحد فقد طفى على السطح تنافس بين نواب المستقبل وقيادته.
فللمرة الاولى يطلب نواب طرابلس الاجتماع بمجلس بلدية طرابلس في جلسة كانت أشبه بجلسة محاسبة ادار فيها الجسر النقاش الذي احتوى على سلسلة اتهامات غاياتها النيل من مشاريع المجلس البلدي وابرزها مشروع الارث الثقافي التي طلب الجسر ايقاف بعد مضي سنوات على تنفيذه مما فاجأ رئيس البلدية رشيد جمالي بهذا الطرح وقد شعر أنه سقط في “فخ” الدعوة الى هذا الاجتماع تحت عنوان “مناقشة محطة التسفير” التي لم يأت على ذكرها أي من النواب الحاضرين وقد جابه جمالي الطرح بالرفض القاطع موجهاً السؤال اليهم “أين كنتم حين باشرنا بالمشروع ؟ وتساءل عن دوافع والحيثيات لهذا الطرح؟”.
وحدهما الجسر وكبارة بدا عليهما الحماس وأيدهما بدر ونوس في التزم الرئيس نجيب ميقاتي وروبير فاضل الصمت، ما عدا مداخلة مقتضبة للرئيس ميقاتي ضمنها رأيه بالعمل البلدي.
خرج الحضور من اعضاء المجلس البلدي بانطباع وحيد أن المجلس البلدي بات تحت مجهر الثنائي الجسر ـ كبارة وأن خلفية القضية هي الرد على قيادة تيار المستقبل قبيل الاستحقاق البلدي الانتخابي والغاية اثبات حضورهما والامساك بزمام الانتخابات المقبلة ومواجهة القيادة الجديدة لتيار المستقبل في طرابلس قبل أن تستلم مسؤوليتها.
الاوساط السياسية المتابعة قرأت مجريات الاحداث الراهنة حسب ما يلي:
تسربت معلومات ان الهيكلية الجديدة استبعدت عبد الغني كبارة “شقيق النائب كبارة” من منسقية الشمال والمرشح الابرز لهذا المركز الخصم اللدودو للجسر ـ كبارة النائب السابق مصطفى علوش.
استبعد مسؤول ملف انتخابات غرف التجارة والصناعة في بيروت وطرابلس سليم دياب عبد الغني كبارة عن الانتخابات القادمة لغرفة التجارة.
ورفض تيار المستقبل ترشيح عبد الله كبارة لرئاسة البلدية.
كل ذلك يعني تهميش الثنائي كبارة ـ الجسر عن المفاصل الاساسية في المدينة وقد سبق ذلك استبعاد سمير الجسر عن عضوية اللجنة الخماسية والاكتفاء بمصطفى علوش مما ولد لديه شعورا بالاحباط واغفال موقعه ودوره رغم أنه من رفاق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن مؤسسي تيار المستقبل فوجد نفسه مع كبارة الى جانب الرئيس فؤاد السنيورة كرد فعل بديهي على استبعاده وبرغم موقع السنيورة كرئيس لكتلة نواب المستقبل فإنه غاب عن الاجتماع المقرر لمناقشة الهيكلية بذريعة حفل التكريم الذي حُدد موعده في الوقت عينه لاجتماع نواب المستقبل مما ترك علامات استفهام حول امكانية اقلاع الهيكلية الجديدة لتيار المستقبل التي يبدو انها ستشهد تداعيات لا يستهان بها بدءاً من طرابلس وصولا الى أكثر من منطقة لبنانية.
أما رئيس البلدية رشيد جمالي الذي وصل الى منصبه على متن قطار تيار المستقبل فقد وجد نفسه أن القطار الذي اوصله هو نفسه الذي سيستبعده وبدأ تحولاً في مساره حيث تلاحظ الاوساط ولاول مرة حضوره في مناسبات تخص الرئيس عمر كرامي وهذا ما يوحي بتبدلات في تحالفات مدينة طرابلس والى اعادة خلط للاوراق التي ستسفر عن تحالفات جديدة.