السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في عمق الضنية مرحباً به ومكرماً، وعلى مدى الطريق الى بلدة بخعون لافتات ترحيب لممثل سوريا الرسمي وبالضيوف من قوى المعارضة وفي مقدمها الرئيس عمر كرامي ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، فكان التكريم ذو رمزية وطنية جامعة حيث شكل التكريم الذي أقامه النائب السابق جهاد الصمد للسفير السوري حدثا سياسيا بارزا في الضنية الخارجة من انتخابات بلدية حققت فيها المعارضة الوطنية انتصارات لافتة.. وكأن المزاج الضناوي قد انقلب مستعيدا ذاكرته الوطنية التي كانت ولا تزال دائما الى جانب المقاومة والى جانب رموز الصمود والتصدي لكل المؤامرات التفتيتية والمذهبية والطائفية.
ففي منزل النائب السابق جهاد الصمد وهو في الاساس منزل والده النائب الاسبق مرشد الصمد التقت وجوه باررزة من المعارضة من كل المناطق اللبنانية فكان اللقاء الجامع والابرز في حدث سياسي على مستوى الشمال.
فعلى شرف السفير السوري أقام النائب السابق جهاد الصمد حفل غداء تكريمي في بلدة بخعون ـ الضنية، حضره الرئيس عمر كرامي، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وزير الدولة يوسف سعادة، والنائبان إسطفان الدويهي وعباس هاشم، العميد وليم مجلي ممثلا نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس والوزراء السابقون عبد الرحيم مراد، الفضل شلق، ألبير منصور وعدنان عضوم، والنواب السابقون نادر سكر، فايز غصن، أحمد حبوس، عبد الرحمن عبد الرحمن، محمد يحيى، جمال إسماعيل، جبران طوق، مصطفى علي حسين، أسعد هرموش، وجيه البعريني ومحمود طبو، منفذ عام الحزب السوري القومي الاجتماعي في طرابلس عبد الناصر رعد، رئيس مخابرات الجيش اللبناني في الشمال العقيد عامر الحسن، منسق جبهة العمل الإسلامي الشيخ بلال شعبان، مسؤول جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في الشمال طه ناجي، رئيس نقابة مصدري الخضار والفواكه في لبنان عبد الرحمن الزعتري، رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، رئيس جمعية تجار طرابلس السابق مأمون عدرة، القاضيان توفيق جريج وبلال وزنة، والسادة روي عيسى الخوري، كمال الخير، محمد الجسر، يوسف فنيانونس، وشخصيات سياسية وقضائية وإجتماعية.
النائب السابق الصمد ألقى كلمة قال فيها: “دولة الرئيس عمر كرامي، سعادة السفير علي عبد الكريم علي، أيها الحضور الكريم. يسعدني أن أرحب بكم اليوم فرداً فرداً بين أهلكم وإخوانكم في الضنية ـ المنية، كما يشرفني أن يكون بيت مرشد الصمد هو حاضن هذا الجمع الكريم من الوجوه الوطنية الصادقة المؤمنة بثاوبت وطنية لا تتبدل ولا تتلون مع مسارات الأزمنة وتحولاتها”.
وأضاف: “تلك الثوابت التي تجمعنا تتمحور في أقانيم ثلاثة لا تنفصم عراها: أولاً عيش واحد قائم على التنوع والتعدد واحترام الآخر، وثانياً إنتماء عربي عنوانه فلسطين وبوابته دمشق، وثالثاً عداء مطلق لإسرائيل كونها نقيض التجربة اللبنانية”.
وتابع: “أكاشفك البوح يا سعادة السفير وأصارحك الرأي، أننا اليوم في هذه المنطقة بالذات نشعر باعتزاز كبير لوجودك بيننا ومعنا بشخصك وما تمثل شعباً ورئيساً ودولة. سنوات خمس ونيف مضت على خروج الجيش السوري من لبنان، ومرت الأيام لتثبت للعالم أجمع أن لا المخابرات ولا الأجهزة ولا عنجر هي التي صنعت نفوذ سوريا في لبنان. إن الحضور السوري في لبنان مرتبط بالتاريخ المشترك الذي ننتمي إليه، الأرض الواحدة التي عشنا عليها وسقيناها دماً وزرعاً دفاعاً عن ذرى ترابها. هذا ما يجمعنا بسوريا، وهذا ما يؤالف بين شعبينا”.
وقال: “اليوم أنتم يا سعادة السفير أكثر حضوراً في الوجدان الوطني من أيام عنجر، ونحن حلفاؤكم أكثر تجذراً في ضمير شعبنا من أيام البوريفاج. ولأننا أقوى بثوابتنا التي لن نحيد عنها، مورست بحق حلفاؤكم ولخمس سنوات أبشع أنواع الإرهاب الفكري، والتحريض المذهبي والطائفي، وألصق بنا صفات التخوين والعمالة وصولاً إلى خوض الإستحقاقات الإنتخابية ضدنا بشعار “لا تنتخبوا قتلة الشهيد رفيق الحريري”.
وأضاف: “حاولوا إلغاء العقل، إلغاء التآلف بين الناس، إلغاء وحدة الشعب فأصبحت شعاراتهم السيادية والإستقلالية حفلة جنون وغرائز مذهبية تغطيها قشرة ناصعة البياض هي شعار الحقيقة والعدالة. وفيما يؤخذ البعض بهذا المطلب المحق المتعلق بالحقيقة والعدالة، يتفتت الشعب والطوائف إلى مذاهب تحت هذه القشرة في ليل لا يوصف”.
وتابع: “برغم كل هذا الإرهاب المعنوي الذي مورس بحق كل المعارضينن لا سيما ما سمي بالمعارضة السنية، وفي طليعتها الرؤساء عمر كرامي وسليم الحص والمناضل أسامة سعد والصديق عبد الرحيم مراد، وصولاً إلى كل كل الرفاق والأخوة في عكار وطرابلس والمنية والضنية والإقليم وبيروت، فإننا نعتقد أن ما جرى وما ارتكب بحقنا ينتمي إلى مرحلة ماضية، وأن النظر إلى الأمام وحده يحافظ على السلم الأهلي”.
وقال: “لنكن أكثر صراحة، وبمزيد من الموضوعية إن جوهر السياسة هو تحمل المسؤولية، لذا فإن دولة الرئيس سعد الحريري مدعو لتحمل المسؤولية التاريخية لحماية وحدة شعبه وديمومة وطنه بصفتين: صفة المسؤول وصفة ولي الدم، وأزيد صفة ثالثة مطلوبة منه هي ولي الضمير الوطني”.
وأضاف: “فليسمع الجميع جيداً، ما من أحد في لبنان لا يريد معرفة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا ما أجمعنا عليه، وما من أحد إلا ويريد معاقبة قتلة الرئيس الشهيد وهذا ما أجمعنا عليه. لكن العقل والعلم القانوني والموضوعية يلزمان الرئيس الحريري بالتوقف أمام بعض الحقائق. هل فعلاً أن التحقيق الدولي هو كإمرأة القيصر فوق الشبهات؟ وألا يعتقد أن إتهام سوريا سياسياً سنداً لشهود زور، كما يقول صديقه وحليفه وليد جنبلاط، هو كان يسيطر على لجنة التحقيق الدولية في البدايات، وعلى بعض القضاء في لبنان؟”.
وتابع الصمد: “ألا يرى الرئيس الحريري أنه ثبت وبالحقائق القانونية أن هذا الإتهام السياسي كان مبنياً على لا شيء، وان احتجاز رؤساء الأجهزة الأمنية لمدة تلامس الأربع سنوات كان دون وجه حق، وألا يرى أنه لا يجوز نقل وحرف بوصلة التحقيق في اتجاه جرمي إلى إتجاه جرمي آخر، وصولاً لاتهام أفراد من حزب الله، يأتي في سياق قانوني غير سليم ومشوب بالريبة وبالإستهداف السياسي للمقاومة؟”.
وسأل الصمد: “أحقاً يعتقد دولة الرئيس الحريري أن كل ما سرب من التحقيق حول تورط حزب المقاومة بمقتل الرئيس الشهيد هو تسرب إعلامي، وهل من الصدفة أن رئيس أركان العدو بشرنا بالفتنة القادمة إلينا من خلال القرار الإتهامي، وهل يعتقد دولة الرئيس أن المقاومة لا تعلم دور الرئيس الشهيد في تفاهم نيسان عام 1996 الذي شكل أول إقرار دولي بشرعيتها؟”.
وتابع الصمد: “ألا يعتقد دولة الرئيس الحريري أن المقاومة وحزبها ومناضليها لا يمكن أن يلحقوا الأذى بمن مد إليهم يد العون في زمن المواجهة والحصار؟ ولنضع كل ذلك جانباً وبالمنطق الجدلي والإستطرادي ألا يعتقد دولة الرئيس أن إتهام حزب يمثل طائفة سيتحول إلى إتهام طائفة، ألا يعلم أن لبنان القائم على توازن الطوائف لا يتحمل إتهام حزب يمثل طائفة، فكيف إذا كان هذا الحزب يمثل اليوم مع جيشنا شرف هذا الوطن وعزته وكرامته، هذا الحزب المستهدف بالتآمر عليه ليس فقط من إسرائيل بل من قوى الرجعية والتآمر عربياً ودولياً؟”.
وقال الصمد: “أكثر من ذلك، ألا يحق لنا أن نتساءل هل تبقى الحقيقة حقيقة إذا تم إستغلالها، وهل تبقى العدالة عدالة إذا تم تسييسها، ألا يرى أن الحقيقة والعدالة بمفهوم لجنة التحقيق الدولية والمدعي العام هي حقيقة مركبة وعدالة مجتزأة، لذا فإننا اليوم وللأسف نهدر فرصة معرفة القتلة الحقيقيين لذا تصبح العدالة مستحيلة، ألا يستحق هذا الوطن لحظة حكمة وتعقل وصفاء؟”.
وأضاف: “ألا يعلم الرئيس سعد الحريري أن هذا الوطن لا يحكم إلا بالحكمة والمسؤولية وأن أي طائفة يتم ظلمها أو تهميشها لا يحميها دفاعها عن نفسها ـ وإن كانت قادرة ـ بل دفاع الطوائف الأخرى عنها، وهذا هو شرط العيش الواحد وهذا هو معنى وجود لبنان”.
وتابع: “قبل أن أختم لا بد لي أن أحيي بطولة شهداء جيشنا الوطني وشهيد الصحافة الحرة الذين إستشهدوا دفاعاً عن الأرض والعرض، ليؤكدوا صحة مقولة تلاحم الشعب والمقاومة والجيش”.
وختم الصمد كلامه: أفضل ما أختم به هو الإستشهاد بما كتبه الشاعر أنسي الحاج: “يكرر التاريخ نفسه اليوم مع تغيير في أسماء الطوائف. محل الموارنة والدروز، الشيعة والسنة، وبدل السلطنة العثمانية، الغرب وزعيمته الولايات المتحدة، ومكان بريطانيا ودسائها إسرائيل ودسائسها. وتبقى دمشق هي دمشق، تارة معاوية ويوحنا الدمشقي، وطوراً معاوية وعبد القادر الجزائري، وشعرة معاوية ثابتة على الزمن وعاصية على المقصات. فيا أخي سعادة السفير، دمت لمن لن ينتهي به إعجاب بشعبك وقائدك، وتحية لك ولبلادك، فسلام عليها وسلام الله عليك”.
السفير علي رد بكلمة قال فيها: “دولة الرئيس عمر كرامي، أصحاب المعالي والسعادة، أصحاب المقامات، السيدات والسادة المحترمون.أنا سعيد جداً أن أزور هذه الدار الكريمة وهذه المنطقة الغالية، بحضور هذه النخبة المتميزة من الشخصيات الوطنية التي أعتز بالتعرف إليها وبالتعلم منها، وأشكر الأستاذ جهاد الصمد على هذه الدعوة، وقد تحدث طويلاً ولامس قضايا حساسة تعنيكم وتعنينا طبعاً”.
وأضاف: “سوريا ولبنان لا يحتاجان إلى من ينظر ويخطب في العلاقة بين بلدين شقيقين توأمين وأخوين، فالدماء التي تجري في عروقنا واحدة، وعدونا واحد، وما يجمعنا متشابك ومتداخل يمتد إلى كل تفاصيل حياتنا، ويفرض علينا ويحتم أن نكون معاً وأن نفكر معاً، وأن نقرأ تكامل المصالح في ما بيننا وهذا ما تنتهجه بحمد الله الآن القيادتان في البلدين الشقيقين”.
وقال: “يبشر مسير العلاقات بتطور ينتمي إلى نجاحات أكثر بإذن الله. فالمقاومة التي صنعت للبنان ولسوريا وللأمة كلها مجداً وثقة تتعزز أكثر بالنفس وتعزز أكثر بالمستقبل، وتبشر أيضاً بصيانة السيادة في سوريا ولبنان والمنطقة كلها، لأني أرى أن العدو الذي يتهددنا لا يستثني أحداً منا، ولا يستهدف أحداً منا دون الآخر وإن إبتدأ بأحد فإنما يعني الوصول إلى الجميع”.
وأضاف: “أرى وفاقاً يتعزز، وأتفاءل بأنه يكبر، وأرى بحثاً عن الحقيقة إن شاء الله يتعزز بالحوار وبالإحترام المتبادل، وبالبحث عن الحقيقة التي للجميع مصلحة فيها”.
وتابع: “أرجو أن ينحاز جميعنا إلى التفاؤل وإلى الوفاق وإلى إحترام الخطوات السليمة التي تقود إلى الأمن والإستقرار والإزدهار، وإلى حقن كل الجهود والطاقات وتصويبها باتجاهها الصحيح، وأرى أن ذلك ممكنا والطريق إليه ممهدة إن شاء الله، والنجاحات ستكبر وستمتد وستعزز، وسنرى لبنان وسوريا والمنطقة بأجمعها إن شاء الله في حصانة أكبر، وفي إنتصارات ترتد إيجاباً وأمناً وإستقراراً وإزدهاراً على سوريا ولبنان وعلى المنطقة كلها”.
وختم: “أشكر حضوركم وتشريفكم، وأعرب عن سعادتي وتقديري وإمتناني لهذا الحضور ولهذه الدعوة. عشتم عاش لبنان، عاشت سوريا وعاشت العلاقة الأخوية بين البلدين”.