لم تزل تداعيات الانتخابات البلدية في عكار تسيطر على الساحة مخلفة جملة حسابات واعادة نظر في صفوف القوى والتيارات السياسية التي خاضت معارك بلدية – سياسية لا سيما في البلدات المسيحية التي كانت ساحة تنافس بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في امتحان لقواهم الشعبية ولحضورهم على الساحة العكارية.
فالتيار الوطني الحر اعاد النظر في الكثير من حساباته لتحديد مكامن الخلل حسب مصدر مطلع،خاصة في القبيات التي كانت خسارته فيها غير متوقعة بينما كان فوز التيار في بلدة منيارة والتي تعتبر احدى ابرز بلدات الحضور العوني كاسحا في مواجهة تكتل حديدي قوامه القوات اللبنانية والكتائب وقوى لا تزال موالية ل14 آذار ومدعوم بالمال وبالاغراءات المتنوعة .
وفوز التيار الوطني الحر كان ايضا فوزا بالتحالف مع تيار شعبي له رصيده الكبير في منيارة هو الحزب السوري القومي الاجتماعي حيث خاضت القوات اللبنانية معركتها في منيارة على انها معركة ذات هدفين اولهما اسقاط انطون عبود المعروف بنشأته السورية القومية الاجتماعية وانه يجب اسقاط هذا الرئيس القومي وثانيهما اسقاط التيار العوني في عرينه للايحاء بأن منيارة ليست عونية بل قواتية . فجاءت النتيجة مدوية بفارق كبير انتصارا لتحالف القومي – العوني وعائلات البلدة .
معركة أخرى من المعارك العونية – القواتية جرت في بيت ملات وهي ايضا احدى البلدات التي نشأ فيها حزب الكتائب تاريخيا ومن ثم القوات اللبنانية ورغم ذلك حقق التيار العوني فوزا كاسحا برئاسة البير رفيق الحاج ابن رئيس البلدية السابق مما يعني تغييرا في مزاج بيت ملات الشعبي .
ايضا المعركة بين الفريقين جرت في بلدة بقرزلا رغم ان اللائحة المنافسة لم تتخذ شكلا واضحا من اشكال الانتماء رغم انضمام قواتيين اليها وقد خسرت هذه اللائحة التي اعتبرتها الاوساط انها لائحة مدعومة من القوات امام اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر ومن عائلات البلدة حيث فاز فيها جوزيف داغر .
حتى بلدة جديدة الجومة حيث للقوات اللبنانية مقر لم تفلح القوات اللبنانية في معركتها في مواجهة اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر .
وكذلك الامر في عندقت رغم اللغط الذي أحاط بتشكيل اللوائح وتنافس العونيين في ما بينهم في مواجهة لائحة موحدة ومتراصة من القوات اللبنانية فان اللائحة العونية قد فازت.
فقط كان الفوز حليف القوات في القبيات وليس لوجودها حسب رأي الاوساط بل بسبب التحالف مع النائب هادي حبيش الذي شكل رافعة اساسية لهذه اللائحة .
كثيرون اثاروا مسألة الانتشار العوني في عكار وتراجعه في حين جاءت النتائج تثبت الحضور العوني ، لكن تشير المصادر الى ان ثمة خلل اعترى صفوف العونيين في عكار تحكمه روح التنازع الشخصي والتنافس على مواقع الصدارة والرئاسة في البلديات مما دفع بقيادة التيار الى مناقشة جدية لاعادة الهيكلة وضبط التنظيم من الداخل ، اما القوات اللبنانية فقد كشفت النتائج هزالة الوجود القواتي في الوسط المسيحي العكاري وعدم قدرته على التوسع والانتشار إلا في نطاق ضيق.
قيادي عكاري رأي أن ذلك مرده الى ان العكاريين باتوا بحاجة الى تيارات اكثر انفتاحا على الآخر واكثر ابتعادا عن السجالات والتشنجات وان المسيحيين في عكار اعتادوا على عكار نموذج عيش مشترك ووحدة وطنية مع باقي القوى التي يتألف منها النسيج العكاري.