أقامت هيئة الإسعاف الشعبي في طرابلس حفل إفطارها السنوي في حضور مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار، رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا على رأس وفد من المؤتمر، ممثلون عن النواب والوزراء والنائبين السابقين عبد المجيد الرافعي وجان عبيد، ورئيس المحاكم الشرعية السنية سابقاً الشيخ ناصر الصالح، نقيب المحامين أنطوان عيروت، وشخصيات سياسية وقضاة ودينية.
بداية تحدث مسؤول الإسعاف الشعبي في الشمال المحامي مصطفى عجم كلمة قال فيها: لقد أهملت الطبقة الحاكمة مطالب الناس وهمومها الأساسية، فما زال اللبنانيون يطالبون بالكهرباء والماء والدواء والإستشفاء والتعليم والعمل رغم أن عشرات المليارات قد صرفت في لبنان والدين العام يناهز الـ 60 مليار دولار، وتساءل: لماذا لم يتم تشغيل المستشفى الحكومي في طرابلس بكل أقسامها حتى الآن؟ ولماذا لا توضع سياسة دوائية تعتمد خيار الصناعة الوطنية للدواء كما أغلب الدول العربية؟ ولماذا لا يعقد مؤتمر إقتصادي يشارك فيه الخبراء لوضع خطة تنموية وتوصيات تلتزم بتنفيذها الحكومة؟
ثم تحدث رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا الذي رحب بالحضور وقال: في هذا الشهر الفضيل يتجدد الإيمان والإلتزام بالإسلام الذي لا يزال يتعرض لهجمات إستعمارية بدأت من حروب الأفرنجة وصولاً إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد.. لكن بعد إنتصار المقاومة في لبنان على العدوان الصهيوني عام 2006، تغيّر أسلوب الحرب على الأمة والإسلام من الحرب العسكرية الإستباقية إلى حرب أمنية من خلال زرع الفتن السنية الشيعية في المنطقة.
ففي لبنان، فإن من يقف بوجه المخططات الأميركية الصهيونية يُتهم بأنه إيراني، متناسين أن الأمة العربية كانت تثور دائماً بوجه الإستعمار، وقد إختارها الله لتكون أمة الرسالة، والمسلمون السنّة في لبنان هم من مؤسسي لبنان منذ العام635 ميلادية ومهمتهم حماية الثغور فكيف يمكننا نسيان تاريخ أمتنا والإلتحاق ببولتون ورايس، ومع إحترامنا للأخوة المسيحيين فإن السنة ليس لديهم “بابا”، لكن “المستقبل” أوجدوا لهم “الماما ستريدا”.. غير أن المسلمون السنّة لا يمكن أن يكونوا في خندق واحد مع أميركا، ومن يسعى لهذا الأمر ليس مسلماً ولا سنياً.
واضاف: إن ضعف الطائفة السنية اليوم لأن من كُرس زعيماً لها هو شخص ضعيف. فكيف صرف هذا الزعيم أموال الطائفة؟ لقد أعطته المملكة العربية السعودية 4 مليارات دولار منها مليار واحد للحكومة اللبنانية، فأين ذهبت هذه الأموال؟ لا مشاريع إنمائية في طرابلس وعكار ولا في عرسال وإقليم الخروب والعرقوب. وفي المقابل تمّ خلال السنوات العشرين الأخيرة تأسيس 2800 مؤسسة تابعة للطائفة الشيعية و2400 مؤسسة مسيحية في مقابل 260 مؤسسة سنية. والجواب على كل ما تقدم بسيط، فالأموال صرفت على الإنتخابات والقوات اللبنانية، وما نراه في طرابلس من حرمان وإنقطاع في الكهرباء وغياب الإنماء هو معاقبة على مواقفها الوطنية والقومية العربية منذ عهد الإنتداب إلى اليوم.
وتساءل شاتيلا عن مصير تقرير المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى حول الإختلاسات في دار الفتوى، فالمجلس إتخذ قرار بأن يقدم التقرير في شباط الماضي وهنا نحن في شهر آب ولم يصدر شيء حتى الآن، مما أضعف أكثر الطائفة السنية في ظل ضعف “الزعامتين” الدينية والسياسية.
وأكد أن كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان بدءاً من القرار 1559 لم تجلب شيئاً للبلد إلا محاولات إشعال الفتنة بين المسلمين، ودعا من هو منزعج من المقاومة الشيعية في الجنوب لتأسيس مقاومة سنية لتحرير مزارع شبعا خاصة في ظل توافر الأموال والتدريبات العسكرية في الأردن وغيرها من الدول. لكن هذه الزعامة للطائفة السنية لا تريد أن تحرر ولا أن تدافع ولا تقوم بإنماء ولا تريد غيرها أن يقوم بذلك.. مشدداً على أن إنتشال الطائفة السنية من حالتها السيئة حالياً ينطلق من تقوية دار الفتوى وإصلاحها من الداخل، وتحقيق التمثيل السياسي الصحيح للبنانيين من خلال إنتخابات حرة ونزيهة فعلاً.
وتطرق شاتيلا إلى مشروع قانون منح الحقوق المدنية للفلسطينيين، فرأى أن هناك تسابقاً بين بعض أطراف الطبقة السياسية الحاكمة على رفضه حتى شعار كاذب وهو الخوف من التوطين، مطالباً بإقرار هذا القانون الذي يفرضه الواجب الديني والأخلاقي والقومي، مشيراً إلى أن الطائفة السنية لا تحتاج لتوطين الفلسطينيين حتى يزيد عددها ولا هم يريدونه، فقد عرض التوطين على الفلسطينيين في العديد من الدول ورفضوا متمسكين بحق العودة.
وختم رئيس المؤتمر الشعبي كلامه مشيراً إلى أن الدولة لا تحتاج إلى إقامة حملة تبرعات لتسليح الجيش اللبناني، بل يمكنها فقط إستعادة حقوقها بالأملاك البحرية من أطراف الطبقة السياسية الحاكمة والتي تقدر قيمتها بـ10 مليارات دولار ، وهذا المبلغ لا يسلّح الجيش فقط، بل يجعله من أقوى الجيوش في المنطقة إذا كانت هناك نية صادقة وحقيقية لتسليح الجيش وتطويره.
وتخلل الحفل تقديم الأخ كمال شاتيلا وسام العطاء لكل من: رئيس بلدية طرابلس السابق المهندس رشيد جمالي، نقيب المحامين أنطوان عيروت، الأمين العام المساعد لإتحاد المحامين العرب النقيب عبد الرزاق دبليز، والأستاذ الجامعي الدكتور علي شقص، تقديراً لعطاءاتهم في سبيل نهضة المجتمع والوطن.