ناقش “اللقاء من أجل طرابلس” ورقة العمل التي أعدها رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة حول “إستعادة دور المدينة وموقعها”، حتى تكون طرابلس فعلا عاصمة ثانية للبنان ومدينة للمستقبل، وذلك في منتدى طرابلس، وفي حضور حوالي 50 شخصية من ممثلي النقابات وهيئات المجتمع المدني وجمعيات ومؤسسات تربوية وثقافية وإجتاعية.
وجاء في مستهل ورقة العمل عرض لما كانت عليه المدينة في مطلع القرن الماضي حين كانت من أجمل المدن بشهادة الرحالة الذين زاروها، وتغنى بعضهم شعرا بمحاسنها إلى جانب العمران الذي كان سائرا فيها بخطوات ثابتة وإقتصادها مزدهرا، ويؤمها أهل الجوار للعمل فيها وإرتياد مقاهيها الأنيقة وصالاتها السينمائية وملاهيها، ويقصد مدارسها الطلاب من المناطق الشمالية وتستقبل مستشفياتها المرضى حتى من الداخل السوري، وكان مرفأها ناشطا تحميلا وتفريغا للبضائع الآتية أو المصدرة للداخل العربي، ومصفاة النفط فيها تعمل بأقصى طاقتها ويعمل فيها المئات.
أضافت ورقة العمل:” على الرغم من مشاعر الغبن والإجحاف بحق المدينة والتي كان يحس بها الأهالي بسبب تجاهل الدولة لمطالبهم المحقة والمشروعة، إلا أن الحياة في المدينة كانت مستمرة والعيش المشترك بين مكوناتها الإجتماعية كان لافتا ومثالا يحتذى، غير أن الحرب اللبنانية- اللبنانية 1975-1990 كان لها آثار وتداعيات سيئة ومدمرة لا تعد ولا تحصى، فقد خربت النفوس والضمائر وتسببت بتدهور اقتصاديات المدينة التي تخلت مرغمة عن دورها المركزي كعاصمة للشمال وكبوابة للداخل السوري.
وعددت ورقة العمل ما أصاب المدينة إبان تلك الحقبة ومنها الممارسات الشاذة التي قام بها بعض الجماعات والتي تتعارض كليا مع تاريخ المدينة وأصالتها وروح التسامح فيها والعيش المشترك، وإضطراب حبل الأمن والنزاعات بين منطقتي التبانة وجبل محسن التي أملتها الظروف السياسية المعروفة.
وأشارت الورقة إلى أن إغتيال الرئيس رفيق الحريري وتداعياته إنعكس سلبا على علاقات تاريخية وإقتصادية طالما ربطت طرابلس بالداخل السوري، وتميزت على الدوام بالمتانة والإزدهار.
وتناولت تراجع العمل البلدي عن المستوى المطلوب من حيث النظافة وتنظيم السير وقمع المخالفات وعدم تشغيل الإشارات الكهربائية المعطلة منذ زمن طويل وإهمال المناطق الداخلية إهمالا غير مبرر، إضافة إلى سوء تنفيذ بعض مشاريع الترميم في طرابلس (سوق الصاغة، خان الخياطين، سوق البازركان) والإصرار على تنفيذ مشروع سقف مجرى نهر أبو علي على الرغم من الملاحظات الكثيرة والجدية له من قبل هيئات المجتمع المدني، وكذلك التخطيط السيء لمشروع الأوتوستراد الدائري وغيره كمشاريع التنظيم المدني في منطقة الضم والفرز وفي محلة أبي سمراء.
وتساءلت ورقة العمل: “مما يثير الشكوك والمخاوف والتساؤل المشروع: لماذا يكون تنفيذ المشاريع التي تقوم بها الدولة في طرابلس سيئا؟ ولماذا لا يحصل مثل ذلك في غير مدينة أوبلدة في لبنان؟ ولماذا هذه المعاملة السيئة للمدينة الصابرة وهي التي أثبتت في كل مناسبة ولاءها للدولة، ووقفت إلى جانبها رافضة كل طروحات التقسيم والفدرالية وإنشاء الإمارات مؤيدة لجيشها في معركة نهر البارد؟ وكيف يمكن لمدينتنا أن تستعيد دورها وموقعها في الحياة الوطنية العامة؟ وفي تثبيت الهوية العربية للوطن؟ وكيف لها أن تكون حاضرة مزدهرة عمرانيا وإقتصاديا وثقافيا يطيب العيش فيها وتنعم بكل مقومات المدن العصرية؟ وما دور المحتمع المدني في إستنهاضها؟”.
اضافت :إن إستعادة روح المدينة ودورها التاريخي وألقها النضالي الذي عرف بها وعرفت به، يحتاج إلى تضافر كل جهود أبنائها على تنوع طوائفهم وتعدد آرائهم، كل من موقعه وعلى طريقته. فحالة المدينة لم تعد تتحمل إنكفاء البعض ولا مبالاتهم بشأنها، كما لم تعد تتحمل أنانية البعض الآخر وإحتكارهم لتمثيلها وتفردهم بقيادتها. وهذه الجهود لتكون مثمرة وناجحة لا بد من أن يدفع بها إلتزام جدي وطوعي من قبل القائمين بها، ورغبة حقيقية مخلصة في خدمة المدينة ومصالحها وإنفتاح على كل الآراء والطروحات، إنطلاقا من الإيمان بأن أحد لا يملك الحقيقة كل الحقيقة، أو يدعي إحتكارها، وبأن أي فرد او عائلة أو حزب أو تيار بإمكانه أن يستأثر بمسار المدينة.
وتابعت: “ان طرابلس لجميع أبنائها وهي وفية لمن وفى لها ودافع عن مصالحها وحافظ على هويتها وأصالتها وتشبث بالقيم التي تؤمن بها والخصائص التي تمتعت وتتمتع بها مدينة الإيمان الحق بلا تعصب، والمحافظة من غير إنغلاق، والوفاء من دون إنقياد، مدينة أصيلة متحصنة بتراثها من غير أن تتنازل عن حقها في السعي إلى تجديد نمط حياتها ومواكبة الحداثة والتطور، إنها مدينة حاضنة لجوارها في عيش واحد حقيقي، لطالما شهدته صروحها التربوية وأسواقها الشعبية ومرافقها الخدماتية ومسارحها ومقاهيها ومراكزها الثقافية.
اضافت: “إن خشيتنا على مدينتنا من إستمرار تهميشها أو تغريبها عن تاريخها وتراثها وتقاليدها، بحيث بتنا نعتقد أنها تتعرض للإحتضار البطيىء عن سابق تصور وتصميم، تدفعنا جميعا إلى الوقوف بحزم للتصدي لما يدبر لها، إسقاطا لدورها في المعادلة اللبنانية ولعروبتها وعروبة الوطن، وإن ترك الأمور تجري على ما هي عليه، جريمة في حق المدينة وأهلها.
ودعت أخيرا إلى التحرك بفاعلية والتصميم على إنقاذ المدينة وبلورت إرادة جامعة لها وتشكيل قوة ضاغطة تفرض إحترامها وتعيد لطرابلس وزنها السياسي ودورها الإقتصادي الذي كان لها، وتنهي عزلتها وتهميشها الراهن.
الوسومابي سمراء التبانة اللقاء من اجل طرابلس جبل محسن خان الخياطين رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة رفيق الحريري سوق البازركان سوق الصاغة مجرى نهر ابو علي
شاهد أيضاً
شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا
دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …