صدى عكار أخبار عكار طرابلس وشمال لبنان. تغطية لآخر الأخبار والنشاطات في عكار لإيصالها للعالم والمغترب العكاري. اول موقع عكاري يعنى ب محافظة عكار وشمال لبنان
مقالات مشابهة
بعد الترجمة والرواية والسينما والمسرح، تناولت الفعالية الفكرية لمؤسسة الصفدي بالتعاون مع وزارة الثقافة: “جامعيو طرابلس يقرأون، يبحثون ويكتبون”، موضوع “الخط العربي” عند الخطاطين المرحومين أديب نشابة وبرهان كبارة، اللذين يعتبران من أبرز الخطاطين الذين ظهروا في مدينة طرابلس. وقد حاضر في الندوة د. جمال نجا، بعد أن عكف منذ ثلاثة أشهر على وضع دراسة قيّمة حول المُبدعين نشابة وكبارة. ود. نجا حائز على دكتوراه دولة في الاقتصاد الإسلامي من جامعة بيروت الإسلامية، وفي اللغة العربية وآدابها بموضوع الخط العربي من جامعة الروح القدس الكسليك، يعمل أستاذاً في معهد الفنون الجميلة (الفرع الثالث)، وهو خطاط حاصل على عدة جوائز دولية في الخط العربي، … وحضر الندوة إلى جانب عائلة الخطاطين، الأمين العام السابق لوزارة الخارجية اللبنانية السفير محمد عيسى، الشيخان عمر الكيلاني ومهدي شلق، مدير معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الثالث) د. عاطف عطية، مدير الفرع الثالث لمعهد الفنون الجميلة الدكتور علي العلي، نائب رئيس المجلس الدستوري د. طارق زيادة، نقيب الفنانين المسرحيين في الشمال شربل نعيمي، مثقفون وأساتذة وطلاب جامعيون وحشد من المهتمين.
بعد الوقوف دقيقة صمت عن أرواح ركاب الطائرة الأثيوبية المنكوبة، افتتح مدير المشروع الدكتور مصطفى الحلوة الندوة قائلاً: “إن فن الخط العربي يكتسب أهمية مضاعفة لأنه جزء حيوي من المنظومة الدينية الإسلامية، وهو كان ولا يزال واجهتها الحضارية الراقية”. أضاف: “لقد وجد المسلمون متنفسهم في الخط العربي، فأثقلوه بالمعاني الدينية والإيحاءات الإيمانية واللمسات الفنية. فالإسلام الذي ينهى عن التمثيل نحتاً لأنصاب ولا يستسيغ رسماً لشخوص، دفع فنانيه إلى ممارسةِ فعل الأسقاط من خلال الأبداع في عالم الخط- وفق التحليل الفرويدي-ماجعل الخط العربي حمّالاً لنحتٍ ورسمٍ وتوشية وزخرفةٍ ولإيقاعٍ داخلي أشبه ما يكون بالإيقاع الموسيقي ولقواعد هندسية صارمة”.
مداخلة الدكتور جمال نجا
استهل د. جمال نجا حول ما حققته إدارة الجامعة اللبنانية الفرع الثالث لجهة “إدراج مادة الخط العربي ضمن المنهاج الدراسي لهذه السنة”. وقال: “تعتبر طرابلس من أهم المدن الإسلامية في احتضان هذا الفن، ولعل تميزها بطابعها المحافظ والشرقي ظهر جلياً في أعمال الكثير من مبدعيها وبالأخص الخطاطين، ومنهم (يأنس الطرابلسي) الذي تخصّص في كتابة المصحف الشريف، ثم انتقل إلى القاهرة حيث تبوّأ مكانة عالية في الخط، كما تحتفظ مكتبة تشستربيتي في مدينة دبلن عاصمة إيرلندا الشمالية بنسخة من المصحف الشريف كتبه (إبراهيم بن علي بن سناء الملك المصري) في طرابلس بخطي الثُلُث والنسخ”. ثم قدم نبذة تاريخية عن الخط العربي وأدواته من أقلام وسكاكين للبري وأحبار وورق وغيرها، ترافق مع عرض مصور أعده الدكتور نجا بمساعدة الطالب في معهد الفنون أحمد رجب، تضمن السيرة الذاتية للخطاطين نشابة وكبارة مع نماذج من أبرز أعمالهم والتي استحوذت على نقاش لافت بين المحاضر والحضور.
وفي تحليل عن أسلوب الخطاطين قال: “يعتبر الخطاطان أديب نشابة وبرهان كبارة من أبرز الخطاطين الذين ظهروا في مدينة طرابلس، والذين تفوقا في عدة خطوط ولكنهما برزا في خطّي الثلث الجلي والكوفي، فأتقن نشابة الثلث الجلي وأتقن كبارة الكوفي. فأديب نشابة هو خطاط طرابلس الشهير، تتلمذ على يدي الخطاط الدمشقي ممدوح الشريف وانتشرت لوحاته في لبنان، وقد امتلك قدرة رياضية كبيرة على تشكيل النصوص في أي مساحة موزعاً إياها بشكل متناسب، وكان بارعاً جداً في إجادة التوازن فوزع تشكيل الفراغ بدقة كبيرة، وأحسن استغلال النقط تأثراً بتراتبية جاذبة ساعدتها الحركات التي فرشت الفراغات، بحيث وفر للعين اماكن استراحة بين منحنى الواو وصعود الألف، فأضفى الذوق الفني على اللوحة فسحة جمالية، فلفظ الجلالة عنده تستغني بجمالها البصري عن الزخرفة، وكذلك الأمر في الكثير من لوحاته”. أضاف: “اما برهان كبارة فقد ساعده تخصصه في الخط العربي بمدرسة تحسين الخطوط الملكية في القاهرة على التحليق في ميدان الخط الكوفي خاصة ، فأحسن اختيار الألوان وجمع بين الحضارتين الشرقية التي تميزت بالخطوط المنحنية والغربية التي تميزت بالخطوط المستقيمة ضمن فنه الإسلامي الذي رافقته الألوان وما لها من معانٍ ، فولّف لوحات تجاوزت الخمسين، أخذ بعضها مسحة (البوستر). فحين تقرأ لفظ الجلالة في اللوحة ترى أنّ مشاعرك تتحرك معها يميناً وشمالاً وصعوداً ونزولاً، وجدائله تضعك أمام جدل البحث عن سر هذا التركيب هنا وفراغاته هناك. وتعتبر الحركة ركيزة لأعماله بالرغم من جمود الحرف الكوفي (الحرف اليابس) ، إذ اعتمد الرؤية من جميع الزوايا، كما لو كان يدور حول اللوحة ليسجل مظاهرها المتتالية حسب اللقطات المختلفة”. وختم نجا: “كان لاختلاف البيئتين اللتين تلقى فيهما أديب وبرهان أصول الخطوط وميولهما الفنية أثرهما في اختلاف الاتجاه الخطي ، فالأول سلك درب خط الثلث الجلي والثاني الخط الكوفي، ولا شك أنهما تميّزا في هذين الخطين وكان لهما أثرهما في نهضة الخط العربي في مدينة طرابلس ولبنان بالرغم من عدم وجود تلاميذ مباشرين لهما، وإنما آثارهما التي ملأت أرجاء المدينة كانت مدعاة في تقليد الخطاطين لهما في أسلوبهما. وكان أديب نشابة مجدّداً في مدينته وامتداداً للمدرسة الشامية التي طوّر في أسلوبها ، بينما كان برهان كبارة مجدداً في إدماج الخط والزخرفة بطريقة غير معهودة قبله، وخصوصاً من جهة الألوان المختارة ونوعية الزخرفة المستخدمة مع لوحات الخط الكوفي”.
كلمة عائلة الخطاط أديب نشابة
ثم تحدث إبن الخطاط المرحوم أديب نشابة عزام باسم العائلة فقال: “إنني أحد أبنائه ممن تابعوا معه فترة زمنية نطاق عمله الفني، وواكبته في بعض المعارض المقامة له قبل وفاته، ولمتابعة مسيرته الفنية اقتبست من خطوطه الجميلة بعض التبلوهات الفنية في أحجام وخطوط مختلفة عن أصل الخطوط المحفوظة لدينا من أعماله… ولقد زار أديب نشابة اماكن أثرية تتضمن خطوطاً عربية لكبار الخطاطين العرب والأتراك، وقد حصل على دكتوراه فخرية بالخط العربي من جامعة القاهرة بالإيعاز من الرئيس جمال عبد الناصر عندما أرسل الخطاط اديب نشابة منظومة شعرية بخط يده الجميل راجياً عدم تنحيه والرجوع عن الاستقالة بعد حرب 1967”.
… وعائلة الخطاط برهان كبارة
أما عائلة المرحوم برهان كبارة، فقد تحدث باسمها إبنه فواز الذي نوه بالمؤسسة التي تهتم باعمال والده، وسجل اعتزازه بالقراءات العديدة التي تناولت أعمال والده، ومعتبراً أن “الجانب الروحي هو محور الانطلاقة لعمل والدي في هذا الجانب الفني”. وتمنى على وزارة الثقافة إيلاء الرعاية والاهتمام وإقامة المعارض العالمية للوحات والده “قبل أن يتسارع إليها الفساد”، كما دعا “مؤسسة الصفدي” لإقامة معرض للوحات الخطاط برهان كبارة في باريس “عبر تعاونها مع معهد العالم العربي، حتى يتعرف الغربيون إلى مبدع ملهم من مدينة طرابلس”.