قلد البطريرك الماروني الكردينال مار نصر الله بطرس صفير، باسم البابا بنديكتوس السادس عشر، نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، وساما بابويا رفيعا من رتبة “كوموندان” ذات النجمة للقديس غريغوريوس الأكبر، في حفل أقيم للمناسبة في دارة فارس في باريس حضره، الى العائلة، سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر وعقيلته سفيرة لبنان لدى المنظمات الدولية في جنيف نجلاء عساكر، النائب البطريركي العام المطران رولان أبو جودة، الوكيلان البطريركيان في باريس والكرسي الرسولي المونسنيوران سعيد سعيد وطوني جبران والقيم البطريركي الخوري جوزيف البواري.
وسلم البطريرك صفير البراءة البابوية لفارس وقد أوردت “تقديرا لمساهماته البناءة في خدمة قضايا العدالة والسلام وحقوق الانسان، وتعزيز حوار الحضارات، وتشجيع روح المصالحة بين الافراد والمجموعات داخل لبنان وخارجه، وللمبادرات الانمائية الرائدة التي تضطلع بها مؤسسة عصام فارس، الهادفة الى ازالة معوقات النمو البشري من خلال تحسين فرص التطور والتقدم، وتخفيف حدة التوترات الاجتماعية، وتنمية الطاقات العلمية والثقافية في اوساط الاجيال الناشئة.”
كلمة البطريرك وكانت كلمة للبطريرك صفير، قال فيها: “يسعدنا أن نلتقي بكم في هذا المساء، وأن نشكر استضافة دولة الرئيس عصام فارس والسيدة الفاضلة زوجته هلا لنا، استضافة تترجم محبة عامرة في قلبيهما تجاهنا، نبادلهما اياها مقرونة بالدعاء والتقدير. ويطيب لنا أن نسلمكم يا دولة الرئيس الاشارات الرسمية للوسام البابوي الرفيع، الذي منحكم اياه قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر”.
أضاف: “إن منحكم هذا الوسام البابوي الرفيع هو دليل على المكانة المميزة التي تحتلونها في قلب قداسة الحبر الاعظم، وفي قلبنا شخصيا. وهي مكانة تؤكد التقدير العميق لشخصكم وقد اضطلعتم بمبادرات انسانية رائدة في لبنان وخارجه، سعت الى تلبية حاجات كبيرة لدى المعوزين والفقراء، وطموحات كبيرة لدى الشباب التواقين الى العلوم، وتطلعات عالية لدى القيمين على مراكز الدراسات والابحاث ، كما سعت الى توفير مقومات التنمية الانسانية الشاملة في مختلف القطاعات والمجالات. وما قمتم به جاء عطاء مسيحيا متجردا ومثلا يقتدى به منزها عن كل غاية، ومترفعا عن كل تمييز وفئوية، وكان في أساس ما لقيتم من تكريم وتقدير لدى الكثير من المرجعيات الدولية تتوجهما اليوم التفاتة قداسة الحبر الاعظم تجاهكم”.
وتابع: “وفي كل مرة تكرمون في المحافل الدولية تهدون التكريم لوطنكم لبنان، الذي يحتاجكم دوما مدرسة في العطاء والمحبة، ومرجعية فاعلة لاستقامة الحياة الوطنية فيه، ومسهما أساسيا في برامج نهوضه الاقتصادي والاجتماعي”.
كلمة فارس
وبعد تقليده شارات الوسام الرسمية ألقى فارس كلمة قال فيها: “هذا الوسام الرفيع أتقبله اليوم بشكر واعتزاز، ليس فقط لأنه صادر من أعلى سلطة كاثوليكية في العالم، قداسة الحبر الأعظم البابا بنيديكتوس السادس عشر، بل لأن من يقلدني إياه شخصيا هو أعلى مرجع ماروني في لبنان والعالم صاحب النيافة والغبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك انطاكيا وسائر المشرق”.
أضاف: “لقد شئتم أن تقلدوني شخصيا هذا الوسام وتكرمتم بأن يجري الإحتفال في هذه الدار لتباركوها كما تفضلتم وكرمتمونا مؤخرا لدى تشريفكم دارتنا في بينو وبالكلمة المؤثرة التي خصصتموني بها النابعة من قلبكم الكبير الحامل هموم لبنان والساهر على هويته وتراثه ودوره. أما ما نوهتم به من إنجازات إنسانية وتربوية وإنمائية وسواها فأؤكد لكم أنها ما كانت لتتحقق لولا إيماني بتعاليم السيد المسيح وبخاصة منها: “أحبوا بعضكم بعضا”.
ثم أخذت الصورة التذكارية وأولم الرئيس فارس على شرف البطريرك صفير والحاضرين.
وكان البطريرك صفير والرئيس فارس قد عقدا، قبل حفل تقليد الوسام، خلوة ثنائية استغرقت حوالي 45 دقيقة عرضا خلالها الاوضاع العامة في لبنان، والمستجدات الخارجية ذات التأثير على الساحة اللبنانية.
ميدالية هلا فارس
كذلك قلد البطريرك الماروني السيدة هلا عصام فارس ايقونة سيدة قنوبين البطريركية عربون تقدير لدورها الانساني والاجتماعي.
فارس
وردا على سؤال عن موعد عودته الى لبنان، قال فارس: “ان لبنان في قلبي وعقلي ووجداني، كرست عقدا من العمر في سبيله ثم غادرته لأهتم قليلا بمؤسساتنا وشركاتنا التي أهملناها خلال اضطلاعي بمهماتي الحكومية والنيابية. وان شاء الله تكون العودة قريبة وفي هذا الصيف على الأرجح كما وعدت بذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في اتصال هاتفي معه، علما ان أولادي وعيالهم لم ينقطعوا يوما عن لبنان”.
وعن الاستحقاقات النيابية، قال: “انا بعيد عنها هذه الايام وفضلت أن أبقى في منأى عن التجاذبات السياسية لأنني أشعر انني لا أخص فريقا دون آخر، فاللبنانيون جميعا اهلي وعائلتي الكبرى، أدعو في كل وقت الى المحبة والتوحد والى ان يكون لبنان فوق كل اعتبار. فالاختلاف في المواقف ووجهات النظر بين الافرقاء السياسيين أمر طبيعي في البلدان المتقدمة والراقية وإلا لا تكون ثمة ديموقراطية وحرية”.
وأضاف: “التباين في التفاصيل مسموح أما الخلاف على الجوهر فخط أحمر، والجوهر هو لبنان السيد الحر المستقل المبدع صاحب الدور والرسالة موئل اللقاء والحوار بين الاديان والحضارات والثقافات”.
سئل: هل تنتظر التوقيت السياسي للعودة؟ أجاب: “لا علاقة للعودة بالتوقيت السياسي، وفي كل حال ان التكنولوجيا وثورة الاتصالات تجعلك على مدار الساعة في تواصل مستمر مع لبنان ومع أية بقعة من العالم”.
سئل: هل أنت خائف على مستقبل لبنان في ظل ما يتعرض له من تهديدات وتحديات؟ أجاب: “عمر لبنان من عمر التاريخ، وهو أبدي سرمدي خالد وأبواب الجحيم لن تقوى عليه بإذن الله”.
سئل: ماذا تقول للسياسيين اللبنانيين؟ أجاب: “رسالتي اليهم أمس واليوم وغدا ان يكون ولاؤهم الكامل والمطلق للبنان، وان يترجموا فعلا وممارسة كلام النشيد الوطني اللبناني :”كلنا للوطن”.
الى ذلك تلقى الرئيس عصام فارس سيلا من البرقيات والاتصالات الهاتفية مهنئة إياه بالوسام البابوي وأبرزها من رئيس الجمهورية وبطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع وقائد الجيش العماد جان قهوجي.