شهد مسرح “
حفل الإطلاق الرسمي لأوركسترا الفيحاء للأعواد الصغيرة، التابعة لجمعية “شباب البلد”، والمؤلفة من أطفال بين 8 و19 عاماً، متخصصون في العزف على العود، ويمثلون كافة مكونات مدينة طرابلس، التقوا في رسالة تهدف إلى التصدي من خلال الموسيقى، للتحديات الأمنية والإقتتال المذهبيين، وتحدياً للإنقسامات الداخلية. ويقود الأوركسترا أستاذ الكونسرفتوار خالد نجار.
الحفل الذي تم تنظيمه بالتعاون مع “مؤسسة الصفدي”، كان مناسبة للاحتفال بيوم الاستقلال، وحضره إلى نائبة رئيس مؤسسة الصفدي السيدة منى الصفدي، مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال الأستاذ عبد الغني كبارة، الذي تسلم من رئيسة جمعية شباب البلد، الدكتورة هند الصوفي، درع تقدير على دعمه ومساندته الدائمة لمسيرتها. كما حضر الحفل الوزير السابق العميد سامي منقارة، القاضي نبيل صاري، رئيسة اللجنة الوطنية للأونيسكور البروفسورة زهيدة درويش، عضو بلدية طرابلس الأستاذ محمد شمسين، المدير السابق
لمعهد العلوم الاجتماعية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية-الفرع الثالث الدكتور عاطف عطية، السيدات: ندى ميقاتي، زينة أحمد كرامي، سلام سمير الجسر، هند محمد عبد اللطيف كبارة، ومنى الأحدب، إضافة إلى ممثل نقابة أطباء الأسنان الدكتور جلال كساب، مديرة قطاع التنمية الاجتماعية في “مؤسسة الصفدي” السيدة سميرة بغدادي، وممثل لبنان في المجمع العربي للموسيقى السيدة منى زريق التي قدمت شهادات تقدير باسم دار الأوبرا المصرية لكل من المدرب نجار وأعضاء الفرقة، موجهة الشكر لدار الأوبرا على إعطاء الفرصة للأوركسترا، لتقديم حفلها على مسرحها، كما حضر حشد تربوي واجتماعي وثقافي وأهالي الأطفال.
وقد عزفت الفرقة بقيادة نجار، باقة من الألحان لأغنيات معروفة مستهلة بسيد درويش(طلعت يا محلا نورها حيث أداها أيميل كنعان والفرقة، كما عزفت الفرقة مجتمعة أغيتة زوروني كل سنة مرة لسيد درويش)، ومحطة أخرى مع الأخوين رحباني(بقطفلك بس هالمرة، نسم علينا الهوا)، واللحن الشعبي (آه يا زين)، وأغنية روميو لحود(خدني معك)، ومعزوفة الياس الرحباني(حبيبتي مع الشكر)، وسط مشاركة غنائية وتصفيق من الجمهور، الذي بدا منبهراً وفخوراً بأداء أطفال مدينتهم، وانسجامهم المتقن مع قائد الفرقة ومدربها الأستاذ خالد نجار. واختتم الحفل بعزف للنشيد الوطني على العود رافقه غناء للنشيد كاملاً من الحضور.
وكان الحفل تضمن الافتتاح بالنشيد الوطني تسجيلاً، وعرض فيلم مصور عن الفرقة، أهدافها، نشأتها، ومسيرتها الفنية منذ بدايات تدريباتها مدة سنة ونصف في قاعة بلدية الميناء ومركز الصفدي الثقافي وبيت الفن، قبل أن تستقر في بلدية الميناء، كمركز ثابت للتدريبات. كما تضمن الفيلم محطات نجاحات الفرقة داخلياً، وصولاً إلى مشاركتها في فاعليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الثالث والعشرين، حيث أحيت بنجاح كبير أمسية موسيقية في دار الأوبرا المصرية-مركز تنمية المواهب.
كلمة الصوفي
وبعد تقديم من عريف الحفل عمر كبارة، ألقت رئيسة جمعية شباب البلد الدكتورة هند الصوفي كلمة تحدثت فيها عن نشأة الفرقة ” فكرة، تأججت في زمن التوترات في المدينة، حاولنا تجميع المواهب الشابة من كل الأطياف في طرابلس والجوار، من كل الفئات الإجتماعية وبالذات من المناطق المتنازعة، ومن الأطفال المهمشين. أنشأنا مجموعة لتعزف لحنا واحدا، وتتبنى أنغام المواطنة الصحيحة، حينها سيكتشف أطفالنا أنهم ليسوا جماعات في وطن، بل مواطنين يبحثون عن وطن… “. أضافت: وللموسيقى بشكل خاص، جانب فاعل في صهر الوحدة الوطنية، حاولنا أن نتجاوز الصدمات ونتصدى ونلصق المدينة بالوطن من خلال هذا المشروع. التحديات كبيرة، قال لي الصديق محمد شمسين عضو بلدية طرابلس المتعسرة، أن الامر مستحيل بالنسبة لمشاركة أطفال الجبل، حاولنا حينها إيجاد مقر جامع للتمرينات، بيت الفن- مركز العزم الثقافي/منطقة آمنة نسبيا، شكرا لهم وللقيمين على هذه المنارة الثقافية الراقية لاحتضان التمرينات الأولى. انتقل الأطفال من بعدها إلى جمعية رعاية الأطفال، فكل الشكر للجمعية وللقيمين على حقوق الطفل وثقافته، ثم استقبلنا مركز الصفدي الثقافي بحفاوته المعهودة، وهنا لا بد من توجيه الشكر الكبير للأستاذ رياض علم الدين ولحرصه على استمرار المشروع رغم كل التحديات، نشكره لكل ما بذله من جهود في إنجاح حفلنا اليوم. وبهذه المناسبة، نتوجه بتحية للسيدة الفاضلة منى الصفدي لما تقدم من جهود للمدينة ولصالحها. وبعد أن أصبح لدينا محافظا غيورا على مصالح الشباب، انتهى المطاف بنا إلى بلدية الميناء حيث تمت تدريبات الشهرين الاخيرين قبل حفل دار الأوبرا/القاهرة. سعادة المحافظ شكرا لك، حللت ضيفا على الأطفال وحاولت العزف معهم”.
وهي إذ توجهت للوسائل الإعلامية التي دعمت الفرقة، خصت بالشكر اهتمام الأستاذ عبد الغني كبارة، “الذي أدمع العين حين لمس لدى الشباب هذا الإيمان وهذه الجدية، وقال متأثراً: تلك هي طرابلس…أم الجميع”. أضافت: “ومن ثم فاجأنا بمكرمة لم نكن نتوقعها فعليا، حين أبلغنا أن دولة الرئيس سعد الحريري بادر الى دعوة الاوركسترا للسفر على نفقته الخاصة. دولة الرئيس لك منا أسمى أيات الشكر والفخر…”.
وعن اختيار العود قالت: إنه التراث ولا يمكن فصل التراث عن أصالة هذه المدينة… وقالت: وحيث ان الشفافية هي مبدء وواجب لدينا، نضيف شكرا لكل دعم حصلنا عليه، ماديا كان أم معنويا، من أهلنا في المدينة والجوار. لن أغفل عن شكر الأستاذ سيمون كرم، هذا التربوي والأكاديمي الذي عمل ورفع من شأن معرض رشيد كرامي الدولي حين كان مديرا له، وليته ما زال، فقد رأى في هذا المشروع منحا يستحق الإستدامة وله رؤية في هذا المجال. في مرحلة الإنطلاق، وقفت بجانبنا مشكورة، الصديقة د. زهيدة درويش، المؤمنة في المشاريع ذات الابعاد الوطنية والثقافية، وبما تمثل من مهام في مجموعة أنا ليند لتعزيز الحوار بين الثقافات (والجمعية جزء منها). أما في المرحلة اللاحقة، كثر الاصدقاء والمؤمنون بالتغيير، وكان للجنة الاهل دورا بارزا، فاسمحوا لي أن أحييكم لجنة الأهل، باسم الجمعية، أحيي التزامكم، مع تنويه خاص لجهود الأستاذة رشا الشعار. وعن الفرقة قالت: الاعواد الصغيرة قبل حفل دار الأوبرا في مصر ليست حتما هي نفسها بعد هذا الاستحقاق. شكل الحدث مفصلا هاما في تطور العزف، في تقليد الكبار وفي إحراز التقدم حتى الإرتجال. أن أجمل ما لمسناه في هذه التجربة لهو ترابط الشباب، ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، لا دين ولا حزب ولا شعار يفوق نجاحهم سويا، ونحن على إيمان أنه بتراكم هذه المبادرات الهادفة، يمكننا أن نبني وطنا جبارا. في القاهرة أدهشوا الحضور ومثلوا طرابلس بوجهها الحقيقي، ولا بد من توجيه شكر خاص لمساعي السيدة منى الصايغ، مستشارة الجمعية للأمور الموسيقية، وممثل لبنان لدى المجمع العربي للموسيقى. كما نشكر في هذا المجال حفاوة سعادة السفير ابن طرابلس البار د. خالد زيادة وزوجته السيدة رولا في استقبال العوادين ودعوتهم إلى حفل غذاء، والتصفيق لهم بفخر واعتزاز بعد الأداء.
بدوره، تحدث السيد سيمون كرم باسم مجلس الأمناء فقال: في خضم الازمة الأخيرة حين كانت طرابلس مشلولة ويائسة،… كانت هذه الاوركسترا والقيمون عليها يحاولون أن يحولوا شغفهم إلى مشعل لعلع ينجح في ان يقود بنوره طرابلس خارج ذلك النفق الأسود، وأمام هذه المشهدية، كان لا بد لي من عمل ما للمساعدة في إنجاح هذه التجربة.. وستكون مهمتي الأساسية إقناع زميلات وزملاء لي يحبون هذه المدينة ويغارون على مستقبلها، بدعم استمرارية هذا المشروع الحضاري الذي سيعكس حقيقة أخلاق وحضارة طرابلس الفيحاء، عن طريق تقليد لا يزال يعمل به في الريف اللبناني وهو “العونة”، حيث يمد الأقرباء والجيرات يد المساعدة لبعضهم البعض عند الحاجة، وأرجو أن نتوسع بهذه التجربة إلى مناطق شمالية أخرى، فالموسيقى لغة عالمية تجتاز كل حواجز التفرقة التي اصطنعها الإنسان…”.