صدى عكار أخبار عكار طرابلس وشمال لبنان. تغطية لآخر الأخبار والنشاطات في عكار لإيصالها للعالم والمغترب العكاري. اول موقع عكاري يعنى ب محافظة عكار وشمال لبنان
مقالات مشابهة
بقلم فايز فارس
يزور صاحب الغبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك إنطاكية وسائر المشرق، محافظة عكار في شمالي لبنان يوم الأحد القادم، للإطلاع على أحوال رعيته في القبيات الأبيّة وعندقت الصامدة. وستشمل زيارته بلدة بينو قبولا المسيحية الأورثوذكسية ومسقط رأس نائب رئيس مجلس الوزراء السابق السيد عصام فارس.
البطريرك الكاردينال صفير هو، قبل أي أمر آخر، زعيم أقليّة دينية هي الأهم في هذا المشرق العربي ومنذ قرون… لأنها أقليّة مارست الصمود في مواجهة تاريخية مع كل “الأكثريات”. وما وجودها سوى دليل على صلابتها، كما أن حضورها يشير بشكل واضح إلى ديمقراطية حقيقيّة إلتزم بها أهل هذا المشرق، مسحيين كانوا أم مسلمين، مهما شكّك المشككون وأرّخ المؤرخون أصحاب النوايا السيئة. إنّ زيارة البطريرك صفير إلى عكار تعبّر إلى حد كبير عن تمسك هذا المقام السامي برعيته المنتشرة خارج ما يعرف تاريخياً بجبل لبنان “المسيحي الدرزي”. هي زيارة لا تقل أهمية عن زيارته الشهيرة إلى الشوف وإن إختلفت الأسباب والمعايير. فهل يتكرّم صاحب الغبطة بزيارة رعيته الصامدة المقيمة في “مدينة الله” إنطاكيا العظمى…؟
المحبين الغيارى، وبعيداً عن المواقف السياسية وإشكالاتها، يتمنون حصول هذه الزيارة ما دام صاحب الغبطة يتمتع بهمّة ونشاط تسمحان له بالتنقل والسفر. ولا نشكّ لحظة أن غبطته يدرك أن إنطاكية الينابيع هي أقرب إلى بكركي من روما وباريس وكل مدن أميريكا وأوستراليا. هنا أود أن أطمئن كل المحبين والغيارى على صحة البطريرك صفير حفظه الله، بالقول أن هذا الرجل الإستثنائي قد سلك منذ بداياته في الخدمة العامة مسلكاً نموذجياً في حياته اليومية. هو لا شكّ يعلم أن على الإنسان أن يعرف باكراً ما ينفع جسده من المأكل والمشرب وما يضرّ به ويؤذيه، مع تحديد الكمية الضرورية مبتعداً كل البعد عن الإسراف والشراهية وفوضى التوقيت، وأن لجسده حقّ عليه حتى يستقيم ويعطي أفضل ما عنده. كما يعلم أن النوم السليم كماً ونوعاً وإلتزام الراحة بعد جهد يتفوقان على الطعام الذي نتناوله مهما كان مغذياً. أضف إليهما نعمة الصلاة والتأمل في خلق الله والتي يفترض أن يتحلّى بها جميع المؤمنين، علماءً كانوا أم رهباناً أم خدّام رعية… حتى يبقى الذهن لديهم صافياً والعقل قادراً على إستيعاب كل ما يدور حولهم من أحداث.
ويبقى الجواب على السؤال المطروح من قبل البعض: لماذا يقوم البطريرك صفير بزيارة لبينو قبولا ذات الأغلبية المسيحية الأرثوذكسية ؟ أولاً، لأن صاحب الدعوة هو إبن بينو قبولا البار الرئيس عصام ميخايل فارس الذي يكنّ كل الإحترام لغبطته والتقدير الكبير لدوره على الصعيدين الديني والوطني. وثانياً، لأن بينو قبولا إشتهرت بإنفتاح أهلها على البلدات المجاورة، وإستقبالها لعشرات العائلات المارونية والمسلمة التي نقلت سجلات نفوسها بعدما قرّرت الإقامة نهائياً في البلدة. وثالثاً، لأن بينو قبولا، ومنذ نشأتها منتصف القرن السابع عشر، قد سبقت غيرها في إنفتاحها على التيارات الفكرية الثقافية والسياسيّة كافة … ما جعلها منارة للفكر الحر ومنبراً للحوار المبني على الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين أهالي عكار وكل لبنان.