كان لافتاً غياب منسق تيار المستقبل في الشمال عبد الغني كبارة عن معظم الأنشطة المفصلية التي شهدتها مدينة طرابلس في الآونة الأخيرة، لا سيما تلك المتعلقة بالاعداد لمهرجان ذكرى الرئيس رفيق الحريري. حيث غاب كبارة عن هذه الأنشطة رغم أنه بحكم مسؤوليته كمنسق للتيار عن تلك التحضيرات التي جرت ولم تعطِ ثمارها بحجم الآمال التي انعقدت على أوسع مشاركة طرابلسية.
الأوساط السياسية تتحدث عن أزمة صامتة بين النائب محمد كبارة شقيق منسق التيار وقيادات المستقبل في طرابلس. وهذه الأزمة انعكست على تلك المشاركة وتقول هذه الأوساط أن الأزمة بدأت منذ تسرب معلومات تفيد عن متغيرات على صعيد القيادة في الشمال وسيكون عبد الغني كبارة الاول من “ضحايا” هذه المتغيرات لأن المعنيين في “المستقبل” اعتبروا حسب رأي الاوساط السياسية الشمالية ان عبد الغني كبارة فشل من موقعه في ادارة التيار ولم يضف الى رصيده ما يستحق الذكر، عدا عما يطرح من بدائل أبرزها النائب السابق مصطفى علوش كاسم يستقطب الشارع الطرابلسي باعتباره احد صقور “المستقبل” في الشمال وهذا ما لم يكن عليه عبد الغني كبارة ومجرد طرح هذا البديل كان امتعاض لدى النائب كبارة الذي سبق له أن ضحى بتحالفه مع الوزير الصفدي وذهابه إلى أقصى يسار “المستقبل” مغلباً مصلحته السياسية في التحالف مع التيار على أية مصلحة اخرى اعتقادا منه أنه يجاري الشارع الطرابلسي المتعاطف مع “المستقبل” دون هوادة. في حين أن تحالفه مع الصفدي جعل منه تابعا له بحكم امساك الصفدي بزمام الادارة المالية في اي معركة انتخابية نيابية أو بلدية.
وتقول الاوساط السياسية ان النائب كبارة ذهب الى الالتزام بالمستقبل في وقت باشر فيه الرئيس الحريري جملة مصالحات فوجد كبارة نفسه يذهب الى حيث لن يكون له الموقع الاول في مدينة طرابلس وبالتالي ان مواكبة التطورات تحتاج الى ادارة جديدة تستطيع ان تلحق بهذه التطورات.
النائب كبارة كانت له ملاحظات عديدة على نواب المستقبل وقياداته في الشمال، فكان يبدي امتعاضه أمام مناصريه من تجاهل الرئيس السنيورة سابقا وتجاهل ادارة تيار المستقبل لاحقا لهموم الطرابلسيين وان الكثير مما وُعد به لم يتحقق فتأتي قضية ابعاد شقيقه لتكون القشة التي ستقصم ظهر البعير.
هذا الواقع ظهر على الساحة الطرابلسية مؤخراً ليوحي بأن التحالفات التي ولدت في الانتخابات النياية لن تكون على حالها في الانتخابات البلدية، وان مدينة طرابلس لم تعد كما كانت في السابق ذات مرجعية واحدة بل باتت ساحة تتقاسمها مرجعيات عدة وأن المواطن الطرابلسي بدأ يعي أن الزعامة الحقيقية لا تبنى على مصالح آنية ظرفية ولا على توسل هذا أو ذاك فانكفأ العديد منهم الى المرجعية التاريخية لآل كرامي فوجدوا فيه حسب رأي مصدر طرابلسي السياسي المستمر على نهج لم يتغير ولم يتبدل في كل الظروف وأقله أنه النهج المرتبط والمتحالف مع الشقيق ومع المحيط العربي والمؤيد بثبات لنهج المقاومة دون رمادية ودون تردد. وهذا ما يتلاءم مع تاريخ طرابلس الوطني الذي كان دائما تاريخا مقاوما وملتزما بالعروبة الحقيقية