“المصارف الاسلامية في مواجهة الأزمات” عنوان الندوة الاقتصادية التي رعتها وزيرة المالية ريا الحفار الحسن ممثلة بمفوض الحكومة لدى مصرف لبنان الدكتور ايلي معلوف بدعوة من جامعة المنار في قاعة المحاضرات – مبنى المكتبة المركزية .
وحضر الندوة ايضا ، فيصل كرامي ممثلاً رئيس مجلس أمناء الجامعة الرئيس عمر كرامي، الدكتور عبد الآله ميقاتي ممثلاً الرئيس نجيب ميقاتي، الدكتور مصطفى حلوة ممثلاً الوزير محمد الصفدي، رئيس محكمة طرابلس الشرعية السنية الشيخ سمير كمال الدين ممثلاً رئيس المحاكم الشرعية العليا في لبنان القاضي محمد دريان، قائد منطقة الشمال الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد علي خليفة، قائد درك طرابلس العقيد بسام الأيوبي، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، توفيق دبوسي ممثلاً غرفة التجارة والصناعة والزراعة في الشمال، ورؤساء جامعات وعمداء كليات وحشد من الطلاب.
بعد النشيد الوطني ونشيد الجامعة وقف الجميع دقيقة صمت وتلاوة الفاتحة عن أرواح الضحايا الذين قضوا في حادث سقوط الطائرة الأثيوبية أول أمس في بيروت. ثم رحب عريف الاحتفال رئيس لجنة أصدقاء الجامعة رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة الذي أكد “أهمية هذه الندوة في ظل التخبطات الاقتصادية التي تواجه بعض النظم الاقتصادية في العالم لا سيما ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية وفي دبي مؤخراً”.
ثم تحدث رئيس جامعة المنار الوزير السابق الدكتور سامي منقارة شاكراً للوزيرة الحفار الحسن رعايتها هذه الندوة وقال: “يشرفني أن استقبلكم اليوم في رحاب حرم جامعة المنار في طرابلس، فطرابلس مدينة العلم والعلماء ، كما وصفها المؤرخون ، تثبت يوماً بعد يوم أنها حريصة على أن تبقى مدينة للعلم وما إقامة هذه الندوة وتلبيتكم الدعوة إلا الدليل على ذلك. إن جامعة المنار، تحمل رسالة توفير التعليم العالي لجميع اللبنانيين بشكل عام ولأبناء الشمال بشكل خاص وهي تلتزم، بتوجيهات رئيس مجلس أمنائها دولة الرئيس عمر كرامي، بأن يكون التعليم في أفضل مستوى. فالجودة هي الغاية الأساسية التي تتمحور حولها البرامج والهيئة الأكاديمية والتفوق هو غاية طلابها لأن المنح تعطى للطلاب على ضوء علاماتهم في نهاية الامتحانات لكل فصل. والجامعة تتوخى تلبية سوق العمل بما يحتاج إليه من الخريجين ومن هنا كان اختيار كلياتها فنجد إدارة الأعمال والصحة العامة والعمارة والتصميم والسياحة والزراعة والعلوم والهندسة وتكنولوجيا المعلومات والتي أدخلت مؤخراً في برامجها اختصاص القبطان البحري والمهندس البحري نظراً لافتقار لبنان لهذا الاختصاص فكانت جامعة المنار في طرابلس هي السباقة لتوفيره للبنانيين للحصول على شهادة دولية ذلك أن فرص العمل المتاحة له تعد بالآلاف في أنحاء العالم. وجامعة المنار لا يقتصر دورها على التلقين بل يهدف إلى بناء الإنسان ذي العقل النير ومن هنا تسعى دائماً إلى إقامة الندوات العلمية التي تتناول المشكلات التي يواجهها المجتمع وتطرح تساؤلات عديدة وتستولد مواقف متباينة في تحليلها أو تحديد أسبابها توصلاً لإيجاد الحلول المناسبة واستخلاص العبر للاستفادة منها مستقبلاً. ولعل من أبرز المشكلات التي واجهت العالم مؤخراً ما عرف بالأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها من الولايات المتحدة الأميركية وامتدت آثارها إلى أقطار العالم كافة مسببة انهياراً كبيراً في قيمة الأصول المالية ومعرضة العديد من المؤسسات المالية للإفلاس مما استدعى تدخلاً مباشراً من الحكومات التي هرعت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وذلك عن طريق ضخ مليارات الدولارات في السوق المالية وكلنا يعرف كم أثارت هذه الأزمة من أبحاث وتحليلات نظراً لضخامة تداعياتها والتي لا زالت ماثلة في أذهان الجميع”.
أضاف منقارة: “كلنا يعلم بأن لبنان كان من الدول الأقل تأثراً بالأزمة المالية العالمية نتيجة السياسة التي كان يفرضها مصرف لبنان برأي البعض أما البعض الآخر فإنه يرى بأن ذلك يعود إلى أن لبنان لا توجد فيه مؤسسات مالية كبيرة تعمل في قطاع الاستثمار العقاري لكي تصاب بالأزمة بصورة مباشرة بل إن لبنان تأثر بالأزمة بصورة غير مباشرة عبر بعض الأشخاص الذين كانوا يعملون في حقل الاستثمار العقاري. وبموازاة ذلك برزت تحليلات تشير إلى أن المصارف التي تعتمد الشريعة الإسلامية في عملها كانت بمنأى عن الإصابة بالأزمة المالية لأن الأسس التي تقوم عليها والقواعد التي تعتمدها في عملها تشكل لها مناعة أمام هذا النوع من الأزمات. من هنا كان من الطبيعي بأن تخصص جامعة المنار في طرابلس إحدى ندواتها العلمية لموضوع الأزمة المالية من زاوية محددة وهي كيف واجهت المصارف الإسلامية هذه الأزمة، ولذلك كان لا بد لنا من أن نتطرق إلى الموضوع من عنوانه العريض لهذا توجهنا إلى معالي الوزيرة السيدة ريّا الحفار الحسن التي واكبت السياسات المالية التي اعتمدها لبنان منذ العام 1991 في مختلف المواقع التي شغلتها في وزارة المال وفي عدد من المصارف وفي رئاسة الوزارة منذ العام 2003 وكانت بشهادة الجميع مجلية في عملها في كل المواقع التي شغلتها بحيث نرى لمساتها في أهم المشاريع التي أعدها لبنان للحصول على التمويل للمشاريع الإنمائية”.
وتابع منقارة: “لكن للظروف أحكام فتشاء الصدف أن تحصل كارثة الطائرة الأثيوبية مما أدخل تعديلاً على اجتماعات مجلس الوزراء واضطرت معالي الوزيرة للاعتذار وكلفت مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان الدكتور ايلي معلوف تمثيلها في هذه الندوة نظراً لما عرف عنه من خبرة معمقة إذ انه بحكم موقعه متابع للسياسات المالية لمصرف لبنان وهذا ما سيغني الأبحاث معرفةً وعلماً فأهلاً وسهلاً به في رحاب الجامعة. إن أهمية الموضوع جعلتنا نسعى لدعوة من تتوفر لهم المعرفة والخبرة في عمل المصارف الإسلامية وإدارة المخاطر فيها وتمنينا عليهم المشاركة لكي نطلع منهم على حقيقة الأمر فتعم الفائدة الجميع فشكراً أيضاً لهم قبولهم الدعوة وحضورهم إلى جامعة المنار في طرابلس للمشاركة في هذه الندوة فأهلاً وسهلاً بالجميع”.
ثم تحدث ممثل وزيرة المال الدكتور إيلي معلوف الذي نقل اعتذار الوزيرة ريا الحسن عن عدم الحضور شخصياً لانشغالاتها الوزارية، وقال: “أبلغكم تقدير وزيرة المال للدور الذي تؤديه جامعة المنار كونها تفتح لأبناء طرابلس والشمال الطريق الى العلم من غير أن يضطروا أن يسلكوا يومياً طريق العاصمة، أو يسكنوا فيها بعيداً عن بيوتهم وأهلهم ومحيطهم وقد كلفتني تمثيلها وحملتني تحياتها الى جميع القيمين على الجامعة وفي مقدمتهم دولة الرئيس عمر كرامي رئيس مجلس الأمناء”.
أضاف: “إن مؤتمركم اليوم يطرح موضوعاً في قلب الحدث، وعنوانه يواكب النقاش العالمي الذي أثارته الأزمة المالية في شأن الفلسفة المالية والاقتصادية الأنسب، انطلاقاً من تجارب العقود الماضية والدروس التي علمتنا إياها الأزمة لقد أظهرت هذه الأزمة للعالم أن وسائل المصارف الاسلامية نموذج يستحق التوقف عنده، نظراً إلى أن المصارف الاسلامية بقيت في منأى عن الزلزال الذي هز أسواق العالم واقتصاداته. والحصانة التي تمتعت بها المصارف الاسلامية في مواجهة الأزمة تعود لمنهجها الذي يبتعد عن التعامل في بيع الديون، لأن شراء الدين محرم في الشريعة الاسلامية. إن اتساع حضور المصارف الاسلامية في لبنان والعالم وزيادة الاقبال عليها حتى في دول غير اسلامية، اضافة الى ما أظهرته خلال الأزمة المالية من مناعة، هي أسباب كافية عليها أن تدفع الخبراء والاقتصاديين الى درس الحلول التي تقدمها المصارف الاسلامية والسعي الى أخذ العبر منها. لقد أثبت نظام التمويل الاسلامي فعاليته في مواجهة الأزمة العالمية، من هنا، لا شك في أن من يبيع أدوات التمويل الاسلامي ومنتجاته فالمرابحة والايجارة والاستصناع واعتماد الفائدة الصفرية وغيرها، ما يصلح لتطبيقه أو على الأقل للاستحياء منه، على مستوى المؤسسات التمويلية التقليدية”.
وختم: “آمل أن يكون مؤتمركم هذا مساهمة قيمة في آرساء حوار منفتح يقودنا الى أفضل صيغة لنظام مالي واقتصادي آمن وأتمنى التوفيق لهذا الجهد المميز، لأن العالم الغارق اليوم في بحر الأزمات ووسط امواجها العاتية، يحتاج فعلاً إلى… “منار”.
وتستمر الندوة حتى مساء اليوم يتخللها جلستان، الأولى يديرها مساعد الرئيس للشؤون الاكاديمية ومدير كلية ادارة الأعمال في جامعة المنار الدكتور عادل مراد، ويحاضر فيها الدكتور فؤاد مطرجي عن “ماهية المصارف الاسلامية”، والدكتورة رندة شرف الدين عن “المقارنة بين البنوك التجارية والاسلامية”، وتليها مناقشة عامة واستراحة. وفي الجلسة الثانية يحاضر بلال سبيتي عن “ادارة المخاطر في المصارف الاسلامية”، والدكتور سمير الشاعر عن “المصارف الاسلامية والأزمة المالية”، تليها مناقشة عامة. وفي الختام تصدر بعض المقترحات والتوصيات.