بدعوة من “مؤسسة الصفدي ” و “نحو المواطنية”، بالتعاون مع “جمعية المحامين والقضاة الأمركيين، مبادرة سيادة القانون” وفي إطار الشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول الى المعلومات، نظم مؤتمر في “مركز الصفدي الثقافي” في طرابلس، تحت عنوان “تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد: تشريعات حول الحق في الوصول المعلومات وحماية كاشفي الفساد”. وقد حاضر في المؤتمر النائب غسان مخيبر بصفته رئيس جمعية برلمانيون لبنانيون ضد الفساد ومنسق اللجنة القانونية في “الشبكة”، مستشار وزير الاقتصاد والتجارة الأستاذ أنطوان قسطنطين ممثلاً “مؤسسة الصفدي”، المنسق العام لجمعية نحو المواطنية السيد سامر عبد الله، المستشارة الأولى في جمعية المحامين والقضاة الأميركيين الآنسة مايا نجم، أمين عام المنظمة العربية لمكافحة الفساد وعضو اللجنة القانونية في “الشبكة” الدكتور عامر خياط، وعضو اللجنة المحامي عادل يمين. وقد حضر المؤتمر نقيب المحامين في الشمال انطوان عيروت مع حشد من المحامين، المدير العام لمؤسسة الصفدي رياض علم الدين، الرئيس السابق لجمعية منتدى المعاقين الدكتور نواف كبارة وهيئات دبلوماسية ومهتمين.
كلمة “مؤسسة الصفدي”
بعد النشيد الوطني ألقى قسطنطين كلمة باسم “مؤسسة الصفدي” مرحباً بالحضور في هذا المؤتمر “الذي يعقد في صرح كرسه القيمون عليه في سبيل نشر المعرفة والدفاع عن القيم الإنسانية”. وقال: “الحق في الوصول إلى المعلومات هو في صلب الحقوق الوجودية للإنسان؛ فإذا كانت الحرية تميز الكائن البشري، فإن المعرفة هي في أساس الوعي الذي يولد الحرية”. أضاف: “في عالم تزداد تعقيدات الحياة فيه، يحتاج الإنسان إلى مزيد من مصادر المعلومات ليحدد خياراته، ولكن المسألة الأكثر صعوبة هي في القدرة على التحقق من صدقية المعلومات قبل تحديد الخيارات. ينطبق هذا الأمر على مجمل نشاطنا البشري بدءًا بالتربية والتعليم، متسائلاً: أي مدرسة نختار أو أي جامعة؟ ما هو مضمون البرامج وما هو مستوى الجهاز التعليمي”، “ماذانعرف عن المواد التي نشتريها؟ كيف تم تصنيعها؟ كيف يتم حفظها؟ كيف نتأكد من سلامتها وحقيقة أسعارها وكيف نواجه احتمالات تعرضنا للغش؟ أي قانون يحمينا وما هي حقوقنا كمستهلكين؟ وماذا لو اكتشفنا عملية الغش؟ هل يحمي القانون كاشفي الفساد؟ ما هي الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للفساد وما هو تأثيره على الاستثمارات؟ لماذا تسود الشائعات عن فساد علني في الدوائر الحكومية وهل القطاع الخاص بمنأى عن الفساد؟”.
ثم قال: “من باب المعلومات فقط، يكشف البنك الدولي في دراسة له، أنه من أصل 35 ألف مليار دولار، وهو حجم الاقتصاد العالمي، هناك أكثر من ألف مليار تهدر سنويا كرشاوى. وبحسب الدراسة نفسها، فإن الدول التي حاربت الفساد زاد دخلها الوطني أربعة أضعاف. ألا ترون معي مشاهد لبنانية في هذه الدراسة؟”. وختم قسطنطين: “تكثر الأسئلة والهواجس لكن الحق في الوصول إلى المعلومات ومكافحة الفساد مفهومان يستحقان النضال، وما الحملة القائمة لإقرار قانوني حق الوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد إلا الدليل على حيوية المجتمع اللبناني ووجود مقاومين حقيقيين لكل من يريد تحويلنا قطعانا خاضعين، مجهلين وساكتين. ونحن في مؤسسة الصفدي وبتوجيه من عميد المؤسسة، الوزير محمد الصفدي، نعلن دعمنا لهذه الحملة ونؤكد استعدادنا للانضمام إلى الشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول إلى المعلومات، ونشكر جمعية نحو المواطنية وجمعية المحامين والقضاة الأميركيين – مبادرة سيادة القانون، ونتمنى قيام حوار حيوي حول مسألة تعنينا في حياتنا الإنسانية والوطنية”.
كلمة جمعية المحامين والقضاة الامريكيين
مداخلة ثانية كانت للمستشارة الاولى في جمعية المحامين والقضاة الامركيين مايا نجم قالت فيها: “حضوركم بيننا في طرابلس اليوم للتعرف على ما تقوم به الشبكة الوطنيّة من عمل يهدف إلى تسهيل وصول جميع اللبنانيين إلى المعلومات وتأمين الحماية للذين يكشفون الفساد. بحسب تعريف منظّمة الشفافيّة الدوليّة Transparency International، يقصد بالفساد “سوء استغلال السلطة من أجل تحقيق مكاسب شخصية”، وهو يقوض دولة القانون من خلال تقويض الديمقراطية وحقوق الإنسان بالإضافة إلى تعطيل المناخ الاستثماري وفرص النموّ الاقتصادي”. اضافت:” تشكل مكافحة الفساد والنزاهة العامّة واحداً من الميادين السبعة التي تنشط فيها جمعيّة القضاة والمحامين الأمريكيين لتعزيز سيادة القانون في البلدان التي تعمل فيها ويسرّنا أن نضم جهودنا إلى جهود الشبكة لتطوير الإطار القانوني والإمكانات المتّصلة بالحقّ في الوصول إلى المعلومات، والوقاية من الفساد ومعاقبة الفاسدين، وتشجيع النزاهة المساءلة والشفافيّة، وإشراك المجتمع المدني في هذه القضايا”. وتابعت:” إن معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرها لبنان في تشرين الأوّل 2008 تلزم الدول باعتماد قانون حول الحق في الوصول إلى المعلومات وتوصي باعتماد تشريع حول حماية كاشفي الفساد وهذا ما عملت الشبكة الوطنيّة عليه عن كثب خلال العام الماضي. لا شك في أنّ اعتماد قوانين شاملة تأخذ في الاعتبار أفضل ممارسات الدول الأخرى والدروس المستخلصة من تجاربها، مع مراعاة خصوصيّات كل دولة، أمر ضروري، ولكنّه غير كافٍ. الواقع أنّ الكثير من هذه القوانين، حتّى ولو كانت صياغتها جيّدة، تظلّ غير نافذة لأنّ الإلتزام بتطبيقها يبقى ناقصاً من جانب المعنيّين”. وقالت:” الحرب على الفساد والسعي وراء الشفافيّة يتطلّبان التزاما حقيقيّا وطويل الأمد على مختلف الأصعدة. لذلك، فالتطبيق الكلّي يستلزم الآتي: أوّلاً وجود الإرادة السياسيّة تترجمها الحكومة والإدارات العامّة بخطّة عمل توظّف لأجلها الموارد اللازمة على أن تتضمّن: سلطات إشراف وتنفيذ قويّة عبر إنشاء هيئة وطنيّة لمكافحة الفساد، وضع آليّات واضحة وقابلة للتطبيق لضمان حقّ الناس في الوصول إلى المعلومات داخل الإدارات اللبنانيّة، التدريب على مبادىء وإجراءات الحق في الوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد. ثانياً إلتزام المجتمع المدني فالقيام بنشاطات كهذا المؤتمر مسألة ضروريّة ويقع على عاتق المنظّمات غير الحكوميّة رفع مستوى التوعية حول هذين الحقّين في صفوف المعنيّين ومراقبة مدى تنفيذ الحكومة لهذه القوانين بعد إقرارها. ثالثاً دور القطاع الخاص في الترويج لتحقيق الوصول إلى المعلومات بشكل كافٍ من أجل المزيد من الشفافيّة والمنافسة السليمة في السوق، بالإضافة إلى اعتماد آليّات لحماية كاشفي الفساد ضمن مؤسّساته”. وختمت: “يشرّف جمعيّة المحامين والقضاة الأمريكيين أن تكون قد تعاونت مع الشبكة الوطنيّة وكافة الأفراد الذين كرّسوا الكثير من الوقت والجهود في نشاطاتها على مختلف هذه الأصعدة حتى اليوم. لقد استطعنا أن نوفر المساعدة التقنية والمالية للشبكة من خلال منحة قدمها مشكوراً “مكتب الدمقراطية وحقوق الإنسان والعمل” التابع لوزارة الخارجيّة الأميركية”.
كلمة جمعية نحو المواطنية
المنسق العام لجمعية نحو المواطنية سامر عبد الله قدم مداخلة قال فيها: “كانت مشاركة جمعية نحو المواطنية، التي سأحدثكم عنها باختصار بعد قليل، كانت مشاركتها في الشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول الى المعلومات، تجربة غنية، على أكثر من مستوى. فقد ساهمت هذه التجربة بالدرجة الأولى بتعزيز ثقتنا بالعمل الجماعي المنسق والمنظم، حيث أن التحالف غير المسبوق، الذي نشأ بين جمعيات ومؤسسات إعلامية ووزارات ونواباً، عملوا سوياً، للإضاءة على أهمية هذا الحق، وللضغط من أجل تمرير القانون المتعلق به، كان إنجازا فريدا، سنستوحي منه بكل تأكيد في نشاطنا المستقبلي. كما ساهمت هذه التجربة في تثبيت التزامنا بالعمل المدني وقناعتنا بقدرته على تحقيق التغيير، أو البناء في اتجاه تحقيقه ، من خلال الأطر الديمقراطية التي يكفلها الدستور. عزز هذا الإلتزام، التجاوب الذي لمسناه لدى أعضاء الندوة البرلمانية، الذين استهدفهم نشاطنا، والذين كانوا، على اختلاف مواقفهم من القانون، مجمعين على أهمية دور المجتمع المدني في دعم مسيرة النهوض بفكر المؤسسات في لبنان”. اضاف:” لقد اخترنا، في جمعية نحو المواطنية، الإنضمام للشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول الى المعلومات، تماشيا مع قناعتنا، أولا بأن هذا الحق هو ركن أساسي من أركان المعرفة التي يبنى عليها أي تحرك من أجل تحصين و تعزيز الحكم الصالح، و ثم لأن تبني هذا المبدأ سيؤدي، من دون شك، الى الإرتقاء بمستوى اداء الإدارة من جهة، و الى النهوض بمستوى مشاركة المواطن في قضايا الشأن العام، من جهة أخرى، انطلاقا من أن شفافية الإدارة، التي يعززها تطبيق القانون، موضوع هذا اللقاء، ستجعل المواطن حكما، حكما، بموجب قدرته المستجدة على الإطلاع و المعرفة بكيفية إدارة الدولة لشؤونه”.
كلمة النائب غسان مخيبر
ثم تحدث النائب غسان مخيبر فقال: “يسرني أن اكون في مركز جديد، عريق وطموح يعمل على نقل الثقافة إلى كافة فئات المجتمع. ومن طرابلس بالذات، التي عانت من التهميش، ومن قلب عاصمة الشمال، آمل أن تنطلق باكورة لامركزية إدارية موسعة لتشمل كل لبنان”. ثم قدم شرحاً مفصلاً عن ماهية الشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول إلى المعلومات وأهدافها، معتبراً أنها “فريدة من نوعها إذ أنها تضم برلمانيين وأفراد ووزارات (المالية، الداخلية، العدل،الاقتصاد والتجارة، الدولة لشؤون التنمية الإدارية)، النقابات المعنية بمكافحة الفساد (المحامين-بيروت، الصحافة، المحررين، المجلس الوطني للإعلام، وجمعيات…)”. وقال: “سمة المشروع الأساسية هي التعاون، وهو ما نفتقده بين اللبنانيين حالياً، ولكنه ضروري في الإدارات العامة ومؤسسات القطاع الخاص، وتديره في القطاعين مجموعة من ممثلين لمختلف الكتل النيابية، المتفقة والمختلفة سياسياً”. واعتبر النائب مخيبر أن “عملية مكافحة الفساد تتسم بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، ومختلف الإدارات والأفراد، فالفساد متجذر في السياسة والبنية السياسية والإدارية للدولة. من هنا فالشجاعة مطلوبة والإرادة أساسية”. ورأى أن “السياسة أخطر من أن تترك للسياسيين وحدهم”. ولفت النائب مخيبر إلى أهمية “البدء بالعمل في الحق في الوصول إلى المعلومات والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إذ بات ليس بالإمكان التفلت من هذا المرض، خاصة بعد أن تم في المجلس النيابي إقرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهي خارطة الطريق لهذه الهيئة، التي نشأت بهدف إشراك المواطن في عملية مكافحة الفساد وهو أمر مبني بالدرجة الأولى على السرية”؛ خاصة بعد أن وُجد أن “مكافحة الفساد تبدأ بتعزيز الشفافية في كل المؤسسات والقضاء والمجتمع المدني، فالعراقيل يجب أن تُزال من خلال هذه الهيئة الوطنية التي تساعد المواطن على كشف الفساد وليس بالضرورة عبر وسائل الإعلام، لما لهذا الأمر من محاذير، بمعنى آخر يجب النظر إلى قانون للحق في الوصول إلى المعلومات، وقانون لحماية كاشفي الفساد لتشجيع الموظف على الإدلاء بمعلوماته تحت القانون. إنه عمل مشترك بين المجتمع المدني والمؤسسات يحرص على حماية المواطن في شخصه وكيانه ومعلوماته”. واعتبر النائب مخيبر “أن النصوص الثلاثة التي طورناها، نعمل على طرحها في مجلس النواب في أسرع وقت ممكن وهناك نصوص أخرى (تعديل قانون الإثراء غير المشروع الذي بات لا يتفق مع شرعة الأمم المتحدة ومستويات الفعالية المطلوبة وكأنه كُتب كي لا يُنفذ)، إضافة إلى نصوص حول التمانع الوظيفي وتعارض المصالح”. واعتبر مخيبر أنها جميعاً نصوص ضرورية لتطوير مؤسسات الدولة بدءاً من صياغة النصوص وصولاً إلى إقرارها، بهدف المباشرة بما هو أبعد، عنيت زيادة مستوى شفافية العمل العام. في خلاصة: إن التصميم موجود للوصول إلى الدولة الفاعلة والديمقراطية”. وقبل الولوج في القسم الثاني من المؤتمر، شرح النائب غسان مخيبر المبادئ العامة للحق في الوصول إلى المعلومات ونبذة عن اقتراح القانون، الذي يشمل تحديداً واسعاً للإدارة ويتضمن إلزامها توفير المعلومات عند الطلب ونشر الميتندات حكماً وتعديل القرارات الإدارية.
كلمة المنظمة العربية لمكافحة الفساد
موضوع “حماية كاشفي الفساد كوسيلة لمحاربة الفساد، تناوله بدايةً امين عام المنظمة العربية لمكافحة الفساد الدكتور عامر خياط وقال :” تشكل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 58/4 تاريخ 31 تشرين الأول / أكتوبر2003. وأهمية هذه الإتفاقية تكمن في إنها تطلب من الدول المصادقة عليها التزامات قانونية تصب في خانة مكافحة ممارسات الفساد، كما تحدد التدابير الوقائية التي يجب على الدول الأطراف اتخاذها لمنع وقوع الفساد في القطاعين العام والخاص بالإضافة إلى إيجاد وتطوير مؤسسات وطنية تناهض الفساد وتلاحق مرتكبيه. وضمن إطار تعزيز التعاون الدولي لمناهضة ومحاربة الفساد سعت المنظمة العربية لمكافحة الفساد مع الإطراف المشاركة الأخرى، إلى حث ودعوة كافة الأقطار العربية للتوقيع والمصادقة عليها من قبل برلماناتها، واليوم باتت لهذه الإتفاقية أهمية كبيرة في المنطقة العربية خصوصاً وإن 15 بلداً عربياً أصبحت أطرافاً في الإتفاقية”. وتابع: “يقع على البرلمانيين مسؤولية مهمة في تشجيع دولهم للالتزام بنصوص الاتفاقية الدولية باعتبارها أصبحت جزءاَ من التشريع الداخلي للدولة بعد المصادقة عليها. وختم:” يبقى أن نقول إن مكافحة الفساد هو نشاط دائم وعمل دؤوب يسعى إلى إيجاد وتعزيز مؤسسات وآليات المساءلة والمحاسبة الفاعلة في الحقل العام ، وعبر بناء نظام من الشفافية والنزاهة ضمن إطار العمل المؤسسي ما يمكن من قيام حكم صالح ورشيد”، مفنداً مضامين وفصول مسودة قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي اعتمد كأساس مشروع القانون المقترح والمقدم من قبل النائب روبير غانم إلى المجلس النيابي، واقترح عليه نصوصاً معدلة. وذكر خياط أن “من مهام الهيئة التأسيسية العمل على مكافحة الفساد والوقاية منه وكشفه في القطاعين العام والخاص، وهي تتمتع بسلطة استقصائية تمكنها من المباشرة بالتحقيق في الحالات التي يشتبه فيها بعمل فساد”.
عضو اللجنة القانونية في الشبكة المحامي عادل يمين
المداخلة الثانية كانت لعضو اللجنة القانونية في الشبكة المحامي عادل يمين قال فيها:” لا يختلف اثنان على أنّ مضار الفساد تكاد لا تحصى، ولعل أبرزها هدر واختلاس المال العام والخاص والإثراء غير المشروع وعرقلة مصالح الشركات والمؤسسات والأفراد والانتقاص من موجبات المساواة بين المواطنين واهتزاز ميزان العدالة وتنفير الاستثمارات الوطنية والأجنبية وإعاقة نمو الاقتصاد الوطني ، فضلاً عن ضرب سلّم القيم الوطنية والاجتماعية والمفاهيم الأخلاقية العامة. ولئن كانت المحاولات الإصلاحية المنصرمة على مدى عقود باءت كلّها بالإخفاق ليبقى الفساد سائداً وسيداً، فإن قناعة باتت غالبة عند الباحثين والإصلاحيين بأن حل معضلة الفساد لا يمكن أن يتحقق بموجب قرار أو مرسوم أو قانون أيا تكن نوعيته وأهميته ولا كذلك عن طريق قدرة مسؤول استثنائي أو آخر …، بل لا مناص من خوض مسيرة طويلة وشاقة في هذه الحرب الضرورية والإلزامية تتراكم فيها الإجراءات والخبرات والتدابير حتى تتوسع رويداً رويداً مساحة الصلاح والقانون وتتضاءل إلى أقصى الممكن مساحة الفساد واللاقانون…، من غير أن نغفل أنّ الإصلاح السياسي يظلّ في مطلق الأحوال شرطاً لازماً لبلوغ الغاية المنشودة”. وتابع: “من هنا، يأتي وضع مسودّات اقتراحات قوانين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحق الوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد تمهيداً لإقرارها في مجلس النواب في سياق العمل على قيام نظام قانوني بديل قادرعلى مواجهة الفساد. ولكن، قد يجد المواطن أمام اتخاذه المسالك المتقدّمة محاذير في بعض الأحيان تثنيه عن كشف معلوماته عن الفساد أو عن التصدّي لجرائم فساد…و لعلَّ أبرزها: -إذا لجأ إلى وسائل الإعلام للإفصاح عن معلوماته عن جرم فساد فقد يتعرّض للملاحقة من الأشخاص الذين نسب إليهم أعمال فساد بجرائم القدح والذم والتشهير وللمطالبة بتعويضات مالية عالية، كما أنّه قد تطاله أو تطال أفراد عائلته تهديدات أو أعمال ثأرية تُلحق بهم أضراراً جسدية أو مهنية أو مالية. وفوق ذلك، قد تبقى المعلومات المُفصَح عنها بواسطة وسائل المعلومات من دون أيّ اهتمام أو متابعة من النيابة العامة كما يحصل في الكثير من الحالات لأسباب مختلفة.-إذا تقدّم صاحب المعلومات بإخبار لدى النيابة العامة فقد يرتدّ الشخص المخبر ضده عليه بشكوى الافتراء، الأمر الذي قد يعرضه للإدانة ولإلزامات مالية، فضلاً عن احتمال تعرضه للتهديد والانتقام…….وختم مفنداً مضامين وفصول اقتراح قانون حماية كاشفي الفساد الثمانية.
وتخلل المؤتمر مناقشات وأسئلة واستفسارات من الحضور حول اقتراحات القوانين الثلاثة، تولى الإجابة عنها النائب مخيبر الذي تمنى على الجميع تسجيل الاقتراحات والملاحظات وإرسالها إلى المجلس النيابي للنظر فيها، كما ساهمت المستشارة القانونية وعضو اللجنة القانونية للشبكة ومسؤولة صياغة مسودة اقتراح قانون حماية كاشفي الفساد الدكتورة ماري غنطوس الإجابة على جزء كبير من أسئلة المشاركين والتي أكدت حرص الهيئة على إيلاء الحماية الشخصية والوظيفية لكاشفي الفساد، مجددة التأكيد على أهمية سرية المعلومات التي تحصل عليها هذه الهيئة.