انطلقت في “مركز الصفدي الثقافي” أولى ندوات الفعالية الفكرية لـ”مؤسسة الصفدي”: جامعيو طرابلس: يقرأون، يبحثون ويكتبون”، والتي تقام بالتعاون مع وزارة الثقافة وفي إطار بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009. وقد تناولت هذه الندوة “الترجمة”، في أعمال كل من الكاتبين الدكتورين مصباح الصمد وبسام بركة، بمشاركةٍ من ثلاث جامعيات في الدراسات العليا في مجال الترجمة (فرح عيسى، جيهان فيعاني وزينة شمعون)، عكفن منذ أكثر من شهرين على دراسة نماذج من ترجمات هذين الكاتبين اللذين أجادا الحدّين اللغويين للترجمة: لغة الارسال ولغة الاستقبال، فكتبا بلسان عربي مبين وعلى تعمق بالفرنسية، وهما يسدان فراغاً لا بأس به في مجال الترجمة. الندوة التي قدم لها وأدارها مدير المشروع الدكتور مصطفى الحلوة، وحضرها عدد من ممثلي الفاعليات الثقافية وأستاذة وطلاب جامعيون ومهتمون، تميزت بالغنى الثقافي والفكري، وبأسلوبها الممتع الذي شدّ الحاضرين.
استهل الدكتور مصطفى الحلوة الندوة مرحباً بالحضور، ثم قدم شرحاً عن المشروع وأهدافه فقال: “في إطار احتفالية “بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009″، كان لـ “مؤسسة الصفدي” أن تجسد الاستهدافات الأساسية التي يطرحها علينا الكتاب مطلقاً، وهي: المطالعة، البحث والنشر، فعمدت الى التقدم من وزارة الثقافة بهذا المشروع الذي حاز موافقتها، كونه يجسد حراكاً فكرياً نوعياً، من حيث مضامينه ومن حيث آليات العمل التي يتوسلها”. أضاف: “المشروع يتضمن الانكباب من قبل فرق بحثية جامعية على نتاج ثلاثة وعشرين مبدعاً طرابلسياً و شمالياً إندرجوا تحت ثماني مجموعات تغطي ثمانية حقول معرفية، وهي: الترجمة، الرواية، السينما والمسرح، الخط العربي، النقد الأدبي، الكتابة الأدبية الإبداعية، الشعر بالفرنسية والشعر بالعربية”. ولفت: “وبعد أن تفرغ الفرق البحثية من عملها، فإنه يتم إستعراض ما أنجزته في ندوات متلاحقة، حددت تواريخها بين 12 كانون الثاني الجاري و 10 شباط 2010. ولدى الانتهاء من إقامة الندوات، سيتم جمع الأبحاث التي ألقيت فيها، مع التعقيبات والمداخلات، بين دفتي كتاب يحمل إسم الفعالية نفسها. وعلى أن يطبع من هذا الكتاب ألف نسخة، تكون حصة وزارة الثقافة منها مئة، وتوزع النسخ الباقية من قبل “مؤسسة الصفدي” مجاناً على الجامعات العاملة في لبنان وعلى المكتبات العامة ومراكز الأبحاث والمنتديات الفكرية إضافةً الى العديد من الجامعات ومراكز الفكر خارج لبنان. وفي برنامجنا احتفال ختامي في “مركز الصفدي الثقافي”، يرعاه وزير الثقافة لتكريم الفرق البحثية والمبدعين”. واعتبر د. حلوة: “إن “مؤسسة الصفدي” أرادت أن تبعث برسالةٍ مؤدّاها أن مبدعينا، على اختلاف درجاتهم ومواقعهم وعطاءاتهم، هم أيقوناتنا الثقافية التي نتطلع إليها بعين الإجلال ورهبة القداسة!”.
مداخلات الجامعيات
في القسم الثاني من الندوة، قدمت كل من الجامعيات الثلاث مداخلتها حول بعض من ترجمات الكاتبين الصمد وبركة، فقدمت الطالبة فرح عيسى دراسة بعنوان “علاقة المترجم بالكاتب”، بلغة شاعرية معتبرة أن المترجم يبحر في بحور الكاتب، والترجمة هوية بمساحة إنسان. ثم تلتها الجامعية جيهان فيعاني بمداخلةٍ حول “الترجمة بين الحَرفيّةِ والحرية”، فتناولت كتاب (اميركا والعالم: إغراء القوة ومداها للدكتور غسان سلامة) الذي قام بترجمته الدكتور مصباح الصمد، وكتاب “الأسلوبية” الذي قام بترجمته الدكتور بسام بركة من الفرنسية إلى العربية، وهو للكاتب جورج مولينييه. ثم اجرت مقارنة بين الترجمتين خلصت في نهايتها إلى أن الأول استخدم الترجمة الحرة بتصرف، اما الثاني فقد تعامل مع النص الأصلي بتعادل فكان أقرب إلى المصدر. ثم اختتمت الجامعية زينة شمعون القسم الثاني بمداخلة تناولت دراسة تطبيقية حول “ترجمة المعاجم” لكلا الكاتبين، متوقفةً عند “معجم آداب العربية والأدب الفرنكوفوني المغاربي” و”معجم الإثنولوجيا والأنتروبولجيا” للدكتور الصمد، وقاموس لاروس المحيط للدكتور بركة.
مداخلات الكاتبين
اما القسم الثالث والأخير، فقد استهله الدكتور بسام بركة متناولاً الترجمة بين القديم والحديث، عصر العولمة والترجمة (العولمة ادت إلى تشجيع حركة الترجمة)، مرحلة من المؤلف إلى المتلقي، إلى مراحل صناعة الكتاب المترجم، ومستويات الحياة الفكرية والتواصلية، وصولاً إلى إسهام الترجمة في تعزيز المعرفة.
اما الدكتور مصباح الصمد، فقد غلبت على مداخلته الصبغة الشعرية، فقدم نصاً تحت عنوان “الترجمة وعشق اللغة”، معتبراً انه يجب أن نفهم أولاً حقيقة ما امامنا وأبعاد قدراتنا وأبعاد وخلفيات ما تقوله اللغة الأخرى، ثم نكون آباء حقيقيين للقول وأبناء فعليين للكلمة.
وقد تخلل الندوة تحية شعرية وجهتها الجامعية رنا خضر إلى أستاذيها الدكتور مصباح الصمد وبسام بركة، وعرض مصور لأبرز نِتاج الكاتبين.