برعاية مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية الفرع الثالث الدكتور جورج شدراوي واتحاد مجلس طلبة الكلية، أقيم حفل مشترك تم خلاله توقيع كتابين لكل من الدكتور سمير دنون صحاب كتاب “الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي “والدكتور الامير وليد الأيوبي صاحب كتاب” العولمة والعرب وبداية التاريخ رؤية سياسية لتنمية قومية استراتيجية ” وذلك في كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية بحضور حشد من اساتذة الكلية وطلاب الحقوق ومن خريجي الجامعة ومحامين.
وقد حضر الحفل مقبل ملك ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي ، الى ممثل عن اللواء أشرف ريفي ،و ممثل عن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ،وممثل عن تيار المستقبل وممثل عن النائب مصباح الاحدب وغيرهم.
بداية النشيد الوطني اللبناني فكلمة لمعرف الاحتفال الطالب محمود الماروق الذي تحدث عن دور الكتاب وأهميته في التربية والحضارة وتطور مجتمعنا وتأثيره على إغناء حياتنا الثقافية.
ثم كانت كلمة للدكتور سمير دنون وجه خلالها تحية الى الجيش اللبناني وأرواح الشهداء والى الحضور من أساتذة وطلاب وممثلين ومحامين . تطرق الدكتور دنون في كلمته الى مفهوم الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي والعمل الاداري ونظرية الخطأ المرفقي وقال: ان نظرية الخطأ المرفقي كنظرية قضائية استقر لها من الاحكام ما يثبت وجودها ، وقد أظهرت من المطواعية والمرونة ما يحقق تعويض المتضرر وحماية الموظف. ان تحديد طبيعة المسؤولية الادارية والقول بأنها مباشرة او غير مباشرة يرتب آثارا هامة من حيث الاساس الذي تقود عليه والمراد منها الرجوع على الموظف المخطئ .
وتابع دنون: لا شك ان المرافق الادارية هي في حقيقتها واجهة النظام السياسي تجاه المواطنين ومرآة عاكسة يرى فيها الجمهور طبيعة الحكومة ونظام الحكم وضرورة الزام الادارة باحترام القانون.
حقيقة لقد سبقنا بالكتابة في موضوع الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي والمنازعات الادارية بعض الفقه في لبنان، الا ان تلك المواضيع لا تزال ضئيلة ولم تنل حظها الكافي من العمق والشمول فضلا عن ان ما كتب فيها من مؤلفات جاء بعضه مقتضبا كل الاقتضاب أو يكتنفها بعض الغموض ، او جاء بعضها قاصرا غير شامل سواء بالنسبة للتعديلات التشريعية المتلاحقة وسواء بالنسبة للاحكام القضائية الحديثة لمجلس شورى الدولة، آملا ان يؤدي “اسهامنا في الكتابة بهذه المواضيع الى سد تلك الثغرات”.
وأشار دنون الى ان هذه الدراسة تأتي في وقت أحوج من أن نكون فيه الى التمييز بين مسؤولية الوزراء الادارية ومسؤولياتهم السياسية زكذلك الى تطبيق مضامين الوظيفية العامة وبحجم التجاوزات الادارية.
وختم دنون كلمته بتوجيه شكر للجامعة اللبنانية واتحاد مجلس الطلبة الذي بادر بهذا العمل والحضور.
بدوره تحدث الدكتور الامير وليد الأيوبي صاحب كتاب “العولمة والعرب وبداية التاريخ رؤية سياسية لتنمية قومية استراتيجية” فقال: أردت من هذا المؤلف “العولمة والعرب وبداية التاريخ رؤية سياسية لتنمية قومية استراتيجية” سبر أغوار الاسباب التي تبرز حالة التخلف التي تعاني منها الأمة العربية اليوم. وتطرق الأيوبي الى اسباب حالات الانحطاط لدى دول أسيا ودول العالم الثالث بشكل عام ومنها فيما يتعلق بالسيادة، فالسيادة ليست ملكية لفرد أو لمجموعة أو لطائفة بل هي للشعب الذي هو مصدر السلطات والحاكم يحكم باسم الشعب وهو يكون تحت سقف القانون، وبخلاف ذلك سوف يستمر التخلف وستستمر المعاناة .
وأشار الى ان هناك الكثير من المؤشرات الموضوعية التي تبين لنا لماذا نحن منكشفون ومتخلفون اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا وعلى كافة المستويات ، “هناك سببا عضويا يكمن في النظام البنيوي الفوقي السائدة في دول العلم الثالث بالاضافة الى سبب خارجي يتنمثل بما يسمى العولمة وبما كان يسمى عبر قرنين من الزمن بـ”الامبريالية” وهي المستوى الأرقى من الرأسمالية.
وتحدث الأيوبي عن الدول الصناعية المتطورة التي عرفت وتحكمت بمعصم قراراتها الدولية الاستراتيجية بفعل فائض القيمة التاريخي ، فاعتبر أن الاحكام والامساك بمعصم القرارات الاستراتيجية أتاح الفرصة لتلك الدول بان تحدد مسارات السياسات الدولية والاولويات السياسية على الساحة الدولية وجعلت العالم يتخذ الشكل التالي الذي يتمحور حول فكرة المركز والاطراف .
وقال الأيوبي: نحن منكشفون أيضا لأننا لم نستطع ان نبني اقتصادا “ليس فقط يكون قادر على المنافسة ولكن اقتصادا اتكاليا، مشيرا الى ان هذا “الاقتصاد الاتكالي الذي هو ركيزة لثقافة اتكالية وعقلية اتكالية جعلت من دول العالم الثالث في موقع المتلقي وليس في موقع المنتج بل وجعلته في موقع المفعول به ليس في موقع الفاعل”.
ولفت الى عمق الازمة التي تعيشها اليوم في هذه الدول، مشيرا الى ان البعض استطاع أن يضع بعض الاصلاحات لهذه الأزمة تتمثل بما يسمى بـ الخصخصة ،” معتبرا ان الخصخصة مرتبطة بـ المنظومة الرأسمالية وقال: العالم الصناعي الذي استطاع ان يبني منظومة رأسمالية كان بحاجة الى تحريك الأسواق وتحريك الاسواق يتم عبر الخصخصة لان نقيض الخصخصة ان تكون الدولة هي التي تمتلك وسائل الانتاج ، بينما عندما نحرر الاقتصاد تتحرر الاسواق ويتحول المنتج الى مستهلك وهذه المعادلة قائمة ويريدها البعض ان تبقى قائمة. وقال: المشكلة مع المنظومة الرأسمالية أنها راكمت تلك الثروة بمعزل عن أي قواعد اخلاقية، فأصبح الاقتصاد من دون اخلاقيات وأصبحت التجارة من دون قواعد وساد التعسف وسادت السياسات غير العادلة، كل ذلك أدى ويؤدي اليوم الى هذا الانهيار الكبير الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي اذ أصبحنا اليوم في مركب واحد يواجه مصيرا واحدا، وهذه المواجهة تتطلب سياسات واحدة موحدة وان لم يحصل ذلك فقد نغرق كلنا.
وقال: كثر الكلام وكثر التنظير عن صراع حضارات، “وصراع الحضارات لا أراها الا سيمة للتعمية والتورية ولتهجير التفكير في القضايا الاساسية التي تعاني منها البشرية جمعاء، والتجارب أكدت منذ قرنين من الزمن أنه لم يكن في مرة من المرات البعد الديني او التقاتل دافعا للقيام بتوسع أو هيمنة او سيطرة ، فالدوافع المركزية للسياسات الدولية هي دوافع اقتصادية صرفة ، وهذا الشرق وهذا المتوسط الذي شهد الكثير من التفاعلات الحضارية لم يشهد الا نادرا صراع حضارات.
يجب ان نفهم تماما بان تفعيل وتظهير هذا العامل الذي من شأنه التعتيم على حقيقة التحديات التي نواجهها جميعا لأن الفوضى عندنا لا بد وان تنتج عند من يريدها لنا نظاما عنده ، والفوضى نقيضها النظام والعدل نقيضه عدم الانصاف، يجب أن نكون ممانعين وكادحين وفاعلين لمفاعيل الحضارة.
وتوقف الأيوبي في كلمته عند الحالة اللبنانية ودراسة موقعه في الاقتصاد العالمي ووضع بعض الأسباب التي تعاني منها تلك الأزمة وطرح الحلول، مشيرا الى ان هناك مستجد يجب التعاطي معه والذي يتمثل في الوظيفة المالية للدولة اللبنانية، لافتا الى ان هناك محاولة لاقناع الرأي العام بان نهر الليطاني ترتبط جوفيا بمياه نبع بإسرائيلي وتغذيه” مما يعني بحسب المسؤولين في اسرائيل وبعض المسؤولين الأميركيين بان هناك نوعا من “البروباغاندا” القائمة على نظرية علمية تريد ان تثبت هذا االربط بين المياه الاسرائلية واللبنانية لكي يبرر فيما بعد وضع اليد على تلك المياه، وموضوع المياه هو موضوع استراتيجي خصوصا وان الدول العربية تعاني من تبعية مائية إذ ان منابع المياه تنبع من خارج الارض العربية وبالتالي ليس لنا من سيادة على منابع تلك المياه.
من هنا يجب التفكير جديا ليس فقط بالتنمية بل ب نظرة معمقة الى كيفية السبل الايلة الى حماية التنمية لأن التنمية ليست حرية فقط وإنما قوة.
وتحدث الأيوبي عن الاصلاح الداخلي في الدول العربية فقال: الاصلاح في الدول العربية وفي لبنان بصورة خاصة فإن الامر يتطلب على الاقل الاقرار بالمبدأ التالي:
1 – يجب ان تتمتع السلطات التنفيذية والقضائية والتشرعية بسيادة تامة على قاعدة التعاون والتكامل
2 – يجب العمل بمبدأ فصل العمل الاداري عن السياسي اذ يجب ان تتمتع الادارة بالاستقلالية الذاتية وبالححيادية والموضوعية بعيدا عن الطائفية والحزبية .
3- علينا الفصل بين الاقتصادي والسياسي لانه بغياب هذا الامر لا يمكن ان نبني اقتصادا سليما.
4 – الفصل بين السياسي والفئوي اذ لا يمكن ان تتداخل في ظل نظام ديمقراطي العائلية السياسية والعشائرية السيساية والفئوية السياسية .
ولا حلا ممكنا ان يكون ناجعا في ظل استمرار النظام الطائفي القائم ولا يمكن ان يتحرر النظام السياسي الا من خلال التحرر من القيد الخارجي الذي يؤبد الوهم ويؤبد التخلف ويؤبد التطرف ويؤبد التهدئة.
بعد ذلك تم توقيع الكتابين من كل من الدكتور سمير دنون والدكتور الامير وليد الأيوبي.
وختاما حفل كوكتيل شارك فيه الحضور وصور تذكارية بين الاساتذة والطلاب والحضور.