حاضر مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار، ورئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، بدعوة من رعية مار مارون في طرابلس، حول موضوع، “اكرام مريم في المسيحية والاسلام”، وذلك ضمن سلسلة نشاطات تقوم بها الرعية لمناسبة الشهر المريمي في قاعة كنيسة مار مارون في طرابلس. حضر الندوة حشد من العلماء والمشايخ والكهنة والرهبان والراهبات ورجال دين وعلمانيين ومثقفين وجمع من ابناء الرعية.
في البداية تحدث خادم رعية مار مارون المونسنيور موسى يوسف مقدما المفتي الشعار، ثم تحدث الشيخ الشعار، معربا عن شكره لاصحاب الدعوة وقال:”انا سعيد ان نكمل ما بدأناه مع المطران الراحل يوحنا فؤاد الحاج من مسيرة خير عندما تلاقينا، وسعيد لاستكمال مسيرة الحوار مع المطران جورج بو جوده لنتوصل الى الاخوة والحياة المشتركة والغاية والهدف للوطن لندرك بحق ويقين ولنقول امام الملأ والعالم بأن الدين من عند الله وبأن الله هو الذي ارسل جميع رسله وانبيائه وان القيم الدينية مشتركة في مضمونها واهدافها ونبلها وسمو مسيرتها”.
اضاف:”نجتمع اليوم حول قضية لا يختلف عليها اثنان ممن عرف حقيقة الاديان واكتمل عنده مفهوم الايمان”. وتابع:”لا يسعني على الاطلاق الا ان الفت النظر بان العيش المشترك لا يكتمل الا اذا تلاقت الافكار وتوحدت المفاهيم والتقينا على كلمة سواء وحملنا راية واحدة هي راية الايمان وراية القيم والاخلاق وراية محبة الوطن ولبنان، العيش المشترك قضية كبرى فيها من علو المكانة ما يجعل ابناء بلد واحد يعيشون كاسرة واحدة، وكعائلة واحدة، اذا كان اصل الدين واحدا وكانت قيمنا مشتركة، فأن الاديان بمضمونها هي رسالات الانفتاح والاستيعاب لابناء المجتمعات جميعا بل وللعالم كله لان الذي لا يحب الخير لأخيه ضاع عنده مفهوم الايمان وتراجع عن قيم الايمان واهدافه”.
المطران بوجودة
ثم تحدث مساعد خادم رعية مار مارون الخوري جوزيف فرح مقدما المطران بو جوده، ثم تحدث المطران بو جوده فقال:”الفكرة الأولى التي أود التوقف عندها هي أن العذراء، مع كونها أُما لله، يسوع المسيح الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، ليست إلها، بل هي إنسان مخلص بإستحقاقات إبنها يسوع المسيح، أما الألقاب والصفات الإنسانية والروحية التي تطلق على العذراء مريم والتي يكرمها بها المؤمنون، فهي متعددة ومتنوعة وهي مستوحاة من الحياة اليومية للمؤمنين، أو من الأماكن التي يوجد فيها كنائس ومزارات تحمل إسم العذراء مريم، إنها مثلا سيدة لورد أو سيدة فاطمة، أو سيدة لبنان، وسيدة حريصا وسيدة زغرتا وسيدة بشوات، وسيدة المنطرة في مغدوشة.وغيرها، وهي سيدة المعونات وسيدة النجاة وسيدة الخلاص، كما سيدة الزروع وسيدة الحصاد إلى ما هنالك من أسماء وألقاب لا تعد ولا تحصى”.
أضاف:”وبما أن العذراء مريم هي أم، فإنها تتحلى بكل صفات الأمومة وإليها يلجأ المؤمنون طالبين شفاعتها في المصاعب والملمات. ومن أهم صفات الأمومة الحضور الدائم والمحبة والتضحية والتفاني والخدمة دون حساب”.
وتابع:”العذراء هي الحاضرة الدائمة في حياة إبنها عندما كان على الأرض، ولو كنا لم نرها إلا مرتين أو ثلاثة. وهي الحاضرة مع الكنيسة بعد صعود يسوع إلى السماء، تجتمع مع الرسل والتلاميذ للصلاة، على ما يقول كتاب أعمال الرسل إذ إنهم كانوا يواظبون جميعا على الصلاة بقلب واحد، مع بعض النسوة ومريم أُم يسوع. ذلك أنها، بكونها أُماً ليسوع بالجسد، فهي في الوقت عينه أُم لجسده السري، الكنيسة، ترافقها في خطواتها الأولى كما رافقته، وتهتم بها كما تهتم به. ولكنّ التكريم الذي تقيمه الكنيسة للعذراء مريم لا يقتصر على الناحية العاطفية كما يحلو للبعض أن يعتقدوا، إنه من صلب الإيمان المسيحي ومن ضمن التعاليم الرسمية للكنيسة لأن له بعدا لاهوتيا عميقا يمتد إلى كل التدبير الخلاصي، ويأخذ أبعاده الحقيقية من الكتب المقدسة في عهديها القديم والجديد، وينطلق بصورة خاصة من سفر التكوين”.