افتتح “مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية” اليوم الأول من مؤتمره “المخيمات الفلسطينية في لبنان: واقع بائس يحتاج إلى حلول” في فندق الحبتور في سن الفيل، في حضور وزير الدولة الدكتور عدنان السيد حسين ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير وليم حبيب ممثلا رئيس الحكومة سعد الحريري، والنواب آلان عون ومروان فارس وهاني قبيسي وممثلين لرئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط والنائبة ستريدا جعجع وحزب “القوات اللبنانية” وحركة “أمل”، ونقيب المحامين السابق رمزي جريج والقائم بالأعمال الكويتي صالح الصرعاوي والديبلوماسي المصري محمد الفقي ورئيس الرابطة السريانية حبيب افرام ورئيس دائرة الشرق الأوسط في مؤسسة “راند” الأميركية السفير ديفيد آرون وعضو المجلس الوطني الفلسطيني صبحي ضاهر ومدير المركز السفير عبدالله بوحبيب وحشد من المهتمين اللبنانيين والفلسطينيين.
الصلح
بداية، كانت كلمة لمستشار المركز الدكتور رغيد الصلح الذي رأى “أن الحل الذي تقدمه اسرائيل وحلفاؤها الدوليون هو توطين الفلسطينيين في لبنان وتجنيسهم، وهما يمثلان نقضا لحق العودة واستكمالا لرحلة العدوان الصهيوني”.
وأشار إلى “أن رفض التوطين والتجنيس والتمسك بحق العودة لا يكفي”، داعيا إلى “أن يقترن هذا الموقف بثلاثة إجراءات ملحة هي: أن يتمتع أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان بالحقوق الانسانية التي تقرها الشرائع الدولية، أن تقدم مساعدات ملموسة وكافية لتحقيق هذه الغاية من المجتمع الدولي، وخصوصا من الاطراف الدوليين الذين يتحملون مسؤولية رئيسية تجاه مأساة الشعب الفلسطيني، واستعادة سيطرة الدولة اللبنانية على المخيمات مع ايجاد حل ناجز لمعضلة انتشار السلاح داخل المخيمات الفلسطينية وفي بعض المواقع المحسوبة على الفلسطينيين خارجها والا فلا معنى لاعطاء سكان المخيمات الفلسطينية حقوقهم المشروعة”.
وقال الصلح “إن هذا المسار لن يجعل تطبيق التوطين وإسقاط حق العودة أكثر سهولة وأقرب الى متناول يد الاسرائيليين ومناصريهم الدوليين، بل على العكس، سيزيد تمسك الفلسطينيين بحق العودة”.
صلوخ
وتحدث الوزير السابق فوزي صلوخ في جلسة الافتتاح، فأكد “أن الالتزام الدولي لعدم توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هو ضرورة لا يمكن من دونها صون الإستقرار الإقليمي المنشود وضمان استقرار أي حل عادل أو شامل للصراع العربي الإسرائيلي”، لافتا إلى “أن هذه قضية تستوجب متابعة لبنانية دائمة بعيدة من تقاذف التهم في الداخل، وإنما من خلال استراتيجية وطنية هادفة وعلمية توظف قدرات لبنان في تحقيق هذه المصلحة الوطنية الأساسية للكيان اللبناني”.
وشدد على “أن معالجة موضوع المخيمات تتطلب مقاربة اجتماعية وسياسية وأمنية متكاملة لأجل ضمان عدم تحول المخيمات إلى بؤر أمنية مسيئة الى الأمن اللبناني والقضية الفلسطينية في آن واحد”.
وقال إنه “آن الآوان للبنان التوافق والوحدة الوطنية أن يتعامل معها بواقعية وحرص، على ألا يكون العامل الفلسطيني مثارا لانقسام داخلي أو لتهديد للسلم الأهلي وللسيادة والامن الوطنيين. وإن معالجة الوضع البائس في المخيمات يقتضي تعاونا متعدد الأوجه بين الفلسطينيين واللبنانيين والمجتمع الدولي الذي عليه ان يتحمل مسؤولية عجزه عن إلزام إسرائيل إيفاء الحقوق”، لافتا إلى “أن ما رافق المرحلة السابقة من انقسام على الساحة الفلسطينية نال من فاعلية هذه المقاربة، وان هذا يشكل مناسبة للدعوة العاجلة إلى تأمين وحدة الشعب الفلسطيني”.
الجلسة الأولى
ثم عقدت الجلسة الأولى تحت عنوان “مشاريع السلام: هدنة مؤقتة أم طريق لحل دائم” وتكلم فيها معالي وزير الدولة الدكتور عدنان السيد حسين ورئيس المركز العربي – الدولي للتواصل الأستاذ معن بشور وأدارها الباحث في مؤسسة “راند” الأميركية غسان شبلي، واعتذر النائب الدكتور فريد الخازن عن عدم الحضور.
الوزير السيد حسين
ورأى الوزير السيد حسين أن “أسباب التنازع تبقى كامنة، وأن ما وقع من اتفاقات ومعاهدات مجرد هدنة مهتزة”، مسجلا ملاحظات عدة في سياق الصراع العربي- الإسرائيلي منها “تقدم شعار أمن إسرائيل قبل أي شعار آخر وتراجع حق تقرير المصير لشعب فلسطين من الناحية الواقعية، التطبيع البارد مع مصر وتعثر التطبيع العربي- الإسرائيلي، إصابة قضية فلسطين بتراجع كبير من جراء التنازع بين فتح وحماس، بحيث صار أي مشروع للتسوية يراهن على تعميق الخلافات الداخلية الفلسطينية”.
وقال إن “ليست صدفة أن بعد كل اتفاق او معاهدة عربية- إسرائيلية حصلت وتحصل نزاعات داخلية عربية”، لافتا إلى أن “الإسرائيليين لم يعتذروا عن جريمة اغتصاب فلسطين، وأنه لم تتوفر إلى اليوم إرادة دولية ضاغطة من أجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وقال إن “الإدارة الأميركية لم تثبت خلال عهود ماضية أنها ستكون وسيطا عادلا في المفاوضات”.
واعتبر أن “الإشكالية الكبرى تكمن في مضمون التسوية المطروحة، منذ كامب ديفيد المصرية – الإسرائيلية سنة 1978، لأن التسوية التي لا تقوم على العدل والتكافؤ بين أطرافها، تقود إلى التنازع لأنها تخل بحقوق الأطراف المعنيين بها”.
وقال إن “سياسة القوة هي التي حكمت مسار التسوية وإن ما تحقق تسويات جزئية ذات طابع مرحلي لأنها لم تعالج جوهر القضية الفلسطينية”.
وأكد الوزير السيد حسين أن “وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في ظل هذا الواقع مستمر بالتراجع منذ 61 عاما، وأن قضيتهم تبدو مؤجلة الحل”. وذكر بأن “لبنان يقف ضد التوطين حتى يبقى حق العودة قائما منطلقا من اعتبارات وطنية وقومية”، مشيرا إلى أن “هذا الموقف الإجماعي اللبناني لا يجب أن يسقط حقوق الإنسان الفلسطيني المقيم في لبنان، بحيث تعالج مطالبه المدنية العادلة وفق القوانين المحلية والعالمية”.
بشور
وشدد رئيس المركز العربي الدولي للتواصل الأستاذ معن بشور على أن “على جميع اللبنانيين والفلسطينيين أن يعتبروا أن مشروع التوطين هو مشروع صهيوني يستهدف لبنان كما يستهدف فلسطين، وبالتالي فإن مقاومته هي مهمة مشتركة للبنانيين والفلسطينيين معا، وعلى أن جميع اللبنانيين والفلسطينيين مدعوون إلى وضع برنامج عمل مشترك لتطبيق حق العودة المنصوص عليه في القرارات والمواثيق الدولية”.
وقال إن “الأفق المسدود أمام الحلول المتصلة بالقضية الفلسطينية سيؤدي إلى احتدام حال الإحتقان الوطني لدى عموم الفلسطينيين”، مشددا على أن “وجود مرجعية فلسطينية موحدة لعموم الفلسطينيين في لبنان هو أمر في غاية الأهمية لا لمعالجة القضايا الشائكة المتصلة بواقع المخيمات اليائس فحسب، بل أيضا لمنع انتقال تداعيات الإنقسام الفلسطيني الحالي إلى لبنان”.
وقال بشور “إن السلام الدائم لم يقم، ولا يبدو أنه سيقوم في المنظور القريب والمتوسط في ظل التطورات الراهنة”.
في نهاية الجلسة الأولى، عرض فيلم قصير أعدته مؤسسة “راند” الأميركية، وهو يختصر دراسة عن الأسس الناجحة لدولة فلسطينية مستقلة”. وشرح مدير دائرة الشرق الأوسط في “راند” السفير ديفيد آرون أهداف هذه الدراسة.
الجلسة الثانية
وعالجت الجلسة الثانية ملف “العلاقات اللبنانية – الفلسطينية: بين الآمال والتوترات”، وتحدث فيها النائب السابق لرئيس حزب الكتائب اللبنانية جوزف أبو خليل، عضو المجلس الوطني الفلسطيني صلاح صلاح، مستشار رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الدكتور زياد الصائغ باسم رئيس اللجنة السفير خليل مكاوي الذي غاب بداعي السفر. وأدارت الجلسة الإعلامية في قناة “المستقبل” نجاة شرف الدين.
صلاح
وقدم صلاح اقتراحات حول العلاقات اللبنانية – الفلسطينية تركزت على “إصدار مجلس النواب اللبناني تشريعات جديدة تستثني الفلسطينيين المسجلين في كشوف مديرية اللاجئين من كونهم أجانب، ويتم التعامل معهم كحال خاصة، وتعطى لهم الحقوق التي طرحها الوفد اللبناني في لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني عام 1990، وهي كامل حقوقهم المدنية والاجتماعية باستثناء الجنسية والوظائف العامة”.
ودعا إلى “التوقف عن التعامل مع الفلسطينيين كحال أمنية، والإسراع في إعادة إعمار مخيم نهر البارد وتشكيل لجنة دائمة تضم ممثلين عن الدولة اللبنانية و”الأونروا” والفلسطينيين لمعالجة البنية التحتية في المخيمات”.
وعدد “المحاولات الثلاث الأساسية لتنظيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية: اتفاق القاهرة 1969، اللجنة اللبنانية – الفلسطينية المشتركة التي بدأت الحوار 1990، ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني القائمة الآن برئاسة السفير خليل مكاوي”، وقال: “هذه اللجنة تواجه عقبات ثلاث هي غياب أو تغييب الطرف الفلسطيني، وخضوعها إلى قوانين لا تستطيع تجاوزها. وإن الإجراءات الأمنية لا تدخل ضمن صلاحياتها”.
ولفت صلاح إلى “أن النظرة الأمنية تجاه الفلسطينيين ومخيماتهم خصوصا، واسترخاص دمهم هي التي حولتها الى جزر أمنية”، وقال: “إن الفلسطينيين يشعرون بأعمق درجات الاستفزاز والاهانة عندما يقال إن عدم اعطاء الفلسطينيين حقوقهم، خصوصا العمل والتملك، مبعثه الخوف من التوطين، لأن الظروف المعيشية المريحة ستوفر لهم الاستقرار وتجعلهم يقبلون بالتوطين. إننا نرفض بشدة هذا التبرير التشكيك بوطنية الفلسطينيين”.
أضاف: “من حق اللبناني أن يقلق ويتخوف من مشاريع التوطين أو التجنيس التي تطرح وتتجدد باستمرار، وأن يعبر عن ذلك بكل الوسائل، ويعد نفسه لمواجهتها وإفشالها. ومن حق الفلسطيني أن يقلق وتكون لديه المخاوف نفسها الموجودة لدى لبنان الرسمي والشعبي بما فيها المخاوف الجدية من التفريط في حق العودة والتآمر الدولي عليه. ومن حق الفلسطيني أيضا أن يغضب إذ لا يجوز ان ينظر إليه بأنه مصدر المخاوف من التوطين لأنه شريك في مقاومتها”.
وتابع: “إن مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين لن تمر، لأن تنفيذها يتطلب 4 شروط، غير متوافرة الآن وهي نجاح ما يسمى بعملية السلام، والوصول الى اتفاق حول قضايا المرحلة النهائية، قبول إسرائيل بالمبادرة العربية، قبول الدول المضيفة بتوطين اللاجئين في بلدانها، منها لبنان الذي يرفض ذلك بنص دستوري، موافقة الفلسطينيين أصحاب القضية المباشرين في التوطين وهم يقاومون بشدة كل مشروع لا يضمن لهم حق العودة. وإن الفترة التي كانت تطرح فيها مشاريع توطين اللاجئين، وخصوصا في الخمسينات والستينات كان الفلسطينيون فيها هم الأبرز في التصدي لها من خلال المظاهرات والاضرابات والاعتصامات وتوزيع البيانات، والمؤتمرات التي عقد اثنان منها عام 1959 في إطار الرد على مشروع الامين العام للأمم المتحدة في ذلك الحين داغ همرشولد، الأول في بيروت والثاني في صوفر”.
أبو خليل
ثم تحدث النائب السابق لرئيس حزب الكتائب جوزف أبو خليل فرأى أن “العلاقات اللبنانية – الفلسطينية تتطلب حوارا بين اللبنانيين كما بينهم وبين الفلسطينيين، وتتطلب، خصوصا، شجاعة الاعتراف بالحقيقة والكف عن استعمال لفظة “التوطين” كفزاعة فقط أو تهربا
أدعوكم إلى قراءة ملخص لمقالة علمية عن الزواج بين لبنانيين ولاجئين فلسطينيين:
http://bit.ly/6DOMQH