ساحة التل في طرابلس.. مَن من اللبنانيين لا يعرف هذه الساحة الشهيرة بساعتها، ومن من اللبنانيين لم يعبر هذه الساحة التي تعتبر أنها وسط المدينة ومركز الأنطلاق لكافة وسائل النقل نحو أقضية الشمال ونحو المناطق اللبنانية وحتى الدول العربية.
ساحة التل هي معلم من معالم طرابلس التراثية والأثرية حيث أضفت تلك الساعة العملاقة رونقا أثريا على المدينة وتذكرك بالوقت كل ساعة حين تدق تلك الدقات التي تسمع في كل أرجاء المدينة.
لكن بات عبور هذه الساحة يشكل أزمة ويصيبك بالضغط المرتفع من جراء ذياك الازدحام الخانق اليومي الذي حول الساحة الى موقف عام للسيارات، والى تجمع لمواقف البلدات والقرى الشمالية… هنا موقف زغرتا، وهنا موقف عكار وهناك موقف بيروت القديم جدا الذي جعل مكتبه في بناء الساعة الشامخ الأثري الذي تأسس هبة من السلطان عبد الحميد الثاني ما بين عامي 1901 و1902 بارتفاع 30 مترا ويتألف المبنى من خمس طبقات.
وهنالك مواقف الباصات السورية.. كل ذلك حول وسط المدينة الى مواقف عامة والى ازدحام يومي بات يحتاج الى إعادة تنظيم والى وضع خريطة سير جديدة تحسن من واقع هذه الساحة الحيوية.
تعبر الساحة فتلتقط أذنك خليطا من نداءات السائقين.. بيروت.. بيروت.. حمص.. حمص.. زغرتا.. عكار.. والى ذلك نداءات أخرى الى أحياء المدينة: ابو سمرا.. الميناء.. القبة.. التبانة..
من ساحة التل ينطلق الناس الى قراهم والجدال اليومي بين السائقين والركاب هو تكرار لمشهد يومي نزاع دائم على “التسعيرة”.
السائقون إجمالا ملتزمون بالتسعيرة التي تحددها نقابتهم.. لكن مواطن يسأل وهو يهم بأن يستقل سيارة أجرة الى القبة يقول: لا أجد تفسيرا للتسعيرة فمن هنا الى القبة التسعيرة ألفي ليرة ومن هنا الى حلبا ألفي ليرة فكيف يحصل هذا الأمر؟
مواطنة وصلت من بيروت الى التل سددت ثلاثة آلاف ليرة وهمت بالصعود الى سيارة أجرة الى ابي سمرا فطلب السائق ألفا ليرة .. تصرخ السيدة مستنكرة: من بيروت الى التل ثلاثة آلاف ليرة ومن التل الى ابو سمرا ألفان؟
نماذج لجدل يومي تشهده ساحة التل والسؤال الذي يطرح نفسه قبل أن يطرحه مواطنون: متى تنظم هذه الساحة التي تضيق بالمواقف العامة وبمكاتب السيارات؟ وسؤال آخر: متى توضع دراسة منطقية لأجرة الركاب بين المناطق تكون عادلة ومنصفة للسائقين و”الركاب” ؟ واذا كانت الأجرة مرتبطة بأسعار صفيحة البنزين فنجد أن البزين يرتفع سعره فترتفع الأجرة غير أننا لم نلحظ أن هذه الأجرة تنخفض حين تنخفض أسعار البنزين .. هذا ما لاحظه أحد المواطنين الذي يستهلك نصف راتبه أجور نقليات.. والحال تزداد تفاقما في ظل وضع معيشي واقتصادي يضغط بثقله على ابناء المدينة الجامعة لكافة شرائح المجتمع والمناطق الشمالية.
اما طلاب الجامعات فلا يختلف الامر عندهم عن أرباب الأسر المضغوطة ، فثمة طلاب يدفعون يوميا ما يتراوح بين العشرة آلاف وأكثر للانتقال الى جامعاتهم خاصة المقيمين خارج المدينة وفي قرى عكار والكورة وزغرتا البعيدة مما دفع بعدد كبير منهم الى البحث عن عمل ريثما يحين وقت التخرج للخروج الى هموم الحياة الكبيرة
دموع الاسمر