أقامت هيئة الإسعاف الشعبي في عكار إفطارها السنوي، في قاعة مطعم وقصر العطية– التليل، بحضور حشد من فاعليات المنطقة فاق عددهم الـ500 شخصاً، تقدمهم: رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا، ممثلون عن الوزراء والنواب السابقين: يعقوب الصراف وطلال المرعبي وكريم الراسي، مطران عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس المتروبوليت باسيليوس منصور، العلماء المشايخ: علي السحمراني وفواز الحولي ومحمد الحسن وزياد عدرة ومحمود نعمان وفرج الرز وعبد الرزاق محمد الزعبي وعلم الدين حمدان، كاهن رعية طرابلس الأرثوذكسية الأب إبراهيم سروج، الأب نايف إسطفان، المحامي جوزيف مخايل، المحامي أحمد عارف الرجب، المفكر العربي الدكتور نديم البيطار، رئيس جمعية تجار عكار إبراهيم الضهر، رئيس نقابة تجارة الخضار بالجملة في الشمال حسين الرفاعي، رؤساء بلديات جديدة الجومة والبيرة والحميرة وحيزوق والنفيسة وتلبيرة، نائب رئيس بلدية مشتى حمود، نائب رئيس بلدية عيدمون، مخاتير قنية والدورة والبرج وإيلات وحيزوق وعيدمون، رئيس تجمع شباب وادي خالد محمد الأسعد، رئيس جمعية البيت السعيد المحامي عباس الملحم، وفد إتحاد الكتاب اللبنانيين في عكار مؤلف من المحامي فؤاد كفروني والدكتور مصطفى عبد الفتاح والدكتور مصطفى عبد القادر، عضو قيادة المؤتمر الشعبي المحامي مصطفى عجم، وحشد من التربويين والمحامين والأطباء والفعاليات الشعبية العكارية.
قدّم الخطباء الدكتور خالد طاهر مرحباً بالحضور وشاكراً تضامن أهل الخير مع الإسعاف الشعبي، ثم كانت كلمة لمسؤول هيئة الإسعاف الشعبي في عكار نور الدين مقصود تحدث فيها عن حرمان عكار، وإستعرض إنجازات الهيئة خلال العام المنصرم وأبرزها إستكمال بناء مستوصف الدريب الخيري بمساهمة من دولة الرئيس عصام فارس وصندوق هيئة الإسعاف الشعبي، إضافة إلى الخدمات الطبية والدوائية وحملات التلقيح والتوعية الصحية.
ثم منحت الهيئة وسام الوفاء لكل من الأديب والمؤرخ الأب نايف إسطفان، نقيب تجار الخضارفي الشمال بالجملة حسين الرفاعي، مختار حيزوق الحاج حسين المصري، والمربي المرحوم محسن عبيد، تقديراً لعطائهم وتضحياتهم، حيث قام رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا والمطران باسيليوس منصور بتسليمهم الدروع التقديرية.
كلمة شاتيلا
ثمّ ألقى الأخ كمال شاتيلا شدّد فيها على دور الصيام في تدريب الإنسان على ضبط غرائزه وإنفعالاته، مشيراً إلى أننا في لبنان أحوج ما نكون إلى تغليب لغة العقل على النزوات والمصالح الفئوية والعصبيات المذهبية والطائفية التي تعبث في جسم الوطن.
وقال: خلال الحرب اللبنانية والتي جرّبت فيها مشاريع عدّة لتفتيت البلاد وتدويلها، تمكّنا من ضرب مشروع التقسيم وإنتصرنا على الأهداف الصهيونية الرامية الى تجزئة لبنان. وحينما يحاولون اليوم إعادة الكرّة في السلم بعد أن فشلوا في الحرب، فإن الشعب اللبناني المحروم من أبسط مقومات الحياة وحقوق الإنسان قادر على أن ينتفض من جديد على جلاديه ليصحح المسيرة والمسار وينقذ الوطن الجريح مما يتخبط فيه.
وإذ سأل عمّا قدمه فريق الموالاة والحكومة بجناحيها الموالي والمعارض لعكار، قال شاتيلا: إن الحرمان في هذه المنطقة عميق تعود جذوره الى أيام الإنتداب الفرنسي، وهو يضرب مختلف المجالات من الصحة الى التعليم الى الخدمات العامة، فيما السلطة القائمة تعالج هذه المشكلات بمساعدات مرحلية طفيفة لا تسمن ولا تغني من جوع وبعصبيات مذهبية لم ولن تحقق أي تقدم للمنطقة.
وأشار إلى أن الطبقة الحاكمة في لبنان منذ العام 1992 إنحرفت عن إتفاق الطائف، وهي المسؤولة عن هذا التدهور الذي نعاني منه على الصعد كافة، مما يطرح أمام الشعب ضرورة التفكير العميق ليكون هناك تدبير أعمق ومواجهة لهذه الطبقة السياسية التي لا تسأل سوى عن مصالحها، وخير دليل الخلاف الجاري اليوم حول تشكيل الحكومة، فهل هذا الخلاف قائم على التنافس بين مشاريع مدروسة لتحسين آداء الوزارات المختلفة وإصلاحها؟ إننا لا نسمع إلا أطماعاً وتنافساً على هذه الوزارة أو تلك، فيما يغيب الحديث عن أي برامج لتحسين أوضاع البلاد والعباد.
وأكد رئيس المؤتمر الشعبي أن التطرف الطائفي والمذهبي في لبنان لم يبنِ بيتاً ولا أقام مشروعاً ولا حلّ مشكلة، وكان مطروحاً أمام المسلمين منذ خمس سنوات الإختيار بين أمرين: إما أن يكونوا ملحقين بالأمريكيين، أو يكونوا متطرفين، لكن أغلبية المسلمين في لبنان وسطيين معتدلين، مؤمنين وطنيين، لا يريدون التطرف ولا التغريب، بل الولاء الوطني والإلتزام بالدستور، لكن من يدّعي إحتكار زعامة الطوائف والمذاهب يعقّدون المسألة، فأصبحنا بعد رحلة العصبيات الطائفية والصراعات السياسية بلا دولة، ونخضع لسلطة حكم ذاتي تديرها شركة العصبيات المذهبية ذات المنفعة المشتركة، وهذه السلطة لا تتمتع بالحرية والسيادة والإستقلال، بل تعيش تحت السيادة الخارجية والإقليمية، وخير دليل على ذلك مسألة تأليف الحكومة التي باتت مسألة خارجية.
وتابع: لقد إتضح من تجربة السنوات الخمس الماضية أنه لا يمكن لأي زعيم أن يحمي طائفته أو يحقق لها إمتيازات ومكاسب، فلقد سقطت كل المشاريع الفئوية، وحدها الدولة القوية العادلة قادرة على توفير الحماية والعدالة وتكافؤ الفرص للجميع، لذلك علينا أن نصب إهتمامنا على بناء الدولة، وأن لا نستمع لأقاويل من هنا وهناك عن دويلات وفيدراليات وتقسيمات، فهذه كلها مشاريع صهيونية سوف تهزم، وشعبنا لا يقبل إلا أن يعيش على أرضه واحداً موحداً، وعلينا أن نطالب بحقوقنا وأن لا نسلم زمام أمرنا لهذه السلطة التي لا تستحق ثقتنا، فلنعمل للتغيير بالضغط الشعبي وبوسائل ديمقراطية وسلمية. وسواء في عكار أو في أي منطقة في لبنان لديها مطالب، لا بدّ من رفع الصوت وملاحقة هذه المطالب. لقد نص إتفاق الطائف على الإنماء المتوازن، فماذا فعلت الحكومة لتطبيق هذا البند الدستوري؟ وأين المعارضة التي شاركت في الحكومة من كل ذلك؟ أين مشاريعها وبرامجها للمناطق المحرومة؟ ليس كل أطياف المعارضة ممثلة في الحكومة، ومن يتحدث باسم المعارضة إنما يتحدث بإسمه فقط.
وشكر شاتيلا في الختام كل من ساهم ودعم أعمال هيئة الإسعاف الشعبي في عكار، وبخاصة المستوصف الذي تم إنشاؤه مؤخراً في الدريب والمجهز بأحدث الوسائل وأكثرها تقدماً، مشيراً الى إنه في ظل غياب الدولة، فإن المؤسسات الأهلية هي التي تسدّ ما أمكن من الحاجات سواء التعليمية أو الصحية أو الإجتماعية، وإلا لكانت أحوال الناس أكثر تدهوراً.