“التي
حضارتان متناقضتان جمعهما”بروسانس و وودورث” في فيلمهما ” التيبلانو”، فما سيجمع بلجيكا و البيرو لن يكون الاََ المشاعر التي تغزو قلب التاس أجمع.
فالقصة التي تبدأ من العراق مع مقتل الشاب “عمر” بلحظة تصوير”غريس”له بطلب من القتلة، تجعلك تعتقد لوهلة بان الفيلم عن مآساة شعب العراق، خاصة عندما يسبق المشهد مطلع اغنية”حبك الآن يبغيني”
الاّ ان المخرج يكتفي بهذا القدر لينتقل الى بيئتين تختلفان تماماً عن الاولى الا ان ما يجمعهما هو الذل و المرارة و الشقاء بجني لقمة العيش و الشعور بالعيش بأمان.
لن نعتبر بان ” بروسانس و وودووارث”آثرا تشويه صورة الاسلام في بداية الفيلم لانهم مررّوا مشهداً لملثمين عراقيين يتكلمان العربية بلهجة عراقية، يقتلان الشاب “عمر” و قد كتب وراؤهما” لا اله الا الله” الا اننا نعتبرها رسالة واضحة للغرب عن العرب يحاول المخرجان من خلالها رسم جزء من الواقع.
الاحداث في ال” توروبمبا” و هي قرية في ” البيرو” تنقلنا الى عالم الفقر الحقيقي و العذاب ،ف” ايغناسيو” خطيب “ساتورنينا” يموت خلال عمله الذي يقتضي منه التنقيب عن “الزئبق”، و لشدة تعلقها به و حزنها عليه تنتحر بجرعة من ” الزئبق” مصورة حادثة انتحارها على كاميرا اخذها اخاها من “ماكس” زوج ” غريس” الذي توفي من جراء هجوم عليه وعلى اصدقائه الاطباء من “ساتورنينا” و اهلها لحظة وصول جئة ” اغناسيو” الى البلدة.
“ماكس” زوج”غريس” المصورة هو طبيب جراح، جاء الى تلك البلدة مع اطباء اصدقاء لتقديم العون لتلك القرية الفقيرة و الغنية بالامراض الا ان هؤلاء و بلحظة جنونهم على “اغناسيو” طردوا الاطباء من القرية و ذلك برميهم الحجارة على رؤسهم ، الامر الذي ادى الى اصابة” ماكس” في راسه اصابة قاتلة و هو يصور حدث الهجوم.
لم ينته الفيلم بموت الابطال”ساتورنينا” و “اغناسيو” وماكس” اذ تقرر” غريس” السفر الى “توروبمبا” حيث توفي زوجها وبالمصادفة البحتة و لسبب هجوم كلب عليها تصل ” غريس” الى منزل” ساتورنينا” حيث تستقبلها والدتها و تهتم بها، ثم يحضر لها اخ “ساتورنينا” الكاميرا التي كانت مع زوجها لترى مشهد انتحار”ساتورنينا” المصوّر.
الفيلم يحمل الكثيرمن الاقنعة المرمزه التي تدل على البئية و على الطبيعة المختلفة و على القبلية الي يعيشون فيها، فقد نرى في الفيلم تجسيداً للخير و الشر من خلال وضع “اقنعة” لاشخاص تمثل هذه الحالة،ففي مشهد الصلاة على الميت نرى مجموعة من المقنعين اختلف الباستهم و اقنعتهم ليمثلوا الملائكة و الشياطين، و ايضا في مشهد صعود روح”ساتورنينا” الى السماء يجسد الصعود بحضور 3 اشخاص مقنعين يمثلون الثالوث القدوس و يضعونها على الارض مقابل مجسم كبير للصليب ، عدا عن المقنعين الذين وُجدوا لحظة موت ” اغناسيو”، لذا نلاحظ ان وجود المقنعين ارتبط بالحزن و الأسى.
لن ننكر على “فرانسيسكو جوزون” الفضل في تجسيد مشاهد فائقة الروعة، و هو المعروف بحرفيته العالية بالتصوير ك فيلم” زافير” و باراميشا” و ستوري” و غيرها، فرغم الملل الذي يسيطر على المشاهد بسبب طول المشهد و فراغه من الفكرة او الحدث الجديد، الا ان طريقة التصوير و الانتقال من مشهد الى أخر يجعلك تتأثر بما تراه ، و الفضل ايضا يعود الى المسؤول عن التوليف” نيكو لونين”
من الواضح ان الطبعية في الالوان و الاضائة جعلت اغلب المشاهد تبدو واقعية فقد ارتكز المخرجان على ضوء النهار الطبيعي ليجسدوا معظمها باستثناء تلك الليلية ، الا انهم استخدموا فيها الطريقة الامريكية اي الواقعية و الطبيعية التي تشعر المشاهد بانه يرى ما يراه في واقعه دون مبالغة.
لا شك بان الموسيقى المستخدمة في الفيلم كانت ملائمة في بعض المشاهد الا ان في بعضها الاخر شعرت بان لا لزوم لها اي بالدارج “لا بتقدم و لا بتأخر” عوض عن ان العمل على المؤثرات الصوتية قد اختفت نوعا ما ليطغو مكانها صوت الموسيقى او اغنية من تراثهم.
ساعة و تسع و اربعون دقيقة في رحلة الى “التيبلانو” شاهدنا في جمال الطبيعة في البيرو و الحضارة في البلجيك،لكن الملل و البطء في الاحداث كانا عاملان اثرا سلبا على المشاهد الا ان ما يعوض ذلك هو الفكرة التي تعالج معانات هذا الشعب بكل فصولها
“التيبلانو” انتاج مشترك بين “بلجيكا و هولندا و المانيا” صور في ال 2009 بكاميرا mm35،” Magaly Solier” و” Jasmin Tabatabai”و ” Olivier Gourmet” عرض في صالة “متروبوليس”(امبير – صوفيل) ضمن النسخة البيروتية لأسبوع النقاد الدوليين الذي يعقد بدءأ من مهرجات” كان”
هذا و قد سبق الفيلم عرض ل” كليب ” تجاري يتكلم عن سباق لحيوانات مفترسة في مدينة تأخذ رهائن و تقتلها في قالب كوميدي ساخر صور بطريقة غرافيكية بشكل افلام الكرتون، و سميناه بالتجاري لاحتوائه على كل البضائع الاجنبية من محلات و مواد تغذية و مصانع كال” Yamaha,و ال pizza hut و ال Marlboro و ال PEPSSI و غيرها
الكليب من اخراج :”فرانسوا الو”و ” هرفي دو غريسي” و “لودوفيك هوبلان” صمم في استديو “graphique H5” و انتج في فرنسا في 2009
هذا و يستمر اسبوع النقاد حيث سيعرض نهار الاثنين في تمام الساعة 8:30 فيلم”Together ل” Eicke Bettinga”و فيلم “Huacho” ل “Alejandro Fernandez Almendras “و يختتم الاسبوع بفيلم “Runaway”ل” Cordell Barker” و فيلم” Lost Person Area” ل”Caroline Stubbe”
اليسار نافع