يتكرر السؤال عن هوية السينما اللبنانية والدور الثقافي الذي تلعبه، فالسينما في وطننا لمعت أضواؤها منذ ولادتها، ثم عادت وانتكست بسبب الأزمات التي مرّت على البلاد، ولا زالت تعيش هذه الأزمة، أما الأسباب فكثيرة، ولعل أهمها فقر الموازنة التي تقدمها الدولة، والتي لا تتجاوز المئة مليون ليرة في السنة. وعلى ضوء هذا، كيف يمكن للسينما اللبنانية المنافسة في الأسواق العربية والعالمية؟ وهل سيبقى الاعتماد مقتصراً على الشركات الخاصة؟ وما الخدمات التي يقدمها صندوق دعم السينما، وعلى أي أساس؟
صدى عكار التقت مدير عام صندوق دعم السينما “غسان أبو شقرا”. لاستيضاحه عن أهمية هذا الصندوق وللوقوف على قدرته في دعم السينما المحلية.
*لنبدأ أستاذ غسان، بجولة أفق حول المركز، تأسيسه، ومن يدعمه بشكل أساسي؟
ـ تم إنشاء المركز عام 1964 في أعقاب حلقات نظمتها الأونيسكو في بيروت حول الثقافة العربية والسينما، وبنهاية هذه الحلقات التي عقدت على مدى ثلاث سنوات خرجت بتوصية تقضي بضرورة إنشاء مركز للسينما والتلفزيون، وصدر المرسوم عام 1964، على أن يتبع لوزارة الإعلام، وبقي هذا المركز ناشطاً وعاملاً في وزارة الإعلام حتى عام 1984، حيث صدر قانون ينظم وزارة الإعلام، فتمّ استبدال التسمية ليصبح مديرية شؤون السينما والمسارح والمعارض، وفي مطلع التسعينيات أنشأت وزارة الثقافة، حيث ألحقت المديرية بالوزارة مباشرة.
*وهل التمويل يقتصر على وزارة الثقافة؟
ـ هناك الموازنة العامة لدعم الإنتاج السينمائي شوالمسرحي في لبنان، ولكن ليس هناك ما يحدد حصة كل عمل، فهذه الحصة تحدد من قبل متخصصين، ونحن استبعدنا الاستنسابية في اعتماد القراءة لجهة دعم الأعمال، وشكلنا لجاناً من أهل الاختصاص تعمل على قراءة النصوص والمشاريع المقدمة، وبعدها يتخذ القرار ويرفع للجنة التي تقرر مدى هذا الدعم.
*على أي أساس يمنح الدعم أو يحجب؟
ـ على أساس أهمية هذا المشروع من كتابة وسيناريو ومدى احترافية هذا العمل، بالإضافة إلى أهمية مقدم العمل والفريق الذي يعمل معه.
بالإضافة إلى أننا ندعم المُخْرجين الشباب، والمُتخرّجين الجدد من المعاهد التي تدرّس الفن السينمائي.
*مثل من؟
ـ الأسماء كثيرة ونادراً ما يكون هناك سينمائي لم يحصل على الدعم.
*ولكن يسمح أن يكون هناك استنسابية، فيدعم جهة دون أخرى لاعتبارات شخصية وسياسية؟
ـ هذا الكلام غير صحيح، فكل من يتقدم بطلب، يدرس ملفه، وفي حال الوافقة عليه يستفيد من الدعم بغض النظر عن انتمائه السياسي أو المناطقي، ولكن يصادف أن يدعم شخص على حساب آخر نظراً لأهمية عمله، كما أن التقصير يعود للسينمائين والمسرحيين الذين لا يبادرون بتقديم طلبات المساعدة.
*ولكن بالرغم من هذا الدعم الذي تتكلم عنه، نرى أن السينما اللبنانية ما زالت تحبو بالنظر إلى زميلاتها، ألا يدل ذلك عن تقصير من قبلكم؟
ـ السينما صناعة، ولا تعيش صناعة معتمدة فقط على الدولة، فتجربة الدولة الحاضنة للإنتاج السينمائي سقطت في العالم كله، فالإنتاج السينمائي يعود للقطاع الخاص ولشركات الإنتاج، ودور الوزارة هو دور الحاضن والمساعد وليس بهدف الحلول مكان المنتجين فهي فقط داعمة ومشجعة. أما عن نتاج في السينما اللبنانية، فلبنان بعد الحرب كان يصنف بالمرتبة الثانية بعد مصر ولكن حرب السبعينيات كان لها الأثر السلبي على هذه الصناعة. وكثير من العاملين فيها انتقلوا للعمل في الإنتاج التلفزيوني.
*نلحظ أن معظم الأفلام اللبنانية، من إنتاج خاص، ولا تتلقى دعماً من الوزارة لماذا؟
ـ معظم الأفلام قد دعمت من الوزارة كفيلم سمير حبشي الأخير “رماد تحت النار”، وفيلم Help، ولكن معظم الإنتاج الخاص لا يطلب دعماً.
*سبق وذكرت بأنه تعطى الموافقة على أساس النص والسيناريو الجيد، فهل فيلم Help قد استوحى الشروط المطلوبة، وهل أضاف شيئاً جديداً إلى السينما اللبنانية؟
ـ لقد حكم على الفيلم قبل مشاهدته كفيلم منجز، فضلاً عن أن الحكم على السيناريو شيء والفيلم المنتج شيء آخر، فالسيناريو الذي قرأناه كان احترافياً وعليه أعطيت الموافقة.
*ألا يوجد من يتابع من قبلكم تنفيذ العمل؟
ـ الوزارة تحكم على العمل وتقدم الدعم من خلال الملف المتكامل الذي يقدمه صاحب العمل، ولكن حسب شكل الدعم، فإذا كان تقنياً نتابع العمل والتنفيذ، وإذا كان لتطوير المشروع فمن الصعب الحكم على النتيجة قبل ظهورها.
*ما كان تعليق الوزارة وأنتم كهيئة دعم لهذا الفيلم؟
ـ إنه كغيره من الأفلام اللبنانية، وفي السينما العربية واللبنانية كان هناك أفلام أكثر جرأة منه، ولم تثر هذه العاصفة، واستغرب هذه الحملة، فهو يصور حالات من المجتمع.
*ماذا عن مهرجانات السينما؟
ـ هناك أكثر من مهرجان لأفلام الشباب تقوم بها الجامعات أو المؤسسات، ونحن ندعم هذه النشاطات ونتعاون معها ولكن ليس لدينا الرغبة بالحلول مكان المجتمع الأهلي، فهم أهل الاختصاص.
*كيف هي العلاقة بينكم وبين نقابة السينمائيين؟
ـ نحن على تعاون دائم مع النقابة وأمر تنظيم هذه المهرجانات تعود إليهم، ونحن تمنينا على الأخوة في النقابة أن يطلقوا مهرجاناً سينمائياً، ونحن على استعداد أن نحتضن وندعم المهرجان.
اليسار نافع