ما إنْ ُتذكر عكار حتى يتبادر الى الذهن الحرمان.. فباتت عكار والحرمان توأمان،
لكن لعكار وجه آخر لا يعرفه البعض هو ذاك الوجه الجميل المتجسد بتلك الطبيعة الممتلئة غابات وينابيع وقرى اصطياف ومحميات طبيعية.
ايضا عكار تكتنز المواهب الخلاقة وتنتج رجال العلم والفكر والثقافة، وفي عكار الكثير من المبدعين في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وهذا الجانب لم يلقى الاهتمام الكافي كما لم يحظ بالإضاءة على المواهب التي تختزنها بلدات وقرى عديدة.
من هذه القرى والبلدات ببنين التي اشتهرت بصناعة الخشب وبالحفر على الموبيليا.
ومن هذه الصناعة خرجت مواهب كان عدنان صوفان احد الموهوبين في فن الحفر على الخشب، بدأ حياته العملية في صناعة الموبيليا ليؤمن رزقه اليومي، الى أن وجد نفسه نحاتا جعل الخشب طوع بنانه فجسد وجوها وأشكالا ولوحات فنية باتت موزعة في كافة أنحاء البلاد.
فعدنان صوفان والنحت على الخشب صنوان وصوفان بات للنحت عنوان في عكار
وصوفان من ببنين هذه البلدة الشهيرة بالصناعات الصغيرة من موبيليا الى صناعة الحلوى البلدية، لكن مشكلة الصناعيين في ببنين كمشكلة باقي الصناعيين في لبنان وهي في المقدمة مشكلة تصريف الإنتاج وإيجاد أسواق لصناعة الموبيليا وكافة الصناعات الخشبية حيث لم تلق هذه الصناعة اهتماما أو رواجا كما يجب حسب رأي صوفان.
وحول هذه الموهبة وصناعة الخشب قال صوفان:
“منذ حوالي ال 30 عاماً أعمل في صناعة الخشب التي اشتهرت فيها بلدة ببنين العكارية، واخترتها مهنة (مصلحة) طلباً للرزق والعيش الكريم، الاّ أنني وبفعل الموهبة التي أملكها استطعت تطوير عملي من خلال الحفر على الموبيليا (الخشب) فشعرت بأنني أستطيع نحت كل ما يخطر على بالي وكل ما يطلب مني وكل ما أراه من مناظر طبيعية إلى رؤساء وزعماء سياسيين ورجال تاريخ ومثقفين وفلاسفة وصولاً الى المطربين الكبار وغير ذلك…
أضاف صوفان: “لكن ما نفع الموهبة وما نفع العلم في زمن لا يرحم، وزمن لا يقدر فيه لا العامل ولا العمل، وفي بيئة لا تستطيع أن تؤمن قوت يومها وحاجاتها الأساسية، ومجتمع لا يعرف معنى للفن بل أن كل ما يفهمه هو كيف يعمل وكيف يخبئ قرشه الأبيض إلى يومه الأسود في هذه الزمن الأسود الذي وصلنا إليه”.
وتابع صوفان عن موهبته الضائعة منذ سنوات، شارحاً أهم الأسباب التي جعلت من مهنته وموهبته التي تدر ذهباً، لا نفع لها ولا أهمية متسائلاً:”كيف يفكر الإنسان بأن يشتري تحفة فنية وهو لا يستطيع أن يشتري “كرسيا” يحتاج إليه؟ للأسف نحن نعيش في منطقة محرومة من العيش الكريم، محرومة من الثقافة على أنواعها، محرومة من الاهتمام الكامل والشامل، كإقامة معارض ثقافية تهتم بالفن على كافة أنواعه”.
ولم ينس صوفان أن يعدد لنا أهم منحوتاته التي لم تخل من منحوتات لأهم رجال السياسة والفن والتاريخ وأهل الطرب مشيراً الى انه ينحت على الحجر وعلى الخشب. أما المهتمين بفن النحت فهم قلائل جداً في عكار، لأن من يهتم بهذا الفن هم فقط أصحاب الأموال وأهل الثقافة العالية والذوق الرفيع وهذا ما نحتاج إليه في عكار.
لفتة نظر لأهل الفن
وختم صوفان متمنياً: “لفتة نظر لأهل الفن من قبل المهتمين وأصحاب الذوق الرفيع، والاهتمام الجدي من قبل المعنيين، والتشجيع المستمر من أصحاب المعارض لعرض هذه التحف الفريدة في عكار لنؤكد أن عكار كانت وما تزل، عكار الحضارة والثقافة والفن، وليست كما حاول البعض تشويهها، فهي عكار الطيبة والمواهب الخلاقة”.