الاب نايف اسطفان
للكتابة طعم لا طعم يضاهيها، فهي نور للعقل ومسّرة للقلب وبلسم للحزن ونشوة للروح ومتعة للعين. والاجمل من كل جمال أن تفوتك المعرفة في حدث ما ثم بالصدفة تعثر عليه فيقع في قلبك كل موقع.
لقد شغفت بجمع الصور الفوتوغرافية وشغف بتقديمها الى الأخ جورج تيّم صاحب استيديو الربيع ومما قدم لي مشكوراً صورة لجنازة كاهن ماروني في مشهد قلما شاهده أبناء هذا الجيل ـ الجثمان مسجى على كرسي وحوله البطريرك الماروني وبعض المطارنة والعديد من الكهنة وجموع غفيرة.
هذه الصورة النادرة بالنسبة للكثيرين شاهدت نظيرها بأم العين في دمشق يوم جنازة المثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع معوض 1979 وكانت العادة متّبعة على هذا الشكل في دفن المطارنة ففي مطلع الثمانينات ويوم نقل بقايا المطارنة باسبليوس ونيقوديموس وفرسينتاس اليوناني شاهدت الكرسي الحجري التي كان عليها يسجى المطران المتوفي.
بالعودة الى الصورة فقد نشرتها في كتابي “خبايا الروايا” في الصفحة 375 وكتبت تحتها حرفيا “جنازة أحد الكهنة الموارنة وقد أجلس على كرسي وحوله رجال الدين والمشيعون”.
ومرت الايام وأراني منهمكاً بين أكوام من الجرائد تعود الى نحو ثلاثة عقود أفتش بها وأجمع منها قصاصات وأخبار وأشد ما كانت فرحتي عارمة عندما تصفحت جريدة “الديار” الصادرة في 18 آب 1980 في الصفحة السادسة منها ووقع نظري على الصورة ذاتها الموجودة في كتابي وحولها تحقيق عن بلدة سرعل الشمالية وقد كتب تحت الصورة ما يلي “البطريرك الماروني في دفن الخوري يوسف أبي مارون السرعلي 1928”.
فآثرت نشر هذه المعلومة في هذا المقال احياءً لذكرى الخوري يوسف أبي مارون السرعلي وانتصاراً لحقيقة تاريخية ربما تكون بسيطة ولكنها مفيدة للذين يكابدون الشوق في معرفة التاريخ بكل تفاصيله.