توقفت الاوساط الطرابلسية عند المؤتمر الصحافي الاخير للنائب السابق مصباح الاحدب الذي تميز بموقفين بارزين لافتين للنظر:
الموقف الاول الاشادة بالرئيس نجيب ميقاتي الى درجة اوحى فيها الاحدب انها تخطت الشكر على نجدة ميقاتي للاحدب وانقاذه من الازمة المالية التي وقع فيها الى ما يقارب التعاون كي لا نقول التحالف – السياسي.
– والموقف الثاني الحملة العنيفة التي شنها الاحدب على الوزير اشرف ريفي حيث لم يترك كما يقال شعبيا» سترا مغطى» على ريفي، الامر الذي اعتبرته الاوساط احراق كل سفن العودة بعد ان كانت التسريبات حول احتمال تعاون سياسي – انتخابي يضم الاحدب الى ريفي والمهندس وليد معن كرامي الذي حاول تقريب وجهات النظر بين الرجلين.
غير ان ما قاله الاحدب في مؤتمره الاخير اوحى ان طرابلس بدأت تشهد خلطا للاوراق من جديد، وهذا ما تتوقعه الاوساط السياسية للايام المقبلة،لكن اي خلط لهذه الاوراق يبقى الرئيس ميقاتي محورها الرئيسي باعتباره الكتلة الشعبية الاولى على الساحة الطرابلسية رغم كل محاولات تيار المستقبل استعادة دوره وحضوره الشعبي والايحاء بان المزاج الطرابلسي العام لا يزال في حضن «المستقبل» حيث يصعب عليه الاعتراف بحجم تراجعه الطرابلسي لا سيما منذ اعلان ريفي عن استقلاليته واطلاق حركته السياسية المنفصلة عن تيار المستقبل والعمل في مواجهة التيار الازرق باستقلال تنظيمي وسياسي بل في توجهات تناقض الرئيس سعد الحريري وترفض نهجه السياسي ومواقفه الاخيرة والتي شكلت ازمة تتفاقم بين الحريري وريفي الى حد الفراق السياسي بينهما.
ولعل موقف النائب السابق الاحدب اضافت الى ازمة تيار المستقبل ارباكا آخر من حيث اصطفاف الاخصام السياسيين له، الامر الذي يشكل عقبة اخرى في طريق المستقبل من جهة، وحيال ريفي من جهة ثانية الذي سيكون امام خيارات سياسية صعبة في مواجهة اخصام سياسيين لا يستهان بقواعدهم الشعبية التي ستشكل كتلة انتخابية واسعة امام تيار المستقبل ومتفرعاته .
تعتقد الاوساط السياسية ان الحملة العنيفة التي اطلقها الاحدب في وجه ريفي شكلت سابقة في رفع السقف الذي تجاوز الخطوط الاحمر وفي سيل الاتهامات التي اطلقها فيما سارع ميقاتي الى مد يد العون والمساعدة التي اعتبرها الاحدب في مصاف الشهامة والنخوة الطرابلسية، بأن ذلك لا بد من أن يتكرس لاحقا حلفا سياسيا لن ينقطع على مستوى الساحة الطرابلسية التي بدت انها آيلة لان تتحول ساحة ميقاتية دون منازع.
بل ترى الاوساط ان ما يجري من تطورات سياسية على الساحة الطرابلسية يأتي في اطار عودة طرابلس الى اصالتها والى تاريخها الوطني الى من اعطى وقدم لطرابلس ووعد واوفى بوعده ابن طرابلس وبالتالي لا بد لهذا الرجل الطرابلسي الا أن يلتقي مع قيادات طرابلس وعائلاتها السياسية التاريخية ككرامي والاحدب وان هذا المشهد هو الطبيعي في طرابلس بعد أن غردت لسنوات في سرب التيار الازرق الذي لم يكن وفيا مع الطرابلسيين – حسب رأي مرجع طرابلسي – على قدر ما قدموه للتيار الازرق ،بل على مدى السنوات التي مضت من العام 2005 والى اليوم ازداد حرمان طرابلس وارتفع منسوب البطالة والفقر فيها دون اي مبادرة من تيار المستقبل سوى «جولات العنف « السوداء.
وترى الاوساط ان المشهد السياسي الطرابلسي اليوم بات اكثر وضوحا في الانقسام العمودي بين فريقي ميقاتي الذي تقدم على ما عداه من الفرقاء، وتيار المستقبل الذي لا يزال يتخبط في صفوفه الداخلية بالرغم من التغيير الحاصل في قيادته الطرابلسية التي لم تقلع حتى الآن وقد ادت الى مزيد من الشرخ الداخلي الذي لم يتوقف عند ريفي الذي استطاع ان يستقطب العديد من صفوف المستقبل المحبطين من اداء التيار الازرق والذين همشتهم قيادته وازاحتهم عن مناصبهم وفق مراكز القوى داخل التيار.
ما يحصل على الساحة الطرابلسية ينسحب على مجمل الساحة الشمالية خاصة ان المنطقة مقبلة على تطورات سياسية واستحقاقات عديدة ومختلفة.
الديار _ دموع الاسمر