جهاد نافع
26 آذار 2016 الساعة 00:08
عاش مخيم نهر البارد يوم امس تدابير امنية استثنائية غير مسبوقة ومواكب من السيارات السوداء دخلت المخيم من مدخليه، من ناحية العبدة ومن ناحية المحمرة للتمويه…
الفلسلطينيون في المخيم بمعظمهم التزموا المنازل وافسحت طرقات المخيم الرديئة لاستقبال هذه المواكب، فقد وصل امين عام الامم المتحدة بان كي مون صباح امس بطوافة عسكرية نقلته الى مطار القليعات بمواكبة من طوافات ثلاث، ومن مطار القليعات الى المخيم الذي امضى فيه بان كي مون عشرين دقيقة، تسلم خلالها مذكرتين من الفصائل الفلسطينية ومن خلية الازمة ومذكرة تتعلق بقضية اعمار البارد.
عدد من اهالي المخيم تجمهروا بعيدا عن الطريق العام بمحاولة لايصال صوتهم هاتفين «بان كي مون دخيلك خدنا من هون» و «بان كي مون نهر البارد ادام عيناك» و «طز طز على الاونروا بدنا نرجع ع بلادنا».
تسلم بان كي مون باقة ورد من طفلة فلسطينية ثم صعد حسب البرنامج الى سطح مبنى مدرسة عمقة ليلقي نظرة على المخيم ومن ثم يلتقي عائلة لم تستلم منزلها حتى اليوم، تأثر بان كي مون بنحيب الامرأة الفلسطينية التي لم تتمكن من شرح مجمل معاناتها بدقيقة ونصف، لكنه اجابها انه بصدد توجيه نداء استغاثة الى الدول المانحة، للتسريع بالاعمار بعد مضي تسع سنوات على الدمار والنكبة الثانية.
ما هي اهداف هذه الزيارة الى مخيم نهر البارد؟ وماذا سينتج عنها؟
ثمة ملاحظات سجلت حول الزيارة ومنها ما هو مضحك مبكي:
– اولا، ان السيارات الفخمة التي دخلت المخيم تقدر اثمانها بما يوازي كلفة اعمار الستين بالمئة من المخيم، وهذه الستون بالمئة لا تزال تنتظر اموال المانحين و1800 عائلة ما زالت مشردة.
– ثانيا، ما الفائدة من زيارة حصرها معدو البرنامج بسطح مدرسة ليلقي عن بعد نظرة على المخيم، دون ان يحتك ويتلمس ميدانيا حجم المعاناة والمآسي داخل المخيم، وهنا سؤال كبير، لماذا لم يتجول بان كي مون في الجزء المخصص للبركسات في المخيم حيث بشاعة القهر والبؤس والاذلال الانساني ولماذا لم يتجول بان كي مون في شوارع المخيم؟ ويستمع الى سكانه حيث فظاعة المعاناة والقهر وحيث الكثير من الاوضاع الصحية والانسانية والاجتماعية والاقتصادية كافية لان تعطيه صورة عن واقع نهر البارد المأساوي الناتح عن دمار 2007، والذي نتج عنه ايضا حالات صحية خطيرة لم تعرف من قبل.
– ثالثا، لماذا منع الاهالي من اللقاء المباشر مع بان كي مون؟ ولم يحمل معه وعدا قاطعا بانجاز الاعمار واعادة الخدمات عبر الاونروا بدءا من رفع اجور السكن وتطوير هذه الخدمات لتشمل القطاع الصحي والتربوي والبيئي والمعيشي.
– رابعا، لماذا منعت وسائل الاعلام من مواكبة هذه الزيارة؟ والاقتصار على وسيلة اجنبية؟!!..
هناك من سكان المخيم من رأى في هذه الزيارة في هذه المرحلة الحرجة، انها تحمل في طياتها ما يخيب امال الفلسطينيين في لبنان الذين يصرون على مواجهة مؤامرة الغاء حق العودة وفرض مشروع التوطين لطمس الهوية الفلسطينية كرمى لعيون الصهاينة.
وتعقيبا على زيارة بان كي مون لفت عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين اركان بدر الى ان ابناء نهر البارد طالبوا بالعمل على انهاء مأساتهم التي شارفت على انهاء عامها العاشر ولم ينجز من عملية اعادة الاعمار سوى 40% من مساحة المخيم القديم، فيما الجزء الجديد ينتظر اعمار المباني المهدمة كليا والتعويض على العائلات والتجار، وهنا يوضح اركان بدر انه جرى توجيه نداء الى بان كي مون لبذل جهوده في الحفاظ على الانروا باعتبارها شاهد حيّ على الجريمة التي اقترفت العام 1948 بحق الفلسطينيين وما تجسده من التزام ومسؤولية دولية عن قضية اللاجئين حتى تحقيق العودة نقيضا للتوطين والتهجير والعمل مع الدول المانحة لمعالجة الازمة المالية لوكالة الغوث والضغط على المفوض العام ومديره للاستجابة لمطالب اللاجئين في نهر البارد في لبنان وفي مقدمة هذه المطالب تأمين موازنة ثابتة للاونروا وزيادة الموازنة العامة والالتزام بمقررات مؤتمر فيينا، لجهة توفير الاموال المطلوبة لاستكمال اعمار المخيم واعادة العمل بخطة الطوارئ في الاستشفاء والايواء والتراجع عن التقليصات في مجال الاستشفاء واعتماد فاتورة العلاج بالتغطية الكاملة 100% واعادة النظر بالاجراءات التي طالت برنامج التعليم وتجميد التوظيفات والاجازة بدون راتب واعتماد خطة طوارئ شاملة للنازحين الفلسطينيين السوريين.
وختم بدر قائلا: بأن نجاح زيارة بان كي مون التاريخية للمخيم سيبقى رهن الاستجابة للمطالب المشروعة والمحقة التي ستشكل مدخلا لوقف التحركات الشعبية في مواجهة سياسة الاونروا التقليصية وهي مرشحة للتصعيد السلمي والحضاري اذا لم تتم الاستجابة.