دموع الاسمر
الديار
تتساءل مصادر طرابلسية عن سر حماس بعض القوى والتيارات السياسية في دعم مشروع مرآب التل وعما اذا كان هذا الاهتمام مرده الى انماء المدينة ام هو استثمار انتخابي عشية الاستحقاق الانتخابي البلدي ومحاولة استنهاض شارع شعبي خسروه ؟
في رأي المصادر ان تدخل بعض التيارات وفي مقدمها التيار الازرق وبعض القوى الحليفة له في مشروع انمائي هو تدخل سياسي واستثمار في غير محله ستكون نتائجه المزيد من الخسائر في الساحة الطرابلسية نتيجة الاصطدام بالاتجاه الشعبي العام في طرابلس الرافض لتشويه وسط طرابلس الحيوي .
وثمة تساؤل اخر عما اذا كان هناك من يسعى لتمويل مشروعه السياسي من مشروع انمائي تفوح منه روائح مشبوهة … ثم من هو الذي يعارض الرأي العام الطرابلسي الذي بغالبيته وقف في وجه تخريب وتشويه وسط المدينة سيما ان طرابلس عانت ولا تزال تعاني من سوء تنفيذ عدة مشاريع خربت وشوهت مناطق طرابلسية ولم تنهض بالمدينة.
احد المصادر رأى ان التيار الازرق يمعن في سياسة غير متكافئة او منسجمة مع الرأي العام بل كان هاجس التيار استثمار او توظيف مطلق مشروع في خدمة سياسته التي بدت انها تتخبط سياسيا وانمائيا واجتماعيا وتفضي الى مزيد من انكفاء شعبي عنه.
فقدعادت قضية مرآب التل في ساحة جمال عبد الناصر بطرابلس الى الواجهة من جديد غداة الإعلان عن بدء تنفيذ المرحلة الاولى منه، حيث كان نشطاء المجتمع المدني له بالمرصاد لمنع تشويه ساحة جديدة من ساحات المدينة بعد تشويه منطقة باب الحديد بمشروع الارث الثقافي ووقف تنفيذ مشروع الأوتوستراد العربي وبطء تنفيذ البناء الجامعي الموحد وتجميد العمل بمعرض رشيد كرامي الدولي الذي تحول الى معرض محلي وسكة الحديد ومحطة التسفير ومدارس وغيرها من المشاريع التي لم تبصر النور لانها منذ سنوات قيد التنفيذ وبدلا من تجميل المناطق أضحت مناطق منكوبة.
نشطاء المجتمع المدني نظموا اعتصاما في ساحة التل واجهوا من خلاله عمال الشركة ومنعوهم من متابعة سير عملهم وبعد ساعات من مشادات كلامية رحل الْعُمَّال مع معداتهم
لكن هل هذا يكفي لمنع تنفيذ مشروع المرآب؟
الناشط الاجتماعي عمر طرطوسي يؤكد ان المجتمع المدني الطرابلسي برمته يشعر باليأس في حال فشلنا في الصمود في وجه هذا المشروع التخريبي محملا المسؤولية الى جميع القوى السياسية المتواطئة في تنفيذه، مؤكدا ان جميع التجار في الاسواق الداخلية يعانون من ازمة اقتصادية مستفحلة فكيف سيكون الوضع مع تنفيذ المشروع حيث ستفصل المعدات والاليات الاسواق عن ساحة التل؟
واعتبر طرطوسي ان جميع القوى السياسية متواطئة في هذا المشروع خصوصا لجهة التكاليف المادية والتي تترواح بين 16 و17 مليون دولار علما ان كل الدراسات تؤكد ان كلفة هذا المشروع لا تتجاوز خمسة ملايين دولار؟ وتساءل كيف تسمح القوى السياسية بتنفيذ مشاريع غير منتجة في طرابلس بينما دائما عاصمة لبنان بيروت لها الحصة الكبيرة في تنفيذ عدة مشاريع منتجة؟ وقال الجميع لا يفكر في مصلحة المدينة بدليل ان الهجرة مستمرة والبطالة الى مزيد من الارتفاع والفقراء يموتون على أبواب المستشفيات؟ وهل ارتأى السياسيون اخيراً مصلحة المدينة في تنفيذ مشروع المرآب؟ وقال ان واجبهم تجاه مدينتهم لا يشعرهم بالخجل كما فعل أعضاء مجلس بلدية طرابلس الذين كانوا من أشد المعارضين وبعد زيارة الرئيس الحريري أقنعهم بالموافقة فوافقوا.
وقال :نحن مرتاحون اخلاقيا تجاه اطفالنا سنقول لهم حاولنا لكن فشلنا. لكن ماذا سيقول هؤلاء اللاهثون لتنفيذ المرآب للاجيال المقبلة عندما تنضم ساحة التل الى باقي المناطق المشوهة في طرابلس؟
اما رئيسة لجنة متابعة مشاريع طرابلس ناريمان شمعة فاعتبرت ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس تناول موضوع المرآب بمعلومات مغلوطة اما الحقيقة فتقول شمعة هي أن 23 عضوا من أصل 24 عضواً وافقوا على المرآب والحقيقة يعلمها الجميع بأن خمسة أعضاء في المجلس البلدي معترضون على المشروع، وعضوين معتزلان العمل البلدي منذ سنوات، وعضواً مستقيل منذ عام 2013.
وقالت شمعة ان الحكومة تحدد أولويات المدينة، ليس كما تجاهل الوزير درباس حق المواطنين باختيار ما يلائم مدينتهم.
وقالت شمعة ان الوزير قال التجار زاروه وشكروه على المشروع، وبالتواصل مع التجار أكدت شمعة عدم حدوث ذلك، لا بل هم معترضون ويشاركون في تحركات المجتمع المدني.
اضافت شمعة: يقول الوزير انه لا وجود لأي اعتراض من قبل أبناء طرابلس، بينما بدأت لجنة متابعة مشاريع طرابلس تحركاتها منذ ما قبل 13 شباط 2015 وواكبها أهل المدينة هيئات المجتمع المدني والأهلي باندفاعة غير مسبوقة ومستمرون، كما تجدرالإشارة إلى إحصاء قامت به جهة مؤيدة للمرآب وكانت نتيجتها ان 86% من أبناء طرابلس يرفضون المشروع.
مع الإشارة الى أن تكلفة المشروع تبلغ 14 مليون دولار، وقد أفاد الوزير نفسه في أكثر من موقع عن تكاليف متضاربة عن المشروع، كما أكد عدد من المرجعيات السياسية أن المبلغ يقارب الـ 17 مليون دولار، فمن نصدق؟ علماً أن التكلفة ما زالت أكثر من التكلفة الحقيقية بأضعاف.
واضافت شمعة : بالإضافة إلى أن المخطط التجميلي الذي أصحب بالمشروع لإقناع المجتمع المدني بقبوله قد يكلف بين 13 إلى 15 مليون دولار، أي بمتوسط 30 إجمالي للمشروع مليون دولار
وقالت : استكمالاً لتحركاتنا، تقدمت لجنة متابعة مشاريع طرابلس اليوم بكتاب لبلدية طرابلس اعتراضاً على إعطاء رئيس البلدية إذن مباشرة العمل بأعمال المرآب، متخطياً القرار البلدي رقم 320 بتاريخ 9/7/2015 والمؤكد عليه بتاريخ 13/1/2016، والذي نصّ على الاستمرار في التوقف عن بدء أعمال المرآب لحين إعداد وعرض المخطط التوجيهي الخاص لمنطقة التل بالتنسيق بين البلدية ومجلس الإنماء والإعمار على المجلس البلدي وموافقته عليه، وكون المخطط المحتج به لا يعدو كونه رؤية تجميلية لساحة التل لا تقدم الحلول للمشاكل الإنمائية والمركبة المتفاقمة بالمدينة وفي منطقة التل.
أوضحت: علماً أن اللجنة تعترض على إنشاء المرآب جملة وتفصيلاً في هذا الموقع، بوجود مخطط أو بدونه للأسباب التي أعلنتها مراراً وتكراراً، مع المطالبة والتأكيد على استكمال المشاريع قيد التنفيذ، وتحويل أموال مشروع مرآب التل لمشاريع ذات أولوية، يحددها أبناء المدينة.
واكدت شمعة ان المخطط التجميلي الذي أضيف لمشروع المرآب كلفته تتراوح بين 17 مليون وربما اكثر فقط لاقناع المجتمع المدني ان المشروع هو تجميل للمدينة وليس تخريبيا لكن في الحقيقة نحن نطالب باستكمال المشاريع التي بدأت منذ سنوات ولم تنته بعد.
كانت لافتة الكلمات التي أطلقها النشطاء في الاعتصام بعد طرد العمال والاصطدام مع القوى الأمنية، فقد أكد المحامي مصطفى عجم «أن طرابلس تحتاج الى خطة انقاذية تنموية لمواجهة الفقر والبطالة ولا تحتاج الى مزيد من المشاريع التخريبية». وقال إن القوى الأمنية هم اخوة لنا وهمهم همنا وليس لنا أي مشكلة معهم فنحن هنا لمنع تخريب أهم ساحة في طرابلس وليس للاصطدام مع القوى الأمنية».
وختم لافتا الى «رفض أهالي المدينة للمرآب لأنه لا يشكل اولية تنموية وهو يدفن أموالا طائلة تحت الأرض».
جمال البدوي عضو المجلس التنفيذي لهيئة الطوارئ لإنقاذ مدينة طرابلس، قال: «مضى عام ونحن نعارض إقامة المرآب ونقدم الأسباب لسيئاته، ونعارض إقامته، ونحن نريد سوليدير لوسط المدينة، ولا نريد محطة شارل حلو (ثانية) باختصار شديد. وقال لم نترك طريقة إلا وأظهرنا من خلالها مساوئ المشروع، والتي هي أكثر من أن تحصى، وهذه هي الساحة الوحيدة الموجودة في طرابلس، والمدخل الوحيد للمدينة القديمة، التي تزيد مساحتها عن أسواق جبيل على عشر مرات، والأموال المزمع صرفها تحت الأرض كفيلة بتأهيل المدينة القديمة الأثرية وجعلها بجمال جبيل.
وقال ان المطلوب تأهيل واجهاتها، وممراتها، وتنظيفها على غرار جبيل، وهذا لا يكلف أكثر من 25-30 مليون دولار». واكد انه لا يطالب بتأهيل الآثار لأن ذلك باهظ التكاليف والأموال التي رصدتها البلدية للمرآب وهي 25 مليون دولار كفيلة بجعل المدينة القديمة التاريخية قبلة الأنظار، لكل السائحين اللبنانيين والعرب والدوليين، وهذه ثروة وطنية، ونقول لبقية أهلنا في الوطن ان قضية الفساد قضية واحدة وقضية الانماء المتوازن تهم كل الناس». وأكد ان طرابلس تحتاج الى مشاريع توفر فرص عمل للشباب لمواجهة حالات الاحباط واليأس وانتشار الحبوب المخدرة ومعالجة الواقع الاقتصادي وليس بناء مرآب يخرب وسط المدينة.
عضو المجلس البلدي السابق المهندس جلال عبس علق على الحدث بقوله: «المهم أن نزيد نسبة السياح والزوار للمدينة، والمشروع يصرف 17 مليون دولار ليتسع لخمسمائة سيارة فقط، أي بقيمة 35 ألف دولار لكل سيارة، وهذا يعتبر أغلى موقف في العالم اذ لا يتعدى الرقم عشرة آلاف دولار.