نظم “تيار المستقبل”، ندوة سياسية بعنوان “شراكة الاعتدال بين المسيحية والاسلام”، في مطعم “الصياد” في بينو.
وحضر النائب نضال طعمة، رئيس دائرة اوقاف عكار الشيخ مالك جديدة، رياض نادر ممثلا نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، الاب جرجس بيطار ممثلا المتروبوليت باسيليوس منصور، وحشد من رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات.
بداية النشيد الوطني، ثم دقيقة صمت عن روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وارواح شهداء الجيش وشهداء “ثورة الارز”.
عثمان
ورحب مسؤول الدائرة الدكتور عمر عثمان بالحاضرين مؤكدا الالتزام بالشراكة المسيحية الاسلامية.
طعمة
بعد ذلك قدم النائب نضال طعمة مداخلته، ومما قاله: “شراكة الاعتدال بين الإسلام والمسيحية عنوان يحمل في ذاته رسالة استنارة يحتاج اليها عالم اليوم، ليعي عمق إسلامه، وحقيقة مسيحيته، وليكتشف أن الشراكة سمتهما، والاعتدال قاسمهما المشترك”.
ثم تناول عددا من الاشكاليات التاريخية حول هذا الموضوع، فاعتبر ان “الاسلام والمسيحية يقبلان التنوع والتعدد”، متسائلا: “لماذا باسمهما مرة هنا، ومرة هناك، نقيم المتاريس ونفرق الناس؟ والإشكالية الحقيقية هنا، ماذا علينا أن نفعل كي نخرج من أتون العصبية البغيض؟”.
أضاف: “قد تطول القائمة في معالجة هذه القضية، وسأحاول أن أبوبها باختصار قدر الإمكان: ضرورة إعادة هيكلة البنية التربوية، وهذا يتطلب رؤية عملية لمادة التربية المدنية، قائمة على قبول الآخر، ومقاربة حضارية لما يسمى التعليم الديني، وما أدراك ما هي الأفكار التي يسوقها هذا التعليم، فلو كانت أمينة للكتب السماوية، أقولها دون تردد، لكان شرقنا بأسره بألف خير.
إيجاد فرص شراكة حقيقية، وتواصل حقيقي بين مكونات المجتمع المختلفة، تكون عابرة للطوائف، وهذا ما تجلى في فكر شهيد لبنان الكبير الشيخ رفيق الحريري، من خلال حرصه الدائم على أن يرتكز خطابه الوطني على ضرورة إعادة وصل ما انقطع بين المسيحيين والمسلمين أثناء الحرب الأهلية العبثية، والعمل مجددا على حياكة نسيج المجتمع اللبناني بخيوط المودة والشركة والمحبة والانتماء للبنان الرسالة”.
وتابع: “لقد ترجم الشهيد عمليا هذا الفكر من خلال انفتاحه الواضح على الجميع، فقد علم المسلم والمسيحي، وأعطى المسلم والمسيحي، وحاول أن يجذب الكادرات والقيادات المسيحية، ليكون تيار المستقبل نبضا على حجم وشكل كل لبنان.
وعطفا على هذه النقطة، نلتمس ضرورة تقديم النموذج المنفتح، ليكون قدوة للناس. وقد قيل في شخص الشهيد رفيق الحريري: “ما كان يطيق الانغلاق، فأروع الأمكنة لديه كانت تلك التي تطل على الآفاق الواسعة، وأسعد الأوقات لديه هي التبادل الفكري مع الآخر”.
وتحدث عن “القيادة الحكيمة المؤثرة إيجابيا في الناس، وقد تجلت خلال الأحداث الاخيرة، بموقف دولة الرئيس سعد الحريري، الذي حرر سنة لبنان من أهواء قد تدغدغ مشاعرهم، ووضعهم في قلب المعادلة الوطنية، داعمين للجيش اللبناني ولمؤسسات الشرعية، وأظن أن القاصي والداني في السياسة، قد أشاد بموقف الرجل، الذي خلق ارتياحا شعبيا عارما في البلاد، واثبت أن نهجه، وفكر تيار المستقبل، كانا وسيبقيان ضمانة الاعتدال في لبنان”.
وفي موضوع العدالة والإنماء المتوازن، قال: “لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يهمل مواطن على حساب آخر، فالفقر يولد الجريمة، والشعور بالظلم يوقد نار الانتقام والرغبة في قلب الطاولة على رأس الجميع”.
واعتبر أن “مسؤولية رجال الدين تكمن في ضبط الخطاب الملتزم الواعي الأمين لحقيقة الأديان السماوية، فلا دين يدعو للقتل والإجرام والإقصاء والتكفير”.
وتناول “مسؤولية وسائل الإعلام في الابتعاد عن كل أشكال التحريض وتسليط الأضواء على قضايا وتضخيمها دون سواها، وتعزيز روح المواطنة، لنمسي مواطنين ننتمي إلى لبنان، لا عشائر ننتمي إلى طوائف تعيش على أرض لبنان. وقد تطول القائمة في البحث عن السبل الآيلة إلى وصولنا إلى نجاتنا، ونجاة أبنائنا، وبالتالي نجاة بلدنا، من أتون العصبية والتطرف. ويبقى المعيار في ما نبذله نحن من جهود حقيقية”.
وقال: “داعش اليوم تستهدف المسلمين قبل المسيحيين، هي رمز لبربرية تحمل الشعار ولا تدرك مضمونه، هم الصليبيون الجدد حقا، يخدعون الناس ويستغلون قهرهم وفقرهم، وأحيانا أخرى فقرهم وإفلاسهم الفكري. داعش ليست مسلمة، الإرهابيون التكفيريون لو أنهم يفقهون حقا في الفكر الإسلامي، لما قتلوا، وأرهبوا الناس، لما كفروا وصنفوا العباد.
الإسلام والمسيحية لهما في شراكة الاعتدال مساحات رحبة. والمشكلة ليست في الإسلام، ولا في المسيحية، المشكلة حقا هي في أمانة المسلمين لإسلامهم، وصدق المسيحيين مع مسيحيتهم. ولأن نسبة من الأمناء والصادقين، ما زالت موجودة، ما زال الأمل بقيامة لبنان موجود”.
وختم: “فلنسجد في محراب الحق، ولنقرع أجراس المحبة، مرتلين أهازيج مسار إلى قلب الإله، فهو الرحمن الرحيم، وهو المحب العادل، ومن معينه نكتسب القدرة والحكمة والحنكة، لنقدم مثالا حيا في بيئتنا ومجتمعنا، لنكون قادة حقيقيين في مواجهة الجهل والظلامة، مستشرفين المستقبل، ساعين إلى التميز والتجديد، متحلين بالصبر الجميل، مؤمنين أن لبنان لنا جميعا، وسنبقى معا بإذن الله”.