نظمت الجمعية المسيحية الأرثوذكسية الدولية – IOCC، بدعم من اليونيسيف، وبالتعاون مع البرنامج الوطني لتغذية الرضع وصغار الأطفال في لبنان، ثلاث
ورش عمل بعنوان “التغذية المثلى للرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ – حماية الفئات المستضعفة في أوقات الشدة”، في فندق “روتانا أرجان”، الروشة – بيروت، والبقاع (“شتورة بارك”)، والشمال (جامعة البلمند – الكورة)، بمشاركة ممثلين للمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية العاملة في مجال الاغاثة في لبنان.
وتأتي ورش العمل هذه كمتابعة لصدور البيان المشترك في شأن “تغذية الرضع وصغار الأطفال في الظروف الإستثنائية والصعبة” الذي يتوافق مع القانون اللبناني 2008/47 المستند الى المدونة الدولية لتسويق بدائل حليب الأم. وقد صدر البيان في تشرين الثاني 2012 عن وزارة الصحة العامة، وزارة الشؤون الإجتماعية، منظمة الصحة العالمية، اليونيسف، المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، برنامج التغذية العالمي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وأقرّته مجموعة العمل حول الصحة المشتركة التي يشارك في رئاستها منظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين. يذكر أن هذه الورش هي إحدى الأنشطة التي أقرتها المجموعة الصحية حرصا منها على ضمان الممارسة الفضلى عند استجابة المنظمات غير الحكومية لحالات الطوارئ وحماية صحة الرضع وصغار الأطفال في الحالات الطارئة. ومن شأن ورش العمل هذه تعزيز الشراكات والتنسيق بين المنظمات غير الحكومية في مساعدة الفئات المستضعفة والهشة في لبنان، انطلاقا من رؤية وطنية مشتركة وإطار عمل موحد حول تغذية الرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ.
زيروال
بداية، ألقى ممثل اليونيسيف الدكتور عز الدين زيروال كلمة شدد فيها على أن “الرضاعة الطبيعية تنقذ حياة الأطفال في حالات الطوارئ، وهذا ما أثبتته الدراسات وهذا ما تؤكده اليونيسيف، منظمة الصحة العالمية، والمنظمات الصحية في جميع أنحاء العالم”، وقال: “أنا مؤمن بأنه إذا كانت أم واحدة لا ترضع طفلها، فهذه حال طوارئ في ذاتها. إن الكوارث تحصل دائما في كل أنحاء العالم. نحن لا نستطيع ردعها لكننا حتما نستطيع أن نتحضر لها ونخفف من عواقبها على البشر، ولا سيما على الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة أي الاطفال دون الخمسة اعوام”.
وأضاف: “ان التغذية السليمة تساعد على منح كل طفل أفضل بداية في الحياة، وأن اليونيسيف عملت منذ تأسيسها على التغذية الهادفة إلى تحقيق حق كل طفل في التغذية المناسبة. ومن هذا المنطلق، تستمر اليونيسف بالتزام توسيع نطاق برامجها الغذائية لكونها الوكالة الرائدة في مجال التغذية، ولا سيما في لبنان بحيث انها على استعداد لدعم تغذية الرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ استنادا إلى تجربة حرب تموز 2006”.
وتابع: “إذا تم تشجيع الرضاعة الطبيعية على نحو أكثر فاعلية وحماية الامهات من التسويق الشديد لبدائل حليب الأم، لكنا رأينا عددا أكثر من الأطفال الناجين وانخفاض في معدلات الامراض وسوء التغذية. اليونيسيف اليوم اكثر التزاما من اي وقت مضى موضوع التغذية والممارسة الغذائية الأفضل للمنظمات المستجيبة في حالات الطوارئ من أجل حماية صحة الرضع في أوقات الطوارئ واتباع الممارسات الفضلى في الاستجابة”.
وختاما، شكر ممثل اليونيسف الجمعية المسيحية الأرثوذكسية الدولية IOCC “لتنفيذها ورش العمل هذه ولوزارة الصحة والبرنامج الوطني لتغذية الرضع وصغار الأطفال لدعمهما المستمر.
الزين
ثم ألقى منسق البرنامج الوطني لتغذية الرضع وصغار الأطفال، رئيس الجمعية اللبنانية للطفولة المبكرة الدكتور علي الزين كلمة شدد فيها على انه “في أوائل التسعينات عند بدء العمل بالرضاعة في لبنان كانت اليونيسيف هي الأساس في تأسيس العمل”.
وأضاف: “الرضاعة الطبيعية هي أحد أسباب استمرار الجنس البشري، ونحن اليوم أكثر تخلفا مما كان الوضع عليه قبل عشرين او ثلاثين عاما بسبب الانتقال من الرضاعة الطبيعية الى بدائل حليب الأم او الحليب المصنع”.
وأوضح ان “البرنامج الوطني يعمل مع أمهات الشعبين اللبناني والسوري لمساعدتهن على ممارسة او العودة الى الرضاعة الطبيعية وعلى تطبيق القانون الذي صدر عام 2008 وتم تفعيله عام 2011″، متأسفا، في الوقت عينه، ان هناك اليوم مسافة كبيرة بين القانون وبيننا، لذا نحن ندعو الى بناء شراكة حقيقية مع كل أمهات لبنان وابنائه”.
وشكر لوزير الصحة العامة علي حسن خليل “دعمه المستمر للبرنامج الوطني لتغذية الرضع وصغار الأطفال، ولليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية اللتين ادتا دورهما الطبيعي ودعمتا الجهات الوطنية العاملة من أجل إقامة برامج واستراتيجيات وطنية من أجل غد أفضل لأطفال لبنان وكل أطفال العالم”.
برباري
ثم قدمت مديرة البرامج في الجمعية المسيحية الأرثوذكسية الدولية IOC ليندا شاكر برباري لمحة عن تغذية الرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ، مشددة على أن “فترة الحمل وأول سنتين في حياة الطفل هي “نافذة الفرص” الحاسمة لمنع تعثر نمو الطفل”.
ثم عرضت فوائد الرضاعة الطبيعية على الام والطفل: “فعند الطفل، مثلا، توفرالرضاعة الطبيعية التغذية المثلى والنمو للطفل، وتجعله اقل عرضة للوفاة، وتزيد من ترابطه مع امه ومن مناعته ضد الامراض والالتهابات، وتقدم له الحماية من الحساسية والاسهال، وتخفض من خطر تعرضه للامراض المزمنة كالسكري وامراض القلب والربو وبعض انواع الامراض السرطانية، وتخفف من نسبة السمنة في مرحلة الطفولة، بالاضافة الى فوائد أخرى في معدل الذكاء والسلوك. أما عند الأم، فتخفف الرضاعة الطبيعية من خطر النزف الرحمي وتساعد الرحم على العودة إلى حجمه السابق، وتقلل من نسبة الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، وتساعد الأم على خسارة الوزن والعودة إلى الوزن الذي كانت عليه ما قبل الولادة، وتخفف من نسبة الإكتئاب ما بعد الولادة”.
ثم عددت الممارسات الفضلى للتغذية المثلى وهي: المباشرة الفورية بالرضاعة، الرضاعة الحصرية (6 أشهر)، استمرار الرضاعة (سنتين أو أكثر)، والتغذية المكملة.
وعرضت اخطار “التغذية الاصطناعية (عدم وجود أمن غذائي وتبعية، غياب التعقيم، الكلفة وعدم التوفير، غياب الحماية، تشكيل الزجاجة والحلمات الاصطناعية مصدرا آخر للعدوى”.
وشرحت “التحديات التي تواجهها التغذية المثلى للرضع وصغار الأطفال وهي: ان المساعدات غير المناسبة في حال الطوارئ قد تزيد من التغذية الاصطناعية، ممارسات التغذية ما قبل الطوارئ قد تكون دون المستوى الأمثل، عند نشوء حال طوارئ، نسبة من الأطفال قد لا ترضع”.
وتطرقت الى “المفاهيم الخاطئة عن الرضاعة كالمفهوم السائد بان الضغط النفسي يخفف من نسبة الحليب، او ان الأم التي تعاني سوء التغذية لا يمكنها الإرضاع، او ان الأم ليس لديها حليب كاف، او انه لا يمكن الأم التي أوقفت الرضاعة أن ترضع من جديد، او انه في حال مرضت الأم يجب إيقاف الرضاعة، او ان الاطفال الذين يعانون الاسهال يحتاجون إلى تناول الماء والشاي”.
وعرضت مدير برامج ال IOCC للارشادات التوجيهية والأطر الاستراتيجية والمبادرات العالمية عن تغذية الرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ، بما فيها المدونة الدولية لتسويق بدائل حليب الأم”. وشددت على انه “غالبا ما تعتبر حالات الطوارئ فرصة لفتح السوق لحليب الأطفال و”أطعمة الأطفال” أو تمرينا لممارسة العلاقات العامة، وهذا انتهاك للمدونة الدولية بحيث ان اخطار الحليب المصنع في حالات الطوارئ كثيرة”.
وتوقفت عند “الدليل العملي لتغذية الرضع وصغار الأطفال الذي ينص على ضرورة ان إقرار السياسات وتطويرها، وتدريب الكوادر، وتنسيق العمليات، والتقويم والرصد، وحماية التغذية المثالية للرضع وصغار الأطفال وتشجيعها ودعمها عبر تنفيذ تدخلات متكاملة ومتعددة القطاعات، بالاضافة الى التقليل من خطورة التغذية الاصطناعية والتقيد بتوجيهات دليل “اسفير” (الميثاق الإنساني والمعايير الدنيا في مجال الاستجابة الإنسانية).
ايمان الزين
ثم قدمت ايمان الزين من الجمعية اللبنانية لتنمية الطفولة المبكرة لمحة عن “وضع تغذية الرضع والاطفال خلال الطوارئ في لبنان وخبرات لبنان السابقة في هذا المجال، ولا سيما خلال حرب تموز 2006، حين تشاركت الوكالات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني وغيرها في تقديم المساعدة الى النازحين والعائدين. وقد شملت المساعدات توفير المسكن والمستلزمات الطبية وتوزيع المواد الغذائية”.
واضافت: “أوردت التقارير أن العديد من المنظمات شاركت في توزيع حليب الأطفال لجميع أمهات المناطق التي عملت فيها. ولفتت الى ان إحدى الدراسات عن توزيع غذاء الأطفال أثبتت أن 50 في المئة من المنظمات المحلية المستجيبة قد تولت توزيع حليب الأطفال ضمن التوزيع الشامل للحصص الغذائية على النازحين والعائدين. أما المنظمات غير الحكومية المستجيبة وعددها أربع، فلم تقم بتوزيع حليب الأطفال حينها. كما كانت هناك مفاهيم خاطئة لدى الأمهات بأن حليبهن ليس كافيا أو أن الخوف والضغط النفسي سيؤثران على قدرتهن على الرضاعة. عدد ضئيل من الأمهات فقط تفاخرن بنجاحهن في الرضاعة الطبيعية المستمرة. وبينت الدراسة أنه بسبب الحرب 65 في المئة من الأمهات تأثرن سلبا في ممارسة الرضاعة الطبيعية (الصدمة النفسية والغذاء غير الجيد)، 25 في المئة أوقفن الرضاعة كليا، و40 في المئة أعطين أطفالهن الأطعمة المختلطة”.
وتابعت: “ان التوصيات، في هذا المجال، تضم ضرورة التعاون والتنسيق بين المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية العاملة على الارض، وتدريب العاملين في مجال الصحة على مساعدة الامهات بعملية الارضاع واقناعهن بالاستمرار في الرضاعة، وتوزيع حصص الاغاثة اللازمة والضرورية بعد درس الحاجة اليها، والتقيد بالسياسة الوطنية التي تتضمن التوجيهات في العمل خلال الطوارئ”.
علي الزين
ثم تحدث منسق البرنامج الوطني لتغذية الرضع وصغار الاطفال الدكتور علي الزين عن “السياسة الوطنية لدعم تغذية الرضع وصغار الأطفال في حالات الطوارئ”، مشددا على “ضرورة ان تنفذ المنظمات برامجها لدعم تغذية الرضع وصغار الاطفال، بالتنسيق مع البرنامج الوطني لدعم الرضاعة في لبنان وقنواته.
في ختام اللقاء، وزعت على الجمعيات المشاركة نسخ من “الدليل العملي لعاملي ومديري برامج الاغاثة في الطوارئ، والمدونة الدولية لتسويق بدائل حليب الام والتغذية في الطوارئ، بالاضافة الى البيان المشترك عن تغذية الرضع وصغار الاطفال في الظروف الاستثنائية والصعبة الصادر في تشرين الثاني 2012 عن وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، وبرنامج التغذية العالمي، وصندوق الامم المتحدة للسكان، والذي اقرته مجموعة العمل عن الصحة المشتركة التي تتشارك في رئاستها منظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وقد دعيت المنظمات المشاركة في جلسة العمل إلى تبني البيان المشترك الذي سيتم إطلاقه في الأسابيع القليلة المقبلة.