لا ندري ما إذا كان فيلم “السفاح” الذي بدأ عرضه في الصالات اللبنانية هو بداية تراجع في مستوى مواضيع أفلام السينما المصرية، أم ان السينما بدأت تتجه الى نوع من التجارة الرخيصة التي يسعى من خلالها الممولون الى تحطيم الرقم القياسي في شباك التذاكر، ولكن حتى إذا كان الغرض من وراء “السفاح” هو التجارة و ليس الفن فقد فشل المخرج “سعد الهنداوي” وكاتبيَ السيناريو “خالد الصاوي” وعطية الدرديري وعلى رأسهم الكاتب “خالد عكاشة” باختيار القصة المناسبة التي تجذب الجمهور.
قصة “السفاح مراد” مقتبسة من قصة حقيقية لفتى من عائلة ارستقراطية يدفعه وضعه النفسي والتشرذم العائلي الى السرقة فتتطور حالته الى القتل بدون وعي.
يسجن “مراد” في سجن الأحداث وهناك يكتسب القوة التي تحوّله الى “سفاح” لأسباب السرقة احياناً وأحياناً أخرى لأسباب شخصية.
ولأنه شاء أن يصبح ضابطاً، قرر الالتحاق بالجبهة العراقية الإيرانية عام 1985 في معسكر المغاوير في العراق عله يثبت لنفسه ولعائلته بانه تخلص من الماضي الاسود وفي الوقت نفسه يكون المعسكر مجالاً للتدريب.
في المعسكر يتعرف “مراد” على شاب لبناني يأخذه الى لبنان ليشارك في الحرب الأهلية، فيعمد قبل مغادرته لبنان الى قتل صديقه.
يعود “مراد” الى مصر ليبدأ صفحة جديدة في حياته بالتعرف الى امرأة متزوجة، تمنحه الراحة والحب والأمان وهنا تبدأ صورة الانفصام واضحة في سلوكه وشخصيته، فتارة يظهر بقمة الحنان وتارة أخرى نراه ينفذ بعض العمليات التي تسبب دخوله إلى السجن حيث يتعرف على ثلاثة مهندسين متهمين بالاتجار بالحشيشة كان قد دسّها لهم صاحب العمل كي لا يدفع لهم مستحقاتهم.
ويبدو أن لمراد ذاكرة تحتفظ فقط بالسلبيات ولا تخطط إلا للإجرام، فمع خروجه من السجن يتزوج تلك المرأة ويخطط لقتل الرجل الذي تسبب بحبس المهندسين وفي هذه الأثناء يلتقي بصديقه اللبناني الذي ظن أنه قتله فيكتشف أنه ما زال حياً ويتفق معه على تنفيذ أمر القتل لـ”عالم مصري” يحتفظ بـ”مايكرو فيلم” لأبحات توصل من خلالها الى نتائج ذات قيمة، وهنا تظهر شخصية “مراد” الثانية وهي الشخصية العاطفية فبعد جدال مع “العالم” يتركه ويفضل ان يقتل مرافقه كي لا يبوح بما جرى للبناني.
النهاية جاءت متوقعة إلا أن المخرج قد “طعّمها” بنكهة مميزة نجح فيها بتلوين الروتين، فبعد حكم الإعدام يطلب “مراد” أن يرى الضابط الذي حقق معه أول مرة، فهو كان يعتبره مثالاً وحلماً لم يحققه بالإضافة الى ان الضابط قد تعاطى معه حينها بمنتحى الحنان الذي فقده “مراد” في منزله.
في التحليل:
اعتمد المخرج على “عناوين” متتالية كالتاريخ وتعبير المذبحة لكي يمهّد لنا الأحداث ويبرهن استناده إلى معطيات موضوعية ووقائع تاريخية معيشة وكأنه لم يستطع ان يوضح فحوى الصورة من خلال مشهد فجاءت العناوين كالتالي:
– الانتقال الى الجبهة العراقية الإيرانية عام 1985.
– 1978: 4 سنوات قبل المذبحة.
– غزو العراق للكويت في 2 آب 1990.
– اسبوعان قبل المذبحة… فهو مهّد للمذبحة التي جعلتنا نتساءل عن ماهيتها. وهنا نعترف له بانه نجح باستعمال هذا التعابير التي شغل ذهن المشاهد بها.
لم يقدم الفيلم أي جديد لا من حيث الطرح ولا من حيث المضمون، فرغم ان القصة مقتبسة من الواقع الا انها لم تطرح إشكالية ذات مضمون قوي ولا حلاً لبعض النقاط المطروحة. وهي جاءت من باب العرض التجاري لقصة متوقعة النهاية وهي الإعدام.
في التصوير اعتمد “الهنداوي” الأسلوب التقني العادي والبسيط فلم نرَ مبالغة او أية مشاهد جاذبة،
أما الموسيقى التصويرية فكانت على وتيرة واحدة لم تتغير، ما أحدث مللاً لدى المشاهد، والسبب هنا إما أنه ضعف في الإنتاج أو لاستخدام الشخص غير المناسب الذي لا يلم بقدر كافٍ بالتنوع الدرامي للموسيقى.
اما المؤثرات البصرية فبدت ضعيفة وغير مقنعة كأحد مشاهد القتل، فمراد يقتل زميله وجهاً لوجه فكيف ينتقل الدم بكمية هائلة الى وجه مراد وثيابه؟ وهذا المشهد ومشاهد عدة أخرى هي بمثابة اسقاط من الأفلام الأجنبية على الواقع العربي والمصري خاصة – على اعتبار تقدمها- كأفلام المخرج “Quentin Tarentino” اذ ان هذا الأخير يعتمد أسلوب المبالغة بإظهار الوحشية وهي أصبحت سمة خاصة به وبأعماله، اما السفاح فطابعه مختلف.
– وفي المشهد الذي يكتشف فيه بأن أمه قد ضربها زوجها، تقترب الكاميرا بطريقة طبيعية الى عينها مظهرة بشكل جلي بأن الـ “Painting Face” الذي وضع على عينيها ليس دقيقاً وظهر كأنه من صنع مبتدئين. وهنا لا ندري على عاتق من تقع المسؤولية: هل هي بسبب ضعف الإنتاج او لعدم خبرة الـ”Mack up Artist” بهذه التفاصيل السينمائية الدقيقة.
– اما الكارثة الحقيقية هي في مشهد الدمج بين الواقع والإرشيف بلمسة اعتبرها المخرج خفية وغير ظاهرة، فعندما كان “مراد” في لبنان خلال الحرب الأهلية ظهرت شوارع لا تمت للبنان بصلة وهي واضحة من خلال الاسلوب العمراني المصري الطابع، فلجأ المخرج لوضع الأعلام اللبنانية للدلالة الى الدولة، وهي محاوله فاشلة من كل النواحي المنطقية والعملية، وفي هذا المشهد أيضاً أدخل المخرج صوراًَ مؤرشفة من الحرب (وهذه الصور أيضاً لا تدلّ على الدمار ولا على الواقعية) فوقع المخرج بشرك التباين اللوني حيث بدا واضحاً للعيان الخطأ التقني غير المبرر في عمل سينمائي ضخم.
– لماذا الانتقاص من حقوق اللبنانيين في الفيلم؟ وهل اللبناني لا يستطيع إلا ان يكون ( شلمسطياً) واللبنانية (…)، فقد أتوا بالممثلة نيكول سابا لتأخذ دور الخائنة بيتها وزوجها فيما جعلوا من “خالد الصاوي” لبنانياً مجرماً لا يتلفظ الا بالألفاظ البذيئة وكأن تلك التعابير لا تخص الإ الشعب اللبناني بل وكأنها صفة التصقت باللبناني فبأي منطق كتب السيناريو؟ هل بمنطق الاستخفاف بالشعب اللبناني أو بمنطق تجاري هدفه استقطاب الجمهور خاصة اللبناني، وفي كلتا الحالتين فسوء النية موجود، حسب اعتقادنا.
– من ناحية التمثيل: بدا “مراد” البطل (هاني سلامة) متقناً دوره من حيث غياب اي ردة فعل له مبررة بالمرض النفسي الذي بدا واضحاً في مشاهد القتل تارة والحب والعطف تارة أخرى، فهو بدا بمنتهى البرودة.
ونلاحظ أن نيكول سابا تعودت على هذا النمط من الأدوار، وفي هذا الفيلم لم تضف الى رصيدها سوى العدد وإتقان اللهجة المصرية.
أما “خالد الصاوي”، ورغم تحفظنا على الكلام البذيء الذي نطق به بصفته لبنانياً الا انه أتقن دوره بمهارة عالية. وهذا يدل على لمعة مميزة تفرد بها “الصاوي”، فقد جعلنا نقتنع بانه لبناني أصيل وليس بلبناني بديل، هذا وبالنسبة لمسيرة “الصاوي” الفنية فيمكننا القول إنه أضاف إليها دور جديد نجح بأدائه.
أما باقي الابطال كالفنانة “سوسن بدر” و”سامي العدل” و”نبيل الحلفاوي”، فللأسف لم يقدموا إضافات للعمل سوى الدعم التجاري والتسويقي.
يستعيض مراد بالسلاح بديلاً عن أحضان أهله مصدراً للسلام والأمان، فعلى المخرج أن يستعيض بمواضيع ذات معنى ويستكملها بحل يفيد المجتمع عوض طرح مواضيع باتت تشكل روتيناً ونماذج مكرورة في السينما المصرية.
أليسار نافع
فقض هايل جداً … وبصراحه مقنع جداً ..
بس انا معترض على إنه استغل الشعب اللبناني في الترويج التجاري أو انه جاب شوارع ملهاش علاقة بلبنان …
اي فيلم بيتعمل بيكون الهدف الأساسي منه الفلوس … والهدف اللي كان عايز يوصله عن طريق الفيلم …يعطبر واصل للناس من قبل ما الفيلم يخلص .. لأن الأسباب النفسية والأمراض النفسية عند الشخ بتخليه يعمل حجات هوه مش مقدرها … وبالنسبة للشوار وإن خالص الصاوي طلع بدور عمال يشتم فيه … الشوارع دي عشان التكلفة المادية مشهد او مشهدين … اكيد المصريين وأي حد مسافرش لبنان .. عرف إن دي لبنان … واللبنانيين … عرفوا إن دي مش بلدهم وده مجرد ديكور … نوع من انواع التوفير …
والسينيما المصرية عمتاً تفقد الهدف بقلها فترة كبيرة جداً … واصبح المنتجين هدفهم الرئيسي هو الفيلم صاحب المناظر والمواضيع المخلة او السياسية البحتة
فإن يطلع فيم بيحاول إنه يغير مسار هذه الأفلام فـهذا شيك كويس ولكن لابد أن يكون هادف ايضاً